شمس الشموس

في الحادي عشر من شهر ذي القعدة وفي سنة 148للهجرة، أشرقت شمسُ الشموس هديّة السماء إلى العالمين، لتنشر في هذا الكون شعاع الحياة، شعاع الكرامة، شعاع الإنسان الذي خلقه الله تعالى في أحسن تقويم.

فتَحَت الأرض عينيها، ففاجأهما النور الثاقب، وبلا إرادة منها رفعت يديها تحمي بهما عينيها، وراحت تضغط على جفنيها. وهي تسمع الصوت الذي خشعت له الكواكب والنجوم والأقمار (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ)[1].

من وراء أجفان الأرض المغلقة، كان النور يزداد بريقاً شيئاً فشيئاً، كان يتبدّى لها بألوان جميلة، متعددة، ومتعاقبة، ذلك نور شمس الشموس يصاحبه ذلك الصوت السماويّ الإلهيّ، ليعلن ولادة أنيس النفوس الإمام الثامن علي بن موسى الرضا (عليه السلام).

وأشرقت الأرض بنور ربها، الذي تجلى في هذا المولود، كيف لا؟ وهذه الأنوار الزاهرة تزينها زاهر بعد زاهر، ونور القرآن الكريم ينقش حول أسمائهم آياته الكريمة: (ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ الله عِبَادَهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)[2].

روي عن نجمة، أمّ الإمام الرضا(عليه السلام) أنها قالت: (لما حملتُ بابني عليّ، لم أشعر بثقل الحمل، وكنت أسمع في منامي تسبيحاً وتهليلاً وتمجيداً من بطني، فيفزعني ذلك ويهولني، فإّذا انتبهت لم أسمع شيئاً، فلما وضعتُه وقع على الأرض واضعاً يده على الأرض، رافعاً رأسه إلى السماء يحرّك شفتيه، كأنّه يتكلّم، فدخل أبوه موسى بنِ جعفر(عليه السلام)، فقال لي: هنيئاً لكِ يا نجمةُ كرامةَ ربّكِ، فناولتُه إياه في خرقه بيضاء، فأذّن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، فدعا في ماء الفرات، فحنّكه به، ثم ردهّ إليّ وقال: خذيه، فإنه بقية الله تعالى في أرضه)[3].

مجلة ولاء الشباب العدد (30)


[1] الأنبياء: 73.

[2] الشورى: 23.

[3] عيون أخبار الرضا(عليه السلام): ص20.