عجب المرء بنفسه أحد حساد عقله

الإمام علي (عليه السلام): «عُجبُ المَرءِ بِنَفسِهِ أحَدُ حُسّادِ عَقلِهِ»[1].

يمثّل العقل بوصلة الصواب والاتجاه إليه، وكلّما اقترب الإنسان من العقل اقترب من الصواب واقترب من الدين؛ لأنّ العقل يدعو إلى الحقيقة، وهي مكنونة في قالب الدين، وقد ورد عن رسول الله في هذا الصدد-دعوة العقل إلى الدين-: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «لا دِينَ لِمَن لا عَقلَ لَهُ»[2]، والعقل قائد نحو الصواب مالم تغلق أبوابه، أو يغش بالوهم والخيالات الباطلة ومن أدوات تعمية العقل العُجبُ، فهو سبب من أسباب تيه المرء عن الحقيقة، ودخوله دوامة الوهم، وشعوره بصغر الآخرين أمام ما عنده، وتعاليه عليهم، فكأنّه(عليه السلام) يقول إنّ العُجبَ يُذهب النعمة كما يسعى الحاسد لزوالها من الآخرين، وقد ورد حديث أخر مفسِّر لهذا الأمر وهو : عنه(عليه السلام): «إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله»[3]؛ ذلك أنّ العقل دليل العبد على ربّه، وقائده نحو الكمالات، ولا يمكن أن يقبل بالعُجبِ الذي يُوقف عقل الإنسان عن قبول الحقيقة، والعُجبُ له درجات ذكرها أمير المؤمنين(عليه السلام): «العجب درجات: ومنها أن يزين للعبد سوء عمله فيراه حسناً، فيعجبه ويحسب أنه يحسن صنعاً. ومنها أن يؤمن العبد بربه، فَيَمُنّ على الله - عز وجل - ولله عليه فيه المنُّ»[4]، وقد ورد مثال عن الإمام الباقر(عليه السلام) عن قبح العُجبِ وسوء عاقبته فقال(عليه السلام): «يَدخُلُ رَجُلانِ المَسجِدَ، أحَدُهُما عابِدٌ وَالآخَرُ فاسِقٌ، فَيَخرُجانِ مِنَ المَسجِدِ وَالفاسِقُ صِدِّيقٌ وَالعابِدُ فاسِقٌ، وذلِكَ أنَّهُ يَدخُلُ العابِدُ المَسجِدَ وهُوَ مُدِلٌّ بِعِبادَتِهِ وفِكرَتُهُ في ذلِكَ، وتَكونُ فِكرَةُ الفاسِقِ فِي التَّنَدُّمِ عَلى فِسقِهِ، فَيَستَغفِرُ الله مِن ذُنوبِهِ»[5].

مجلة ولاء الشباب العدد (64)

 


[1] ميزان الحكمة، محمد الريشهري: ج٣، ص٢٠٥٣.

[2] المصدر السابق: ج7، ص507.

[3] المصدر السابق: ج ٣، ص٢٠٥٣.

[4] المصدر السابق: ج3، ص1818.

[5] الكافي، الكليني: ج 2، ص 314.