اسمه ونسبه: تَمَامُ بنُ العباس بنِ عَبْدِ المطَّلب بنِ هاشم بن عَبْدِ مناف بنِ قصي القرشي الهاشمي.
ولادته: لم تحدد لنا مصادر التاريخ ولادته.
أخباره: كان تَمَام بن العباس والياً للإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) على المدينة، وذلك أن علياً (عليه السلام) لما خرج من المدينة يريد العراق استخلف سهل بن حنيف على المدينة، ثم عزله واستجلبه إلى نفسه، وولى المدينة تَمَام بن العباس ثم عزله، وولى أبا أيوب الأنصاري، فشخص أبو أيوب نحو علي (عليه السلام). واستخلف على المدينة رجلاً من الأنصار، فلم يزل عليها حتى قُتل الإمام علي(عليه السلام)[1].
قال الزبير: كان تَمَام بن العباس من أشد الناس بطشاً، وله عقب[2].
عن تَمَام بن العباس عن أبيه قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «ما لي أراكم تأتوني قلحاً ـ صفر الأسنان ـ استاكوا فلولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك كما فرضت عليهم الصلاة»[3].
يُقال: إنه ما رئيت قبور أشد تباعداً بعضها من بعض من قبور بني العباس بن عَبْد المطلب، ولدتهم أمهم أم الفضل في دار واحدة، واستشهد الفضل بأجنادين، ومات معبد وعبد الرحمن بإفريقية، وتوفي عَبْد الله بالطائف، وعبيد الله باليمن، وقثم بسمرقند، وكثير بينبع أخذته الذبحة[4].
فائدة عامة:
ابن عباس بين التوثيق والتضعيف.
اختلف في ابن عباس لدى الأوساط الشيعية، فمنهم من عدّه من الثقاة، ومنهم من مدحه، ومنهم من ذمّه، ويرجع ذلك إلى روايات عدةٍ منها مادحة وأخرى ذامة، وقد مال البعض إلى توثيقه كالسيد ابن طاووس ومن تبعه وبعضٌ رجّح تضعيفه لرواياتٍ وردت في ذمه، والتزم آخرون بطريقة وسطى وحاولوا الاعتدال وعدوا تضعيفه إفراط وتوثيقه تفريط واختاروا حسن حاله بعد أن ناقشوا في الروايات الذامة له، ومن هؤلاء العلامة المامقاني في (تنقيح المقال). وهكذا يتراوح حاله بين المدح والثناء وبين الذم والتضعيف. ولأجل معرفة سبب تضعيفه نورد بعض ما أشكل عليه:
أولاً: إنه نقل بيت المال من البصرة إلى الحجاز حينما كان والياً على البصرة، وهذا دليل خيانته وعدم عدالته وخروجه على طاعة إمام زمانه.
وفيه: إن ما اشتهر عن نقله لبيت مال البصرة لم يثبت برواية صحيحة يطمئن إليها، نعم كل من اعتمد على الخبر كان مدركه الشهرة وليس أكثر، والشهرة هذه لم تعد حجةً في إثبات قضية ما أو إثبات لوازمها، فالشهرة هذه لم تصل إلى حد الإجماع أو الاتفاق والتسالم، بل كثير من علماءنا طعن في صحة هذه الشهرة ونسب ما اشتهر عن ابن عباس في ذمه مرجعها إلى ما أشاعه معاوية والطعن في أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام).
ثانياً: إنه ثبت صحة قوله بإمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) إلاّ أنه لم يثبت بعد ذلك قوله بإمامة الحسن وإمامة الحسين وإمامة علي بن الحسين (عليه السلام) وقد أدركهم، وهذا طعنٌ في إيمانه وصحة اعتقاده.
وفيه: أن التسالم على قوله بإمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) وأتباعه بلغ إجماع الفريقين فلا مجال للتشكيك فيه، أما قوله بإمامة الحسن (عليه السلام) فإن الأربلي نقل عن أبي مخنف: إنه خطب الحسن(عليه السلام) صبيحة الليلة التي قبض فيها أمير المؤمنين(عليه السلام) إلى أن قال: (...ثم جلس فقام عبد الله بن عباس بين يديه فقال: معاشر الناس هذا ابن نبيكم ووصي إمامكم فبايعوه...إلى أن قال: فرتب العمال وأمرّ الآمرة وانفذ عبد الله بن عباس إلى البصرة ونظر في الأمور...)[5].
وهذا دليل على قوله بإمامة الحسن(عليه السلام)، وعلى هذا يترتب قوله بإمامة الحسين(عليه السلام) وإمامة علي بن الحسين(عليه السلام) لعدم وجود الدليل النافي على قوله بإمامتهما أي لم يصدر منهما(عليه السلام) ذماً في حقه، إضافة إلى حسن سيرته واستقامته في عهديهما ولم يظهر منه ما يخالفهما، ولو كانت هناك أدنى مخالفة للإمامين (عليهما السلام) لأظهره الرواة خصوصاً وقد كان معرضاً للطعن والذم من قبل أعداء أهل البيت(عليهم السلام).
مجلة بيوت المتقين العدد (83)