أشعب والسمك

بينما قوم جلوس عند رجل ثريّ يأكلون سمكاً، إذ استأذن عليهم أشعب، فقال أحدهم: إنّ من عادة أشعب الجلوس إلى أعظم الطّعام وأفضله، فخذوا كبار السّمك واجعلوها في قصعة في ناحيته، لئلا يأكلها أشعب، ففعلوا ذلك، ثمّ أذنوا له بالدخول، وقالوا له: كيف تقول، وما رأيك في السّمك؟ فقال: والله إنّي لأبغضه بغضاً شديداً، لأنّ أبي مات في البحر، وأكله السّمك، فقالوا: إذاً هيّا للأخذ بثأر أبيك!، فجلس إلى المائدة ومدّ يده إلى سمكة صغيرة من التي أبقوها بعد إخفاء الكبار، ثمّ وضعها عند أذنه، وراح ينظر إلى حيث القصعة التي فيها السّمك الكبير - حيث لاحظ بذكاء ما دبّر القوم له - ثمّ قال: أتدرون ما تقول هذه السّمكة؟ قالوا: لا ندري! قال: إنّها تقول إنّها صغيرة لم تحضر موت أبي، ولم تشارك في التهامه، ثمّ قالت: عليك بتلك الأسماك الكبيرة التي في القصعة، فهي التي أدركت أباك وأكلته، فإنّ ثأرك عندها!.