تقوم فلسفة الحجاب في الإسلام بصورة إجمالية على رفع مستوى كرامة المرأة واحترامها، والحيلولة دون ابتذالها، والإسلام يُريد حصر أشكال المتعة الجنسيّة بأنواعها في محيط الأُسرة والعلاقات الشرعية، ويبقى المحيط الاجتماعيّ العامّ ميداناً للعمل والإنتاج والنشاطات الحياتية الأخرى، وهو يُريد فصل هذين المُحيطَين عن بعضهما بشكل كامل، خلافاً للأنظمة غير الإسلامية المعاصرة، حيث تخلط العمل والإنتاج والنشاط الاجتماعي بالّلذة الجنسيّة.
هكذا قالوا: الرجل صيد - من زاوية القلوب - والمرأة صائد، والمرأة صيد - من زاوية الأجساد - والرجل صائد، وإن الميل نحو التجمُّل عند النساء يعد من أسباب اختصاص حكم الستر في الإسلام بهن دون الرجال، وهذا الميل للظهور الأنيق عند المرأة له علاقة - غالباً - بإرضاء قلب الرجل.
إنّ طبيعة الإنسان صالحة للإثارة بدرجة عالية، ومن الوهم أنْ يشكّ أحد في ذلك، فيظنّ أنّ قابليّة الإنسان للإثارة محدودة بحدٍّ معين، يمكن أن تتعطل بعد تجاوزه، فكما أنّ البشر ـ رجالاً ونساءً ـ لا يشبعون من الثروة والجاه، كذلك الأمر بالنسبة للجنس، فليس هناك رجل يشبع من الاقتران بالنساء، كما ليس هناك امرأة تشبع من لفت أنظار الرجال، وبالتالي قلب الإنسان لا يشبع.
لذلك اهتم الإسلام اهتماماً كاملاً بهذه الطاقة الغريزة الحادّة، وقد وردت نصوص كثيرة في القرآن الكريم تقنِّن العلاقة بين الرجال والنساء، وفق معطيات الطبع البشري، وتضمّن آيات محكمة بيان خطر النظر والخلوة بالمرأة، ووضعت الشريعة السمحاء تدابير نافعة في صدد توجيه هذه الغريزة، وحدّدت تعليمات وتكاليف تضمن الأمان والاطمئنان للرجال وللنساء.
قال تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ... وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ)[1].
فهذه الآيات الكريمة لا تسمح للرجل والمرأة أنْ يتفحّصَ كلٌّ منهما الآخر في النظرات، وعليهما - كليهما - أنْ يتجنّبا النظر بشهوة، كما خصّت النساء بتكليف منفرد، وهو وجوب ستر أجسادهن أمام الرجال الأجانب، وأنْ لا يظهرنَ في الملأ العام متبرِّجات، وألا يُمارسنَ بأيّة صورة عملاً يؤدّي إلى إثارة الرجال الأجانب.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (34)