كثيراً ما نسمع من المخالفين لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) أنه لا يجوز الحلف بغير الله تبارك وتعالى، وهو حكم من الأحكام المسلّمة عندهم التي لا جدال فيها، وحجتهم في ذلك بعض الروايات التي وردت في مصادرهم، روى الترمذي عن (ابْن عُمَرَ أنه سَمِعَ رَجُلاً يَقُولُ لاَ وَالْكَعْبَةِ. فَقَالَ: ابْنُ عُمَرَ لاَ يُحْلَفُ بِغَيْرِ اللهفإني سَمِعْتُ رَسُولَ الله (صلى الله عليه وآله) يَقُولُ «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهفَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ» سنن الترمذي: ج3، ص194.
والظاهر أن القوم استحسنوا مثل هذه الأخبار وغفلوا عن أخبار جواز الحلف، فقد وردت أخبار تصرّح أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد حلف بغير الله، منها ما رواه البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ الله (صلى الله عليه وآله) فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ قَالَ: «أَمَا وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّهُ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْبَقَاءَ وَلَا تَمَهَّلْ حَتَّى﴿ إِذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ ﴾قُلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ». صحيح البخاري: ج2، ص110
وقبل ذلك كله فإن الله قد أقسم بالرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) بقوله تعالى: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ الحجر:72، وقسم بمخلوقاته حيث قال عزّ وجلّ: ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ﴾ التين:1، وأقسم بقوله تعالى: ﴿وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ﴾ الفجر:1-5، فكل هذه الآيات المباركة وغيرها تصرح بالقسم بغير الله تعالى وهو ما عليه اتباع أهل البيت (عليهم السلام).
المصدر: مجلة اليقين، العدد (16)، الصفحة (10).