القاديانية

لو اتّبع قوم من الأعاجم رجلاً منهم مدعيّاً بطائفة أو مذهب أو بدين إسلامي جديد فهذا ليس بغريب، فبإمكانه أن يُدلِّس عليهم بكل بساطة لجهلهم باللغة العربية؛ لأن فيها أموراً تخفى عليهم، وبالتالي ينجح بادعائه، لكن الغرابة أَن يدّعي مُدَّع النبوَّةَ أو الاِنحراف عن دين الإِسلام، ومع هذا فإنك تجد له أتباعاً ومريدين من العرب أنفسهم، وتجدهم يناصرونه ويذودون بالمُهَج من أَجله، وهذا ما نراه من أَتباع الجماعة القاديانية، والتي هي محور كلامنا.

فنسأل أوّلاً: ما هي القاديانية؟

القاديانية أو ما يطلق عليها الأَحمدية: هي طائفة ظاهرة في اعتناقها للإِسلام، تؤمن بمؤسسها الميرزا غلام أحمد القادياني، الذي ولد في البنجاب التابعة للهند (1835م ـ 1908م) على أنه رسول الله بعد النبي محمد(صلى الله عليه وآله)، مما يعني ذلك عدم اعتقادهم بخاتمة الرسالة المحمدية (على صاحبها وآله أفضل السلام والتسليم)، وأن زمن الرسالات لم يختتم بعد!

ويعود تاريخ عائلة مؤسسها (الميرزا احمد القادياني) إلى أصول فارسية، وكان أجداده ممن تركوا خراسان الفارسية في القرن السادس عشر الميلادي في عهد الملك (بابر) مؤسس الحكومة المغولية في الهند، واستقروا في الهند، وقد نشأت الحركة القاديانية في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي في شبه القارة الهندية، ويشاع أن مؤسسها هو من يؤمنون به كنبيٍّ، وهو من أطلق على جماعته اسم القاديانية، نسبة لاسم بلدة أجداده (قاديان)، حيث وضع أُسساً لجماعته في عام (1889م)، وسمّاها الجماعة الإِسلامية القاديانية الأَحمدية. 

القاديانيين يرون أنهم مسلمون، وإنهم يقولون بختم النبوة، وأن الرسول(صلى الله عليه وآله) آخر الأنبياء، وفي الوقت نفسه يرون أن نبيّهم القادياني جاء بعد آخر الأَنبياء، ولا نعلم لهذا التهافت من أصل، وأيهما الخاتم نبي الرحمة محمد(صلى الله عليه وآله) أَم نبيهم المدّعي المزعوم، ويؤمنون أن نبيهم مثله كمثل عيسى(عليه السلام)، نابذا للحروب، مُديناً ومستنكراً لسفكِ الدِّماء، مُعيداً أُسس الأَخلاق والعدالة والسلام إِلى العالم، ويؤمنون بأنه سيخلّص الإسلام من الأفكار والممارسات المتعصّبة، ليعيده إلى شكله الحقيقي كما كان في عهد النبي محمد(صلى الله عليه وآله).

وتعتبر الجماعة القاديانية الأحمدية نفسها حركة إسلامية تجديدية، وادّعى الميرزا غلام أحمد بأنه مجدد القرن الرابع عشر الهجري، وبأنه المسيح الموعود تارة، والمهدي المنتظر من قِبل المسلمين في آخر الزمان تارة أخرى، حيث من المفترض أن يحقّق النصر النهائي للدين الإسلامي وفق النبوءات والتوقعات الإِسلامية.

ويؤكد القاديانيون على أَهمية استعادة جوهر الإِسلام الحقيقي من خلال معتقداتهم، ولذا ترجموا القرآن إلى (52) لغة عبر العالم، ويقفون موقف الحياد بالنسبة للسياسة، ولا علاقة لهم بها، بل يتعمّدون إبعاد الدين عن السياسة، كما يشدّدون على أتباعهم بعدم المشاركة في أي اعتراض على الحكومات مهما كانت ظالمة في أيِّ بلدٍ تواجدوا فيه.

وعانت جماعة القاديانية من التحجيم والنبذ بسبب عقائدهم الفاسدة في عدد من الدول الإسلامية، قد تخبّطوا في متاهات عديدة، وجاؤوا بأفكار شاذّة غريبة، وتناقضوا في أقوالهم وأفعالهم، ومن عقائدهم:

الحلول: ورأيهم فيه أن الله تعالى حل في بعض خلقه وامتزج به، بحيث تلاشت الذات الإِنسانية في الذات الإِلهية، فصارتا متحدتين غير منفصلتين.

التناسخ: وعليه لا تنقطع الرسالة بموت الرسول(صلى الله عليه وآله)، لأن روحه قد حلّت في بدن شخص آخر، وهو القادياني.

إلغاء الجهاد: فيدعوا القادياني إلى عدم الجهاد فيقول: (إن الفرقة الإسلامية التي قلّدني اللهُ إمامتها وسيادتها تمتاز بأنها لا ترى الجهاد بالسيف ولا تنتظره... وتحرمه تحريماً باتاً).

استمرار الوحي والنبوة: القاديانيون يؤولون قوله تعالى: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللِه وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ...)[1]، بمعنى: أن خاتم النبيين عندهم هو طابعهم، فيزعمون أن كل نبيٍّ يظهر بعد النبي(صلى الله عليه وآله) فإن نبوته تكون مطبوعة بخاتمه.

وقد انقسمت القاديانية إلى قسمين: الحركة الأحمدية في لاهور، وجماعة المسلمين الأحمدية، وهذا المصطلح قد اكتسب دلالات مهينة على مر السنين، لذا يفضلون التفريق بين حركتيهم المنفصلتين، فمعظم المسلمين لا يستخدمون مصطلح (مسلم) عند الإشارة إلى الأحمديين، مستشهدين بالفتاوى التي أصدرها علماء المسلمين، على الرغم من أن كلتا الطائفتين تدعيان الإسلام، وعموماً يرى جميع فقهاء السنة والشيعة أن أعضاء القاديانية هراطقةٌ وزنادقةٌ وخارجون عن الإِسلام.

المصادر:

(القاديانية: د. عامر النجار - أباطيل القاديانية في الميزان: د. محمد يوسف النجرامي - القاديانية الخطر الذي يهدد الإسلام: د. أحمد محمد عوف - معتقدات الجماعة الأحمدية الإسلامية: بشير محمود أحمد).

المصدر: مجلة اليقين العدد (39)

 


[1] سورة الأحزاب: 40.