تتجدّد على أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام مصيبة استهداف ضريح الإمامين علي الهادي والحسن العسكري عليه السلام بتفجير المئذنتين الشريفتين بتأريخ (27 من جمادي الأول سنة 1428 هـ) في مدينة سامراء، فإنّ القاصي والداني يعلم ما لهذا الضريح من القدسية العظيمة عند شيعة أهل البيت عليهم السلام، فكانت محاولة يائسة من قبل المنفّذين لإشعال نار الفتنة وتأجيجها في المجتمع العراقي، الذي يعيش في بلد كان ولا يزال مسرحاً لأعمال للعنف والقتل من قبل جهات مجهولة مغرضة تتّضح توجهاتها من خلال أعمالها الدموية، فلم ينجحوا بزرع الفتنة بين نسيج الشعب المتآلف بمحاولتهم الأولى بتفجير الضريح المقدس، والذي صادف يوم (23 محرم 1426)، والذي انهارت فيه قبّة الضريح التي تعتبر واحدة من أكبر قباب العالم الإسلامي، فخرج آلاف المتظاهرين، ومن ضمنهم أهالي سامراء، احتجاجاً على الاعتداء الآثم وهم يحملون عمامة الإمام علي الهادي عليه السلام وسيفه ودرعه المحفوظة في أحد سراديب المرقد، هاتفين بالدفاع والذود عن الإمامين العسكريين عليهما السلام، فعمّت مظاهر الغضب والاستنكار في مدن العراق جنوبه ووسطه، فخرج آلاف الشيعة في تظاهرات احتجاجية على تفجير المرقد الشريف مردّدين هتافات مندّدة بالمحتل والبعثيين والوهابيين والنواصب، فكانت دعوة المراجع الشيعية دامت ظلالهم و رجال الدين إلى ضبط النفس وعدم الانجرار وراء فتنة يراد منها التناحر والتعرض لمقدسات الآخرين، فقامت جماعات مسلحة مجهولة مغرضة مدعيّة هذا المذهب أو ذاك ببعض أعمال العنف، وما هم إلا نفس الجماعات التي باشرت التفجير، مستغلين حالة الغضب والغليان لدى عامة الناس لتنفيذ مآربهم، فالتساؤل المثير للريبة من المستفيد من هذا الاعتداءات الآثمة؟، فهل هي محاولة لتفكيك النسيج الاجتماعي وإفشاء الطائفية بين إبناء المجتمع العراقي، وضرب وحدته وتآلف مذاهبه؟؟ والتي عاش فيها قروناً متجانساً ومُتآخياً، لِمَ هذا الإصرار على محاربة الأئمة عليهم السلام في مماتهم كما كان في حياتهم؟ هل أنّ ذكراهم تقضّ مضاجعهم؟، فالعراقيون في هذا الاعتداء والذي قبله التزموا بتوجيهات المرجعية الرشيدة والمتمثلة بسماحة آية الله العظمى السيد السيستاني، فأبوا إلا التماسك والاتحاد والتوادّ فيما بينهم.
إن هذه الأعمال المغرضة هي من فعل أعداء الإسلام والمسلمين، فأحبط العراقيون مخططات المغرضين والمتصيدين في الماء العكر، فكان نتاجها عكس ما توخّاه أعداء الإسلام، وهو تماسك اللحمة بين أبناء العراق ورفض المخطّطات المغرضة ورميها في مزبلة التأريخ.