جامع الزيتونة أو جامع الزيتونة المعمور أو الجامع الأعظم، هو المسجد الجامع الرئيسي في المدينة العتيقة في تونس العاصمة في تونس، ويُعدُّ جامع الزيتونة أحد أقدم وأكبر وأشهر المساجد في تونس.
ويعتبر جامع الزيتونة من أماكن العبادة الرئيسية في مدينة تونس العاصمة حيث تقام فيه صلاة الجماعة كما ويتم فيه إحياء ليلة القدر في رمضان، وتقام فيه عدة احتفالات دينية مثل المولد النبوي الشريف.
ويعودُ السّبب الرّئيس في تسميتِه بجامع الزيتونة إلى أنّه بُني على مساحةٍ جُغرافيّةٍ تحوي في قلبها شجرةَ زيتونٍ واحدةٍ.
يقوم على الجامع هيئةٌ تُعرف باسم مشيخةِ الجامعِ الأعظمِ، ويحتلُّ المرتبةَ الثّانية من حيث تاريخِ البناء في القارّة الإفريقيّة، وحجمِ البناء في البلاد التونسيّة بعد جامع عقبة بن نافع في القيروان.
دور المسجد الحضاري:
لم يكن الفن المعماري وجماليته الاستثناء الوحيد الذي تمتع به جامع الزيتونة، بل برز دوره الحضاري والعلمي الريادي في العالم العربي والإسلامي إذ اتخذ مفهوم الجامعة الإسلامية منذ تأسيسه وتثبيت مكانته كمركز للتدريس، وذلك عبر جامعة الزيتونة، وقد لعب الجامع دوراً طليعياً في نشر الثقافة العربية الإسلامية في بلاد المغرب.
وقد ساهم جامع الزيتونة خلال فترة الاستعمار الفرنسي في المحافظة على الثقافة العربية الإسلامية لتونس، وقاوم بصلابة محاولات القضاء على انتماء تونس العربي الإسلامي، وكان جامع الزيتونة هو المدافع عن اللغة العربية في هذه الفترة الحرجة من تاريخ تونس.
التّاريخ:
بُني الجامع بطلبٍ من حسان بن النّعمان المعروف بالغَسّاني خلال عام (79هـ - 698م) ليَتَزامَن بناؤه مع الفتوحات الإسلاميّة للبلادِ التّونسيّة، وبعد مرورِ ستِّ سنواتٍ من التّشييد، قام الغسّاني بتوسعةِ الجامع ليكونَ ذا حجمٍ أكبرَ، وفي عام (116هـ - 736م) قام الوالي الإفريقي عبد الله بن الحبحاب بإكمال ما شيّده السابقون للجامع.
لم يبق شيء من البناء القديم للمسجد، لأنه قد تمَّ تشييدُه من جديدٍ بشكلٍ كُلَّيٍ عام 864م وأشرف على بنائِه الأمير الأغلبيّ أبو إبراهيم بن الأغلب، وتوجد كتابة في أسفل محراب الجامع تقول إن الأشغال أشرف عليها المعماري (فتح الله).
التّرميمات على امتداد تاريخ:
كان جامع الزيتونة محور عناية الخلفاء والأمراء الذين تعاقبوا على إفريقيا، فقد شهد الجامع العديدَ من عملياتِ التّرميم من قِبَل مُعظم السُّلالات التي حكمت البلاد التونسيّة باعتبارِه إرثاً تاريخياً مُهماً؛ حيث تمَّ عام 990م تشييدُ قبّة البهو من قِبَل المنصور بن زيري، وفي عام 1250م تمَّ وضع العديد من الخزّاناتِ المائيّةِ ذاتِ الحجم الكبير فيه من قِبَل الحفصيّ بن المستنصر، وفي عام 1316م تمَّ ترميم ركائزِ الجامع وزخرفةِ أبوابه، وفي عام 1450م زُوِّدَ بمكتبةٍ ذاتِ طرازِ تُركيٍّ، وفي عام 1637م شُيّد رواقٌ في الجزءِ الشّرقي من الجامع، وفي عام 1894م تمَّ بناءُ منارة ذات طرازٍ مُرابطيٍّ، وشهد الجامع بعد استقلال البلاد يوم 20 مارس عام 1956 م عملياتِ ترميمٍ شاملةٍ وكبيرةٍ، إلّا أنّه عانى من تدميرٍ وتهميشٍ خلال الثّورة التّونسية عام 2011 م، وحفاظاً عليه من المزيد من التّدمير تمَّ إغلاقُه لفترةٍ من الزّمن.
الهندسة والزخرفة:
تصل مساحة المسجد الإجماليّة إلى خمسةِ آلافِ متر مُربّعٍ، ويحتوي على تسعةِ ابواب، وهو يشبه جامع قرطبة وجامع عقبة بن نافع في القيروان، مع فنائه الخماسي، المحاط برواق، والرواق الذي يدير صحن الجامع يرتكز على أعمدة قديمة، بينما الأروقة الثلاثة الأخرى ترتكز على أعمدة من الرخام الأبيض المستورد من إيطاليا في منتصف القرن التاسع عشر.
في منتصف الفناء أو الصحن، توجد مزولة شمسية، تساعد على تحديد أوقات الصلاة.
قبة الصحن الموجودة في مدخل قاعة الصلاة، تتكون من زخارف من حجر المغرة والطابوق الأحمر. المحارب الموجودة في المسجد ترجع للطراز الفاطمي.
وتتميّز قبّة محرابه بزخرفة كامل المساحة الظاهرة في الطوابق الثلاثة بزخارف بالغة في الدقة تعتبر الأنموذج الفريد الموجود من نوعه في العمارة الإسلامية في عصورها الأولى.
قاعة الصلاة المعمدة ذات الشكل المربع (56 متر في 24 متر)، تغطي مساحة 344 1 متر مربع، بينما حوالي 160 عمود يحددون حدود 15 فناء و6 أروقة. المنارة المربعة في الزاوية الشمالية الغربية للفناء، يبلغ طولها 43 متر، وهي تشبه زخرفة المنارة الموحدية في جامع القصبة، وهي مصنوعة من الحجر الجيري.
وقد اعتمد أساساً على الحجارة في بناء جامع الزيتونة مع استعمال الطابوق في بعض الأماكن.
المصدر: بيوت المتقين (44) شهر شعبان 1438هـ