الإمام الصادق (عليه السلام) والأئمة الإسلامية

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الخلق وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم من الأولين والآخرين.

  في الخامس والعشرين من شهر شوال يستذكر علماء واتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) ذكرى شهادة الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام)، ولأجل التعريف بهذه الشخصية العظيمة تقام المجالس وتُعقد المؤتمرات والندوات من قبل أتباعه الجعفريين، وهذا هو ديدن الموالين والمحبين لأهل بيت النبوة (عليهم السلام) في السعي الدائم والحثيث في إقامة أمرهم والتعريف بذواتهم الطيبة على مدار السنة، لكن الغريب والملفت أن المدارس الأخرى من أبناء العامة لا يأتون على ذكر هذا الإمام الهمام (عليه السلام)، لا في مجالسهم الخاصة ولا العامة، ولا في خطب الجمعة، ولا غيرها من معاقد العلم والندوات والمؤتمرات! وإذا جادت بعض المنابر أو الكتابات بالتعريج على ذكره فإنه لا يتعدى أن يكون الذكر خجولاً مقتضباً! وكأن هذا الإمام هو إمام الشيعة خاصة! وكأنه (عليه السلام) لم يتصل برسول الله (صلى الله عليه وآله) حسباً ونسباً وإمامة وعلماً! بل كأنه (عليه السلام) لم يكن له الفضل على علماء ومؤسسي مذاهبهم، كمالك وأبي حنيفة! ألم يقل ابن حجر الهيثمي في كتابه (الصواعق المحرقة، ص 201): (جعفر الصادق نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان، وانتشر صيته في جميع البلدان، وروى عنه الأئمّة الأكابر، كيحيى بن سعيد، وابن جريج، ومالك، والسفيانيين، وأبي حنيفة، وشعبة، وأيوب السجستاني)! فلا يفسر هذا التجاهل والتجهيل إلا خوفاً من إقرار الحق لمدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، وخوفاً من أن تتغير البوصلة باتجاه الصراط المستقيم الذي أوصى به رب الجلالة ورسول الإسلام (صلى الله عليه وآله)! وهذا ما تخوف منه بعضهم، مِن أَن ذكر أهل البيت (عليهم السلام) والاعتناء بعلومهم ومقاماتهم وتاريخهم العظيم فإنه يعني رفع راية التشيّع! نعم إنه اتهام بالتشيع، كم اتهم الشافعي بالرفض والتشيع، وذلك بسبب ميله وحبه ومودته لأهل البيت (عليهم السلام)، حتى أنه قال:

إِنْ كَانَ رَفْضاً حُبُّ آلِ مُحَمَّدٍ        فَلْيَشْهَدِ الثَّقَلَانِ أَنِّيَ رَافِضِي

  لكن لو قدر أن تحجب مقامات أهل البيت (عليهم السلام) عن كثير من الناس فيما مضى من الأزمنة والدهور فهذا لا يعني دوام ذلك، بل سيأتي ذلك اليوم الذي سيُظهر الله تعالى دينه وولاية آل محمد (عليهم السلام) على رؤوس الخلائق أجمعين على يد صاحب الأمر والزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وإن غداً لناظره قريب.

مجلة اليقين العدد (50)