السيّدة زينب(عليها السلام)، هذه المرأة الرّساليّة الصّابرة المتحدّية، التي استطاعت من خلال مواقفها في کربلاء مع أَخيها الإِمام الحسين(عليه السلام)، أَن تُبرز الصّورة الحقيقيّة للمرأة الواعية التي تربّت في حضن الإِسلام، فلم تسيطر عليها عاطفتها، ولم تخضع لضعفها الجسديّ، بل کانت الإِنسانة القويّة الصّلبة التي لا تهزمها الآلام حتى لو کبرت، ولا ينال منها کلّ الذين يملکون السّلطة والجبروت ويمارسون الطّغيان، بل وقفت أَمامهم بکلّ جرأةٍ، تکشف منطلقاتهم، وأَساليبهم، والأَهداف الّتي يتحرّکون من أَجلها، وتزيل عنهم غطاء الشّرعيّة الإِسلاميّة التي کانوا يتغطّوْن بها.
ولم تغفل السيّدة زينب(عليها السلام) عن دورها کزوجةٍ وأُمّ، بل أَکّدت هذا الدّور، ومع ذلك فإِنّها کانت تعتبر أَنّ دور المرأة هو أَعمّ من دورها في البيت، أَو تربيتها لأَولادها، وأَنّ هناك واجباً ينبغي أَن تقوم به، وهو الأَمر بالمعروف والنّهي عن المنکر، قال تعالى: (الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنکَرِ) [1].
وهذا الدّور المتکامل هو الّذي جعلَ المرأة المسلمة فاعلةً في کلِّ التّاريخ الإسلاميّ، لتساهم في بناء مجتمعٍ قويٍّ، يقف أَمام الظّلم والطّغيان، ويکون فاعلاً في أَيّة مقاومةٍ تواجه معتدياً ومحتلاً.