التقدم والازدهار

لقد شهِد العرب قديماً نقلةً نوعيّة من حياة البادية والتعصّب القَبلي، الى حياة التطور والحداثة والقوة وتقدم العلوم والمعارف بعد أن كانت تقتصر على الأدب وبعض العلوم السطحية، وفي عصرنا الحالي نشهد أزمةً خطيرةً بتراجعنا مقابل تقدم باقي دول العالم، ورجوعنا الى التخلّف والجهل والأُميّة، فما هي الأسباب الكامنة وراء تقدم من سبقونا؟ وأسباب تراجعِنا حالياّ؟ وما هي الحلول الواقعية للنهوض بالأمة ورفع شأن الإسلام؟

 إن السبب الأساسي في ذلك كلِّه هو ابتعادنا عن الإسلام، نعم من ضمن عوامل كثيرة لا تُحصى، فلو كان على نحو السبب الأوحد فكيف تفسّر تفوّق الغرب وتقدمهم رغم بعدهم عنه؟ بل ربما العكس فأحياناً التمسّك بأفكار مُدّعي الإسلام وفكرهم الخاطئ تحصل نتيجة عكسية وصورة مشوهة لحقيقة الإسلام، فيظهر على غير صورته الواقعية الُمثلى.

 والسبب الآخر هو الحكومات الظالمة المستبدّة فهي وراء تدهور الشعوب، ولا ننسى أن الاستبداد والطغيان والحكومات الدكتاتورية من الأسباب العظمى والرئيسة والمحرّك الباعث لكل تخلّف تعيشه أمتنا الإسلامية وكان سبباً للبؤس والشقاء والفقر.

لقد نادى الإسلام بالعدل والمساواة، فالتمسك بهما هو أوّل سبل التحضّر والتقدّم إن لم نجد المعوّقات من الذين لا يريدون لنا ذلك الخير، وإذا فعلنا ذلك فنحن في خير ورخاء وإلا سنقبع ونراوح في بِرَك التأخّر، فكثير منّا قد قرأ في الكتب الصريحة والصادقة وأدرك بالاحتكاك والتجربة واقع بعض العرب البائس بعيداً عن المجاملة والأفكار السطحية وما يروّجه إعلام الظلمة والجائرين.

 إن من المؤسف جداً أن نرى غير المسلمين يطبّقون مبادئ الإسلام به من قبيل الاحترام والتقدير والوفاء بالوعد، والعدل والمساواة والصدق وحقوق الإنسان، ولو بشكل نسبي، فهم يطبّقون تعاليمه في المعاملات، وطلب العلم وغيرها من الأمور التي تجدها عند الغرب فهي عوامل تطورهم وتفوقهم على أقرانهم من البشر، ونحن للأسف تركناها وراء ظهورنا فأنتشر الفساد والظلم والطغيان والاستبداد، ، والجرائم والسرقات والنهب والاختلاس والتهرب من سطوة القانون وترك طلب العلم فتوهج شعاع الأمية، وضاعت الأخلاق، فمظاهر تخلّفنا قطعاَ أننا لم نفهم روح الإسلام على حقيقته فصعب علينا تطبيقه، فباكورة الإصلاح تتمثلبالالتزام بأحكام الإسلام وتعاليمه الحقّة، والتي نقلت العرب من عصر الجاهلية الى عصر العلم والثقافة والاختراعات على يد علمائنا السابقين  والناهلين من نهر الأئمة (عليهم السلام)، فصراعنا مع الغرب صراع فكري وعقائدي، صراع بين البقاء والفناء، ومن المعيب أن يطبّقوا مُثل الإسلام العليا ولا نطبّقها نحن، ولا نتنصل من هذا العيب  إلا بالتمسك بمبادئ ديننا الحنيف، والمحافظة على ديننا وإسلامنا، حتى يكتب الله لنا التسديد والثبات، ونخطو الخطوات الجادة والثابتة نحو العالمية .