مسجد الشجرة ميقات أهل المدينة ومن يمر بها

  مسجد الشجرة ميقات أهل المدينة ومن يمر بها

مسجد الشجرة وهو من المساجد الإسلامية المهمة والتي لها تاريخ عريق متصل بمسيرة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، وهو أحد المواقيت التي حددها الرسول (صلى الله عليه وآله) لأهل المدينة والمحرمين من غير أهلها المارين بها، حيث أن الحجاج والمعتمرين المغادرين من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة لأداء مناسكهم يتوقفون بهذا الميقات.

وقد ذكر أن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أحرم من هذا المكان أربع مرات، ثلاثاً للعمرة، ومرة لحج التمتع (حجة الوداع) ففي الحديث المروي عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أقام بالمدينة عشر سنين لم يحج، ثم أنزل الله عليه (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق) فأمر المؤذنين أن يؤذنوا بأعلى أصواتهم بأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحج من عامه هذا، فعلم به من حضر المدينة وأهل العوالي والأعراب، فاجتمعوا فحج رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإنما كانوا تابعين ينتظرون ما يؤمرون به فيتبعونه، أو يصنع شيئاً فيصنعونه، فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أربع بقين من ذي القعدة، فلما انتهى إلى ذي الحليفة فزالت الشمس اغتسل، ثم خرج حتى أتى المسجد الذي هو عند الشجرة فصلى فيه الظهر، ثم عزم على الحج مفرداً، وخرج حتى انتهى إلى البيداء عند الميل الأول، فصف الناس له سماطين، فلبى بالحج مفرداً)[1].

وورد في الخبر عن الحسين بن الوليد، عمن ذكره قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) لأي علة أحرم رسول الله (صلى الله عليه وآله) من مسجد الشجرة ولم يحرم من موضع دونه؟

فقال: إنه لما أسري به إلى السماء وصار بحذاء الشجرة نودي يا محمد فقال (صلى الله عليه وآله): لبيك، قال: ألم أجدك يتيماً فآويتك وألم أجدك ضالاً فهديتك، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): إن الحمد والنعمة لك والملك لك لا شريك لك، فلذلك أحرم من الشجرة دون المواضع كلها)[2].

أسماؤه:

1- يقال له: مسجد الشجرة لأنه بني في موضع الشجرة التي كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ينزل تحتها.

2- ويقال له: مسجد ذي الحليفة لوقوعه في منطقة ذي الحليفة تصغير حليفة بفتح الحاء وكسر اللام، اسم لماء بين بني جشم بن بكر من هوازن وبين بني خفاجة رهط توبة، وهي قرية، بينها وبين المدينة إثنا عشر ميلاً وتسمى الآن بآبار علي (عليه السلام).

3- ويقال له: مسجد الميقات لأنه ميقات أهل المدينة ومن يمر بها.

4- ويقال له: الحسا ومسجد المحرم ومسجد الإحرام.

5- ويسمى بآبار علي(عليه السلام)، حيث يقع في الضاحية الشهيرة بآبار علي (عليه السلام) ثلاثاً وعشرين بئراً.

ويعد أبعد المواقيت عن مكة، حيث يبعد عنها 492 كيلو متراً تقريباً، وهو على الجانب الغربي من وادي العقيق ويبعد عن المسجد النبوي قرابة 14 كيلومتراً.

مسجد الشجرة عبر التاريخ:

بني المسجد في عهد عمر بن عبد العزيز، عندما ولي إمارة المدينة في عام 87-93 هـ، وجدده زين الدين الأستادار في العصر العباسي، ثم جدد في العصر العثماني في عهد السلطان محمد الرابع عام 1058هـ - 1099 هـ. وكان صغيراً جداً مبنياً من اللبن والحجارة ولم يكن الحجاج والمعتمرون في المواسم يجدون راحتهم فيه، فقامت السلطات السعودية بتجديده وتوسعته.

التصميم المعماري:

في ظل زيادة عدد الحجاج والمعتمرين سنوياً تم مضاعفة حجمه عدة أضعاف، وتزويده بالمرافق اللازمة، فأصبح المسجد محطة متكاملة للمسافرين، يجدون فيه الراحة التامة فهو من حيث الشكل مربع بضلع 77 متر يكون مساحة 6000 متر مربع يحتوي على فضاء داخلي لمساحة 1000 متر مربع وله مئذنة متميزة على شكل سلم حلزوني ارتفاعها 64 متراً، ويتسع لـ 5000 مصل.

يتكون المسجد من سلسلة صفوف من الأروقة مرتبة على التوالي مفصولة لمسافة 6 أمتار، والمسافة المكررة لعقود الرواق هي 6.9 أمتار محمولة على أعمدة ضخمة.

تغطي صفوف الأروقة قباب طويلة على فاصلة 4.8 أمتار وارتفاع يصل إلى 16 متراً من مستوى الأرض، وهناك قبة واحدة فقط محمولة على قاعدة مربعة بضلع 5.4 أمتار فوق المحراب.

وقد بني من جانبي المسجد أماكن خاصة للغسل والوضوء، وقد روعي مسألة التنقل إلى المسجد على قدر عال من المقاييس لتأمين استعمال حافلات بطول 12 متراً وكذلك 8 أمتار، وهيئ في المكان المتبقي موقف لـ 500 سيارة.

1

2

المصدر: بيوت المتقين (3) - شهر ذي الحجة 1434هـ

 


[1]     وسائل الشيعة: ج11، ص142، باب كيفية أنواع الحج وجملة من أحكامها.

[2]     وسائل الشيعة: ج11، ص311، باب تعيين المواقيت التي يجب الإحرام منها.