انصهرتْ ذكرى استشهاد الصدّيقة الزهراء (عليها السلام) بتقاليد ومآثر وتراث المجتمع المسلم، وهي ثقل فكريّ وإبداعي امتزج بواقع ثقافي عرفي قامت أغلب مشاريعه البنائية للإنسان على مرتكزات حيّة متجدّدة، وكان من أكثرها تأثيراً في ذلك البناء إحياء شعائر الثورة المحمدية الخالدة، بأفكارها البناءة والتي جاءت لإنقاذ الإنسان من الجهل والانحطاط الفكري، ورفع شأنه وإعلاء قدْره، فهي محاولة لمواجهة التأريخ في تجديد المبادئ والقيّم النبيلة لترتسم على وجه الشمس فلا يكون للزمان سلطة على مسيرتها، بل هي التي ترسم للزمان مسار السنين.
ولذكرى شهادة الصدّيقة(عليها السلام) الكبرى بنت النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله)، أثر كبير في الفكر الشيعي، حيث تقام لهذه المناسبة وقفة استذكارية كبيرة للحادثة الأليمة، ودورها في بناء الإنسان الصحيح الذي يعيش في كنف الفكر الشيعي الرصين.
أمّا شخصية هذه السيّدة النبيلة وصفاتها ودورها في بناء الإسلام، فكانت قدوة لبنات جنسها، فهي درّة البيت الهاشمي وصورةُ النسل المحمّدي وسيّدة المجد العلوي، إنّها كوثر القران وآية الرحمن، فهي مدرسة العفة والحياء ورمز للتضحية والإباء، تجسّد الإسلام فيها فكراً و روحاً، وبها نجاة هذه الأمّة، كما قال النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) في حقّها: «إن الله غير معذبك ولا ولدك...»[1].
كيف وقد قرنها أبوها(صلى الله عليه وآله) به: «إنَّ فاطمة بضعة مني، وهي نور عيني وثمرة فؤادي، يسوؤني ما ساءها ويَسُرُّني ما سرَّها»[2]، وعنه(صلى الله عليه وآله) أنه قال: «إنَّ فاطمة شجنة منِّي، يؤذيني ما آذاها، ويَسُرُّني ما سرَّها، وإنَّ الله تبارك وتعالى يغضب لغضب فاطمة، ويرضى لرضاها»[3]
مجلة ولاء الشباب العدد (25)