من داخل أوزبكستان يطلّ مسجد يعد أحد أشهر معالم مدينتها التاريخية الشهيرة سمرقند، هذا المسجد الذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1399م، والذي استغرق 4 سنوات لإتمام عمليات البناء والتي انتهت في عام 1403م، هو مسجد (بيبي خانوم) أو (المسجد الجامع).
سبب التسمية:
قد سمي (مسجد بيبي خانوم) بهذا الاسم نسبة إلى الاسم التي اشتهرت به (سراي الملك خانوم) زوجة تيمورلنك - قائد أوزبكي من القرن الرابع عشر ومؤسس السلالة التيمورية (1370 - 1405م) في وسط آسيا - ولا يعرف تحديداً أصل هذه المرأة التي تميّزت بجمالها الساحر، حيث يقول بعضٌ إنّها تركية الأصل، فيما يرى البعض آخر أنّها مغولية من نسل (جنكيز خان)، وقبرها ملحق بهذا المسجد.
شكل وبناء المسجد:
يتميّز تصميم المسجد بأنّه يجمع بين تخطيط المساجد الجامعة الأولى ذات الصحن المكشوف والمظلات الأربع وتصميم المدارس ذات الإيوانات الأربعة ويمزج بينها جميعاً وبين استخدام القباب، حيث يختزل هذا المسجد كل طرز العمائر الدينية المختلفة.
أمّا عن مواد البناء التي تمّ استخدامها في (بيبي خانوم) فكانت متعددة، حيث استخدم الطوب باللون الأزرق الفيروزي والداكن، بالإضافة إلى البلاطات الخزفية والرخام والفسيفساء الرخامية والزجاجية.
ويقع المسجد في الجهة الغربية والبوابة في الجهة الشرقية وتتوسطه ساحة طولها 76م وعرضها 63م، ويبلغ طوله 167م وعرضه 109م.
أمّا ارتفاع المدخل فيصل إلى 35م وبجانبه مئذنتان أسطوانيتان كسيتا ببلاطات خزفية بها زخارف هندسية، وبها كتابات مكررة بالخط الكوفي لعبارة (محمد رسول الله) مكتوبة مكررة.
قبته الفيروزية:
ويبلغ ارتفاع قبته 40م ذات اللون الفيروزي والتي كانت تعتبر أكبر قبة في العالم الإسلامي، وهي من طراز القباب السمرقندية ذات الطبلة أو منطقة الانتقال الطويلة، حيث تبدو أشبه ببيضة الدجاج، وقد تعرضت أجزاء من هذه القبة للدمار جراء الزلزال الذي ضرب سمرقند في عام 1897.
ويوجد (بمسجد بيبي خانوم) أربع مآذن بواقع مئذنة ذات بدن مربع الأضلاع في كل ركن من أركان الجدران الخارجية للجامع، وهي تزدان جميعاً ببلاطات من الخزف الملون.
ويتوسط الجامع صحن أوسط مكشوف 76م طولاً و63 عرضاً، وتحيط به أربع ظلات للصلاة أكبرها ظلّة هي ظلّة القبلة، هذه الظلة التي تعتبر بمثابة حرم أو بيت صلاة صيفي، حيث استطاع مهندس المسجد أن يصممه بشكل يستوعب الظروف المناخية لسمرقند حيث جمع بين القاعات التي تتماشى مع جو الصيف، وأخرى تناسب الشتاء.
ويحيط بالمسجد سور، يضم مسجدين صغيرين متقابلين في الجهة الجنوبية والشمالية ثم اتصلا مع باقي الأبنية برواق يرتفع على 400 عمود رخامي وتعلوه القباب.
مسند رخامي للقرآن ومخطوطة سمرقند:
ويوجد بالمسجد مسند رخامي للقرآن كان قد وضعه (أولوغ بيك) - الابن البكر لمعين الدين شاه رخ التيموري، وكان أميراً وعالم فلك ورياضيات وضالعاً في هندسة الفضائية -، وتم نقل المسند الرخامي فيما بعد إلى ساحة المسجد، وكان يوضع عليه المصحف العثماني أو مخطوطة سمرقند، هذه المخطوطة الشهيرة التي تسمى أيضاً مصحف سمرقند وقرآن طشقند، وهي عبارة عن نسخة مخطوطة من القرآن.
وظلّت هذه المخطوطة موجودة حتى استولى الروس على سمرقند ونقلوها إلى سانت بطرسبرج، ثمّ أعيدت وتم نقلها إلى طشقند.
المصدر: بيوت المتقين (77) شهر شوال 1441هـ