الملامتية هي طريقة من طرق الصوفية، وهي اسم اشتُهر على طائفة من الصوفية السنيّة، تتقوّم أُسسها على الضلال والانحراف كما سيتبين ذلك لاحقاً إِن شاء الله تعالى، وأَول شخص أَفردهم بالكتابة هو أبو عبد الرحمن السلمي في رسالته (أُصول الملامتية وغلطات الصوفية، ص138)، وقد قرر في صدرها أنه لا يوجد لهم كتب مصنفة، ولا حكايات مؤلفة، وإنما هي أخلاق وشمائل ورياضات
المُؤَسِّسُ:
أَبو صالح حمدون بن أَحمد بن عمارة النيسابوري القصّار الذي توفي (سنة 271 هـ)، وهو المؤسس الأَول للصوفية الملامتية، لكن الملامتية قد تبلورت بشكل واضح، واكتسبت شكلها النهائي كانت على يد تلميذه أَبي محمد عبد الله بن منازل، والذي مات بـنيسابور (نيشابور) سنة (329هـ) أو (330هـ).
سَبَبُ التَّسْميةِ:
وقد سُمّو بالملامتية لأَن طريقتهم تقوم على ملامة النفس، أي: عَذْلُها ولَّومُها في كل الأَحوال، وعاقبوها بالإِكثار من العبادات وأَنواع القُرُبات من الله سرّاً، لأَنها الطريقة المثلى في رأيهم؛ وذلك لتأديب النفس والإِعراض عن العُجُب والرُّعونة، وحتّى لا يشاهدوا محاسنهم، ولا يُعجبوا بأنفسهم، ولا يقعوا في آفة العُجُب والكبرياء.
وقد أَظهروا للخلق إِهمال الشريعة والأَخلاق، وأَظهروا للخلق ما يُوحِشُهُم؛ لينفروا عنهم، ويسلم لهم حالهم مع الله، لذا كتموا محاسن جوهرهم، ودأَبوا على حفظ خصوصياتهم ومراعاة أَسرارهم، وهذه هي طريقتهم وديدنهم، أَو ربما لقبوا بالملامتية لأَن النّاس لاموهم على ظواهرهم المتقدمة، وفي مقابل ذلك ادّعوا لأَنفسهم الكرامة وكشف الأَسرار وعلم الغيب والفراسة.
وقد اضمحلّت هذه الطائفة كطريقة مستقلّة لنفس ما نوّهنا عليه من التظاهر بالتهتك وعصيان الله تعالى بفعل الموبقات كنوع من التقية ليحافظوا على دينهم الحق، فمتى يمارسونه بحقيقته؟! لا نعلم!!
ويدعي البعض كأبو عبد الرحمن السلمي في رسالته «أصول الملامتية» أن لهم من الأخلاق والمناقب والشمائل والرياضات الشيء الكثير.
وكان ابن عربي من المعترضين على تسميتهم بالملامتية، ويرى أن نسبة هذا الاسم لهم على لغة ضعيفة، ويسميهم بالملامية.
ومهما كان اسمهم ملامتية أو ملامية فمعناها: طريق الملامة: هو ترك الشهوة فيما يقع فيه التمييز من الخلق في اللباس والمشي والجلوس والسكون معهم على ظاهر الأحكام، والتفرد عنهم بحسن المراقبة، ولا يخالف ظاهره ظاهرهم بحيث يتميز منهم، ولا يوافق باطنه باطنهم، فيساعدهم على ما هم عليه من العادات والطبائع، ولا يخالف ظاهرهم بحيث يتميز.
وقال بعضهم -كالسهروردي- أن: (الملامتية لهم مزيد اختصاص بالإخلاص، يرون كتم الأحوال والأعمال ويتلذذون بكتمها؛ حتى لو ظهرت أعمالهم وأحوالهم لأحد استوحشوا من ذلك كما يستوحش العاصي من ظهور معصيته، فالملامتي عظّم وقع الإخلاص وموضعه وتمسّك به معتدا به، والصوفي غاب في إخلاصه عن إخلاصه).
ومن معتقدات الملامتية وحدة الوجود ودعوا الناس لذلك، لذا ألقي القبض على قطب الملامية أو الملامتية إسماعيل مشوقي وأعدم مع اثني عشر من تلامذته عام 1539، وأُلحق به حمزة بالي البوسنوي في عام 1561 لنفس السبب.
والمتتبع لأحوالهم وصفاتهم يجد عندهم الفخر والعار والمدح والذم سواء، وود الناس وعداوتهم لهم، أو محبة الناس وقبولهم لهم، لا يزيدهم ولا ينقصهم، ولا يسمنهم ولا يضعفهم، وكل هذه الأضداد من لون واحد.
المصادر:
(أصول الملامتية وغلطات الصوفية: تحقيق الدكتور عبد الفتاح أحمد الفاوي - الفتوحات المكية: ابن عربي - كشف المحجوب: الهجويري - الملامتية والصوفية: أبو العلا عفيفي - عوارف المعارف: أبو حفص السهروردي - الدولة العثمانية من النشوء إلى الانحدار: د. خليل إينالجيك).
المصدر: مجلة اليقين العدد (40)