لمّا ارتحل الإمام الحسين (عليه السلام) من قصر بني مقاتل، «خفق الحسين برأسه خفقة، ثمّ انتبه وهو يقول: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، والحمدُ لله ربِّ العالمين. قال ـ أي الراوي- ففعل ذلك مرّتين أو ثلاثاً.
قال: فأقبل إليه ابنه علي بن الحسين على فرس له فقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، والحمد لله ربِّ العالمين، يا أبت جعلت فداك، ممّ حمدتَ الله واسترجعت؟ قال: يا بُني، إنّي خفقتُ برأسي خفقة، فعنّ لي فارس على فرس، فقال: القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم، فعلمت أنّها أنفسنا نُعيت إلينا، قال له: يا أبت، لا أراك الله سوءاً ألسنا على الحق؟ قال: بلى، والذي إليه مرجع العباد، قال: يا أبت، إذاً لا نُبالي نموت مُحقّين، فقال له: جزاكَ اللهُ من ولدٍ خير ما جزى ولداً عن والده»[1].
ذاك هو أبو الحسن، علي الأكبر بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليه السلام)، أُمّه ليلى بنت أبي مُرّة بن عروة بن مسعود الثقفي، ولد في 11 شعبان 33ﻫـ، وكان(عليه السلام) من أصبح الناس وجهاً، وأحسنهم خُلُقاً، وكان يشبه جدّه رسول الله(صلى الله عليه وآله) في المنطق والخَلق والخُلق.
«جمعَ الصفاتِ الغُرَّ فهي تُراثُهُ
***
عن كلِّ غِطريف وشهمٍ أصيدِ
في بأسِ حمزةَ في شُجاعةِ حيدر
***
بإبى الحسينِ وفي مهابةِ أحمدِ
وتراهُ في خَلق وطيبِ خلائق
***
وبليغِ نُطق كالنبيِّ محمّدِ»
استُشهد(عليه السلام) في 10 محرّم 61ﻫـ بأرض كربلاء المقدّسة، ودفنه الإمام زين العابدين(عليه السلام) فيها ممّا يلي رجلي أبيه الحسين(عليه السلام).
لما استشهد وقف الحسين(عليه السلام) عليه، وهو يقول: قتلَ اللهُ قوماً قتلوك يا بُني، ما أجرأهُم على الرحمان، وعلى انتهاك حرمة الرسول، وانهملت عيناه بالدموع، ثمّ قال(عليه السلام): على الدُّنيا بعدَك العفا، ثمّ قال لفتيانه: احملُوا أخاكُم، فحملوه من مصرعه حتّى وضعوه في الفسطاط[2].
مجلة ولاء الشباب العدد (60)