الحوار الأسريَّ الهادف

هو التفاعل بين أفراد الأسرة الواحدة عن طريق المناقشة، والحديث، عن كلِّ ما يتعلق بشؤون الأسرة، من أهداف، ومقومات، وعقبات، يتم وضع الحلول لها، بتبادل الأفكار، والآراء الجماعية، حول محاور عدة، ممَّا يؤدي إلى خلق الألفة والتواصل.

 الحوار الأسريَّ وسيلة علاجية، تساعد في حل كثير من المشاكل، كما أنه الوسيلة المثلى لبناء جو أسري سليمٍ، يدعم نمو الأطفال، ويؤدي بهم إلى تكوين شخصِية سليمة قوية، كما أنه يدعم العلاقات الأسرية بشكل عام، علاقة الآباء بالأبناء، وعلاقات الأزواج فيما بينهم.‏

الحوار الأسريَّ بين الآباء والأبناء، يؤدي إلى التآلف والتعاطف، وبناء علاقة ودية؛ حيث يشعر كل من الطرفين بقرب الطرف الآخر منه، واهتمامه بمشكلاته، ويؤدي إلى التكاشف، وقد يطور الحوار العلاقة بين الآباء والأبناء إلى علاقة صداقة، فتتلاشى الحواجز المعهودة، التي وضعت منذ أقدم الأزمنة، والتي كانت تمنع الأولاد من الإفصاح عمَّا يجول في خاطرهم، فيتعلم الطفل أن يصارح أباه أو أمه، بكل ما قد خطر بباله، ومن المعروف أنَّ الحوار السائد بين الآباء والأبناء، حوار يتعلق بأمور الدراسة، وهذا ما يجعل الحوار أمراً مملاً، إذ لا بد من حوار الأبناء، فيما يتعلق بأحاسيسهم، ومشاعرهم، وإرادتهم، وأفكارهم.‏

عن رسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): (خَيرُ الرِّجالِ مِن اُمَّتي الَّذينَ لا يَتَطاوَلُونَ عَلى أَهليهِم ويَحِنُّونَ عَلَيهِم ولا يَظلِمُونَهُم.)[1].

 وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (إنَّ المَرءَ يَحتاجُ في مَنزِلِهِ وعِيالِهِ إِلى ثَلاثِ خِلالٍ يَتَكَلَّفُها وإن لَم يَكُن في طَبعِهِ ذلِكَ: مُعاشَرَةٌ جَميلَةٌ وسَعَةٌ بِتَقديرٍ وغيرَةٌ بِتَحَصُّنٍ)[2].

أسسُ الحوار الأسريِّ:

 1- لعل من أهمها هو أبتداء لغة الحوار، منذ مرحلة الطفولة، حتى يعتاد عليه الطفل، عند الانتقال إلى مرحلة الشباب.

2- أن يكون حواراً هادئاً، يهدف إلى حل مشاكل الأسرة المتعلقة بجميع الجوانب الإنسانية، والعاطفية، والاقتصادية.

3- أن يكون حواراً مبنياً على الاحترام المتبادل بين الأطراف التي تبدي آراءها وأفكارها.

عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (إذا لم تجتمع القرابة على ثلاثة أشياء تعرضوا لدخول الوهن عليهم وشماتة الأعداء بهم وهي: ترك الحسد فيما بينهم، لئلا يتحزبوا فيتشتت أمرهم، والتواصل ليكون ذلك حادياً (حاوياً) لهم على الألفة، والتعاون لتشملهم العزة)[3].

 أهميَّةُ الحوار الأسريِّ:

* يعد الحوار الأسري أساس لعلاقات أسرية حميمة بعيدة عن التفرق والتقاطع.

* يساعد على نشأة الأبناء نشأة سوية صالحة.

* خلق التفاعل بين الطفل وأبويه، ممَّا يساعدهما إلى دخول عالم الطفل الخاص.

* له قيمة حضارية للمجتمع بأكمله؛ لأنَّه يجعل من الأسرة كالشجرة الصالحة التي لا تثمر؛ إلا ثماراً صالحة طيّبة.

* تعد الأسرة المصدر الأول لمعرفة الطفل، والأكثر مصداقية بالنسبة له، وذلك ما يكسبه مبادئ الحقائق الصحيحة.

 * للحوار الأسري أهميَّة كبيرة في إبعاد الطفل عن الانحراف الخلقي والسلوكي.

 


[1] مكارم الأخلاق للطبرسي: ص 216.

[2] تحف العقول للحراني: ص322.

[3] تحف العقول للحراني: ص323.