إنّها (أُمّ قصي) امرأة أصيلة، كتبت اسمها في تأريخ الجهاد الكفائي، وكان لها حضوراً فاعلاً في عنوان الحشد الشعبي، لم يكلّفها بدور معين كي تؤديه، بل هي التي اختارت وصنعت دورها الصعب الذي عرّض حياتها للخطر بأبشع صور القتل والتعذيب، فكانت هي صاحبة المبادرة الشجاعة للحفاظ على أرواح الطلبة العراقيين من مقصلة (داعش)، كانت قد أنست الخطر المحدق بها وبأسرتها، لكنّها عزمت على إظهار شجاعةٍ نادرةٍ في زمنٍ جبن فيه الشجعان...
إنّها شبيهة بـ (طوعة) صاحبة الدور البطولي الذي قامت به تلك المؤمنة الواعية التي آوت ووَقَتْ سفير الإمام الحسين (عليه السلام) (مسلم بن عقيل) حين تفرّق الناس عنه، ففتحت له أبواب بيتها في تلك الأجواء الأُموية الإرهابية، فآوته وأسكنته بيتها والرماح والسيوف متعطشة لدمه ودماء مَن يساعده ويؤازره، فرسمت على جبين التأريخ الإسلامي موقفاً تخلّى عنه جميع رجال مجتمعها، فقد اختاروا السلامة والمال بديلاً عن نصرة آل النبي (صلى الله عليه وآله).
لقد تنوّرت صفحات تأريخنا العقائدي بنماذج نسوية كانت مفخرة وعنواناً ناصعاً للعزّ والكرامة، وبرزت صور مشرقة للدور الجهادي الذي قامت به المرأة في معارك العزّة والكرامة وإحقاق الحقوق، من تلك الصور: الصحابية (أُمّ عطية) التي شاركت النبي (صلى الله عليه وآله) في سبع غزوات، وكانت تخلفهم في رحالهم وتصنع الطعام وتضمّد الجرحى.
أمّا اليوم فما هو دور المرأة الديني أو العقائدي؟ وهل لها أن تسجل صفحة مضيئة كسابقاتها؟
الجواب: نعم فنحن اليوم - وبعد التخلّص من العصابات التكفيرية وفلول داعش- ولد لنا أعداء ومجرمين لكن لا بصورة الحرب والسلاح المعروف، بل بتشويه صورة المبادئ والقيم التي يقوم عليها المجتمع الذي ينتمي بالولاء إلى أهل البيت (عليهم السلام) ويستمد منهم السيرة والسلوك والعقيدة والأخلاق.
لذا يبرز دور المرأة الأسري والاجتماعي للوقوف ضدّ كلّ غزو فكري ثقافي يحاول تدنيس ساحة المجتمع، وذلك بالتأكيد على دور التربية الدينية المتصلة بتعاليم أهل البيت (عليهم السلام)، والحث على التمسك بتوجيهات المرجعية العليا التي أثبتت إخلاصها وحكمتها ونجاحها في جميع مشاريعها المصيرية تجاه المجتمع، ولم يحصل أيّ نقص أو أثر سلبي إلّا لعدم التمسك بتوجيهاتها وعدم طاعتها في ما فيه الصلاح والإصلاح.
ومن المشاريع التي نصب لها العداء في محاولة للتخفيف من أثرها مشروع الفتوى الجهادية، وتأسيس الحشد الشعبي الذي حافظ على الأرض والعرض والمقدّسات من أن تنهار وتُنال كرامتها. وهنا لابدّ للمرأة - من حيث كونها أُمّاً أو زوجة، ربة بيت أو عاملةً - أن لا تهمل الجانب الفكري والمخططات التي تُحيط بها وأسرتها والتي تسبب فقدان أو ذوبان المبادئ والقيم في عالم الانحراف.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (69)