آمنة بنت الشريد

من شيعيات الكوفة، زوجة عمرو بن حَمق الخُزاعي، ذلك الصحابي الكبير، وقد تميّزت بصفات قلّ توفرها في أحد، ولها موقف مشهود يدلّ على إيمانها وثباتها، حيث: روي أنه لما قتل أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب(عليه السلام)  بعث معاوية في طلب شيعته، فكان فيمن طلب عمرو بن الحمق الخزاعي، فراغ منه، فأرسل إلى امرأته آمنة بنت الشريد، فحبسها في سجن دمشق سنتين، ثم بعث معاوية برأس زوجها إليها، وقال للحرشي: احفظ ما تكلمت به حتى توديه إليَّ واطرح الرأس في حجرها، ففعل هذا، فارتاعت له ساعة، ثم وضعت يدها على رأسها وقالت: واحزنا! لصغره في دار هوان، وضيق من ضيمه سلطان، فنفيتموه عنّي طويلاً، وأهديتموه إليَّ قتيلاً، فأهلاً وسهلا ًبمن كنت له غير قالية، وأنا له اليوم غير ناسية، ارجع به أيّها الرّسول إلى معاوية، فقل له ولا تطوه دونه: أيتمَ اللهُ وِلْدَكَ، وَأَوْحَشَ مِنْكَ أَهْلَكَ، وَلا غَفَرَ لكَ ذَنْبَكَ.

فرجع الرسول إلى معاوية، فأخبره بما قالت، فأرسل إليها فأتته، وعنده نفر فيهم أياس بن حسل أخو مالك بن حسل، وكان في شدقيه نتوء عن فيه، لعظم كان في لسانه، وثقل إذا تكلم، فقال لها معاوية: أأنتِ يا عدوة الله صاحبة الكلام الذي بلغني؟

قالت: نعم! غير نازعة عنه، ولا معتذرة منه، ولا منكرة له، فلعمري لقد اجتهدت في الدعاء إن نفع الاجتهاد، وأن الحق لمن وراء العباد، وما بلغت شيئاً من جزائك وإن الله بالنقمة من ورائك.

فأعرض عنها معاوية. فقال أياس: أقتل هذه يا أمير، فوالله ما كان زوجها أحقّ بالقتل منها! فالتفت إليه، فلما رأته ناتئ الشدقين، ثقيل اللِّسان، قالت: تبّاً لك! ويلك! بين لحيتيك كجثمان الضفدع، ثم أنت تدعوه إلى قتلي كما قتل زوجي بالأمس، إن تريد إلا أن تكون جبّاراً في الأرض، وما تريد أن تكون من المصلحين.

رحمك الله أيتها المجاهدة التقية الشجاعة[1].

المصدر: مجلة اليقين العدد (60)، الصفحة (11).

 


[1] انظر: بلاغات النساء، ابن طيفور: ص59-60.