تعدّد الثقافات والأفكار والأيدولوجيات الاجتماعية، والتأثير والتأثر فيما بينها في هذا العقد الأخير، طَفَتْ على واقعنا الاجتماعي أفكار جديدة، جرفها إلينا سيل التطور التكنولوجي في وسائل الإعلام والاتصال، وربّما تكون هذه الأفكار لا توافق الثقافة الإسلامية، لكنّها أخذت مكانها في عقول شريحة واسعة من الناس.
بعض هذه الأفكار تخصّ واقع المرأة في المجتمع الإسلامي، وبالذات ربة البيت، حيث أصبحت النساء اليوم تربط بين الثقافة وبين الشهادة الجامعية والعمل، فالتي ليس لها وظيفة تسعى للحصول عليها ببذل الكثير، لا لحاجة لها فيها دائماً، بل تسعى البعض لذلك لتتخلص من عنوان ربة البيت، الذي هو عنوان سلبي بالنسبة لها، يزلزل شخصيتها، ولم يستند ذلك إلى شيء مقبول، غير ما تسمعه من طبيعة الأجواء في بيئة العمل، وأن الوظيفة هي الطريق الوحيد لمسألة (إثبات الذات)
ولا نعلم لماذا ينحصر ما يسمى بـ (إثبات الذات)، بطريق الوظيفة!!!
إن تحقيق الذات عند الإنسان - رجلاً كان أو امرأة - يحصل عندما يكون في إخلاص وطاعة لله تعالى، وهذا هو الميزان الصحيح للمنافسة، والله تعالى قرن الإيمان والعمل الصالح بالحياة الطيبة، وهي تشتمل على تحقيق الذات وأمور إنسانية أخرى، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[1].
إذاً الحياة الطيبة التي تجد فيها المرأة ذاتها ترتبط بالعمل الصالح، سواء كانت مرتبطة بوظيفة أو عمل بمشروع خاص، أو لا تعمل أصلاً، بل سخّرت نفسها لإدارة بيتها، وتربية أطفالها، والعناية بزوجها بالكم أو الكيف الذي لا تسمح به ظروف الموظفة.
إذاً لا علاقة طردية ولا عكسية بين الوظيفة وثقافة المرأة، وإنما المناط على طبيعة الارتباط بالخالق جل وعلا، وهذا الارتباط هو الذي يرسم شخصية المرأة وسلوكها ومنزلتها في الدنيا والآخرة.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (44)