هو مسجد حديث شُيّد على طرف شاطئ كورنيش جدة في المملكة العربية السعودية ويطلق عليه رسمياً اسم مسجد الرحمة بينما يسمّيه الناس مسجد فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وهذا المسجد من أكثر مساجد جدة زيارة وبالذات من مسلمي شرق آسيا المعتمرين والحجاج.
ويطلق على المسجد اسم المسجد العائم كون مياه البحر الأحمر تغمره وتحيط به من كل جهة عند المد وارتفاع منسوب المياه فيعطي الانطباع بأن المسجد عائم.
المسجد هو مزيج رائع للعمارة الحديثة والقديمة والفن الإسلامي، بني بأحدث التقنيات والمعدات وبأنظمة صوت وإضاءة متطورة، وينفرد هذا المسجد بتصاميم وديكورات مميزة.
الموقع والتصميم:
يقع المسجد في الجزء الغربي من المملكة العربية السعودية في مدينة جدة على ساحل البحر الأحمر، ويعتبر من أهم المعالم في جدة، ولقد تم الانتهاء من بنائه في عام 1406هـ .
تم إنشاء المسجد على مساحة من الأرض تقدر بـ(2400 م2)، بطول (60 م) وعرض (40 م)، ويحتوي على (52) قبة خارجية تحيط بالمسجد بالإضافة إلى القبة الرئيسة -الكبيرة- ذات القواعد الثمان التي تقع في المنتصف، كما ويحتوي على 23 مظلة خارجية منقوشة من الخارج والداخل بآيات قرآنية مخطوطة بعدة خطوط مختلفة كالنسخ والرقعة والديواني.
تحتوي أطراف القبة الرئيسة على زجاج معشق يسمح بمرور الضوء -أشعة الشمس- داخل المسجد عبر 56 نافذة حول القبة المصممة على الطراز الإسلامي، بالإضافة إلى نقوش الجدران والنوافذ الإسلامية، وبجوار القبة مأذنة جميلة يبلغ ارتفاعها(21 م).
يستوعب المسجد عددا كبيرا من المصلين حيث يتسع لـ(1800 مصلٍ) من الرجال، كما ويوجد في المسجد مصلّى خشبي -معلق- مرتفع في الجانب الأخير من المسجد، للنساء يتسع لحوالي 500 مصلية، بالإضافة إلى المرافق الخدمية للمسجد حيث خُصّصت أماكن للوضوء ودورات المياه وقاعات مريحة للعبادة مجهزة بشكل رائع.
زوار المسجد:
المسجد من أكثر مساجد جدة زيارة وبالذات من مسلمي شرق آسيا المعتمرين والحجاج - كما قلنا - حيث وصل عدد زوار المسجد في عام (2009م) إلى (20,000) زائر من الحجاج والمعتمرين من جميع الجنسيات المختلفة، إذ يستقطب المسجد الذي شُيّد على ساحل البحر الأحمر عددا كبيراً من الزوار والسيّاح لأداء الصلاة والاستمتاع بمنظره الخارجي والداخلي، ويفضّل الزوار والسياح زيارة المسجد وقت الفجر أو عند غروب الشمس، إذ يُزين المسجد بأضوائه المتلألئة ثاني أكبر مدينة في المملكة السعودية وتمنح إطلالته المباشرة على البحر الأحمر جواً لطيفا يبعث على الاسترخاء والهدوء.
ويعتبر هذا المسجد في كورنيش جدة المحطة الأخيرة لحجاج شرقي آسيا وبعض الجاليات العربية حيث تتوجه الحملات إلى المسجد قبيل توجهها للمطار وتعد تلك المنطقة التي لا تتجاوز 3000 مترا المنطقة الوحيدة على كورنيش جدة التي تتوافر فيها الخدمات والمرافق الصحية والمسجد ومساحة لالتقاط الصور والتنزه على الكورنيش وكما أصبحت تلك المنطقة نقطة التجمع الأخيرة للجاليات العربية مع ذويهم ومعارفهم المقيمين في المملكة لقاء بعض الأوقات معهم وتوديعهم حيث اتخذتها بعض الجاليات كالجالية الإندونيسية كمحطة انتظار رئيسة، وضمن خطة العمل تتوافد الجاليات على تلك المنطقة على مدار العام ولكن تزداد بكثرة وبشكل كثيف في موسم الحج، ولم تعد مقتصرة على الجاليات الإندونيسية، بل توجهت إليها أيضا بعض الجاليات العربية، حيث تبدأ الوفود في القدوم إلى المسجد بمجموعات كبيرة تميّزها الشعارات التي تخص كل حملة ويستمر القدوم على مدار اليوم، فتتحول تلك المنطقة إلى سوق شعبية خاصة بالمأكولات الشعبية الإندونيسية باعتبارها الجاليات الرئيسة لتلك المنطقة.
سبب تغيير اسم المسجد:
الجدير بالذكر أن هذا المسجد كان اسمه (مسجد السيدة فاطمة) وهو الاسم الذي أطلق عليه عند بنائه، ولكن تم تغيير اسمه إلى (مسجد الرحمة) بزعم تصحيح معتقدات الحجاج الخاطئة بأن هذا المسجد يعود للسيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام).
وتزعم السلطات أن بعض المخالفين لنظام الإقامة في المملكة قاموا باستغلال الحجاج والمعتمرين فقررت الدولة أن يكون المسجد مفتوحاً لفترة الصلاة فقط وفي الساعة التاسعة مساءً يغلق وتقفل أبوابه ولم يعُد كما كان في السابق حيث كانت أبوابه مفتوحة على مدى الأربعة والعشرين ساعة، كما ويدّعون أن أحد أفراد ما يسمى بجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويجيد اللغة الإندونيسية حذّر من تحوُّل مسجد الرحمة في كورنيش جدة إلى مزار ديني للحجاج خاصة بعض حجاج إندونيسيا لافتا إلى أن كثيرا من حجاج الخارج يعدّون هذا المسجد من موجبات الحج والعمرة مبيّنا أنهم يحرصون على زيارة المسجد الذي يعتبر معروفا في بلادهم كمزار رئيسي للحجاج والمعتمرين وأكّد أن هناك من يحرص على رمي بعض الأموال في البحر كتذكار وكشاهد لزيارته الأراضي المقدسة.
المصدر: بيوت المتقين (20) - شهر جمادى الاولى 1436هـ