أبغض الحلال

وَفدْتُ مع جماعة قد دعينا لاسترضاء زوجة أحد الأخوة، وإعادتها لزوجها بعد خلاف بينهما، فلما سألناها الرجوع قالت: قد طلّقني، عندها ثارت ثائرة الجميع، فهو أبغض الحلال عند الله، كما روي عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنّه قال: (مَا مِنْ شيْ‌ءٍ أَبْغَضُ إِلَى الله عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ بَيْتٍ يُخْرَبُ فِي الْإِسْلَامِ بِالْفُرْقَةِ - يَعْنِي الطَّلَاقَ -)[1].

فسألنا الزوج: هل طلّقتَها؟

فأجاب: ليس باختياري.

فقلت لأخ الزوجة: يشترط في المطلِّق شروط عدة، وهي: البلوغ، والعقل، ومنها: الاختيار، فلا يصحّ طلاق المكره إذا بلغ حدّ الإلجاء، ولا طلاق غير القاصد له، ولا طلاق الهازل والساهي، ومن لا يفهم معناه.

فقال الأخ: وما صيغة الطلاق؟

قلت: يقول الزوج: (زوجتي فلانة طالق)، أو يخاطبها: (أنتِ طالق)، أو يقول وكيل الزوج: (زوجة موكّلي فلانة طالق)، وينشئ بلغة عربيّة لمن يقدر عليها، وبمحضر رجلين عادلين، وهذا لم يحصل مع أختك.

فقال: وهل يجب ذكر اسم الزوجة في الطلاق؟

قلت: كلا، لا يجب إذا كانت مشخّصة.

فقال الأخ: وهل هناك شروط أخرى للطلاق؟

قلت: أن تكون الزوجة طاهرة من الحيض والنفاس، إلاّ أن تكون غير مدخول بها، أو تكون مستبينة الحمل - أي علم أنها حامل -، كما لا يجوز الطلاق في طهر جامع الزوج زوجته فيه، فعليه الاِنتظار حتى تحيض ثم تطهر من حيضها فيطلق.

فقال الأخ: هل هناك فرق بين الزواج المؤقت والدائم؟

فقلت: نعم، في المؤقّت لا تُطلّق المرأة، بل يتحقّق الفراق بانقضاء المدّة المتّفق عليها، أو بذلها.

فقال: وكيف؟

قلت: كأن يقول الرجل لزوجته: (وهبتك المدّة الباقية)، فتنتهي العلاقة بينهما، ولا يعتبر في صحّة بذل المدّة وجود شهود، ولا يشترط فيه طهارة المرأة من الحيض أو النفاس.

فقال: ومن أي تأريخ تعتدُّ إذا طُلّقت الزوجة؟

فقلت: تعتدّ ابتداء من تأريخ وقوع الطلاق، لا تأريخ علمها به.

فقال: فكم عِدّتُها؟

قلت: ثلاثة أطهار، ويحسب الطهر الفاصل بين الطلاق وحيضها طهراً واحداً، مهما كان قليلاً.

فقال: يعني تنتهي عدّتها بعد رؤية الدّم الثالث؟

قلت: نعم.

فقال: وعدّة المطلّقة الحامل؟

قلت: عدّتها مدّة حملها، تنقضي بالوضع، تامّاً أو سقطاً، حتى لو كان الوضع بعد الطلاق بساعة، شريطة أن يكون الولد ملحقاً بذي العدّة فلا يكون ولد زنا مثلاً.

فقال: وهل على المتزوجة زواجاً مؤقتاً عدّة بعد افتراقها عن زوجها؟

قلت: عدّتها (حيضتان كاملتان) لمن تحيض، وخمسة وأربعون يوماً لمن لا تحيض.

فقال أخ الزوجة: وهل للطلاق أقسام؟

قلت: نعم، بائن ورجعي، فالبائن: ما ليس للزوج بعده الرّجوع إلى الزوجة إِلاّ بعقد جديد، كطلاق الزّوجة قبل الدخول بها، والرّجعي: ما كان للزوج الحق في إرجاع زوجته المطلّقة إليه ما دامت في العدّة، من دون عقدٍ جديد.

فقال أخ الزوجة: هناك طلاقٌ يدعى بالخلعي ما هو؟

قلت: هو من أقسام الطلاق البائن، ويقصد به طلاق الزوج لزوجته الكارهة له، من دون كراهية الزوج لزوجته، فالكراهية من طرف واحد، وهي الزوجة فقط، بشرط أن تجعل الزوجة لزوجها فدية تكون عوضا عن الطلاق، كقول الزوجة لزوجها: (بَذَلْتُ لك مهري على أن تخلعني)، وقال الزّوج وبحضور شاهدين عدلين: (زوجتي خالعتُها على ما بَذَلَتْ) أو (فلانة طالق على كذا)، ولا يجب ذكر اسم الزوجة إن كانت معينة أيضاً.

فقال: وهل يجوز أن يكون المال المبذول للزوج غير المهر حتى يخلع زوجته؟

قلت: يجوز.

فقال: أحياناً يغيب الزّوج، ولم يعلم موته ولا حياته؟

قلت: يحق للزوجة أن ترفع أمرها إلي الحاكم الشرعي، فيأمر بالفحص عنه أربع سنوات، فإذا لم يظهر له أثر، ولم يكن له مالٌ ينفق منه على زوجته، ولم ينفق عليها وليه من مال نفسه، أمر الحاكم الشرعي بطلاقها.

فقال: وإذا حكم على الزوج بالسجن المؤبد، وهو لا يقدر على الإنفاق على زوجته، ويمتنع عن الطلاق؟

 فقلت: يجوز للزوجة أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي، فيتّصل بالزّوج يأمره بطلاقها، فإذا امتنع عنه، وتعذر إجباره، طلّقها الحاكم الشرعي.

المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (34)


[1] الكافي، للكليني: ج2،ص328.