عبد الله بن عباس

أشهد بالله وأشهد الله لقد سمعت رسول الله( (صلى الله عليه وآله)) يقول: (مَن سَبَّ عليّاً فقد سبَّنِي ومَنْ سَبَّنِي فقد سَبَّ الله، ومَن سَبَّ الله فقد كَفَر..)[1].

قرابته بالمعصوم:

ابن عم رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وابن عم الإمام علي(عليه السلام).

أسمه وكنيته ونسبه:

أبو العباس، عبد الله بن عباس بن عبد المطّلب، بن هاشم، بن عبد مناف..

أبوه:

العباس، عم النبي (صلى الله عليه وآله).

أُمّه:

أُم الفضل، لبابة بنت الحارث بن خزن الهلالية.

القابه:

 لقب بألقاب عديدة منها: البحر لسعة علمه، وحبر الأمة، وفقيه العصـر، وإمام التفسير.

ولادته:

 وُلد قبل هجرة النبي (صلى الله عليه وآله) بثلاث سنين، عندما كان بنو هاشم محصورين في الشعب من قبل قريش.. وقيل: بل قبل الهجرة بخمس سنين، وقيل غير ذلك. والأول هو الأشهر، وعليه الأكثر.

مدحه:

ومن الروايات الَّتي وردت في مدح عبد الله بن عباس ما رواه الشيخ الطوسي بسنده: (عن ابن عباس، قال دعا لي رسول الله(صلى الله عليه وآله) أن يؤتيني الله الحكمة)[2].

جوانب من حياته(رضي الله عنه):

صحب النبي(صلى الله عليه وآله) نحو ثلاثين شهراً.

- كان أحد الأُمراء العسكريين، وكان على مقدّمة الجيش في معركة الجمل.

- كان والياً على البصرة، من قبل الإمام علي(عليه السلام)

- اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حروبه كلّها: الجمل وصفّين والنهروان.

- اختاره الإمام علي(عليه السلام) ممثّلاً عنه في التحكيم، واصفاً إيّاه: (إنّ معاوية لم يكن ليضع لهذا الأمر أحداً هو أوثق برأيه ونظره من عمرو بن العاص، وإنّه لا يصلح للقرشي إلّا مثله، فعليكم بعبد الله بن عباس فارموه به، فإنّ عمرواً لا يعقد عقدة إلّا حلّها عبد الله، ولا يحلّ عقدة إلّا عقدها، ولا يبرم أمراً إلّا نقضه، ولا ينقض أمراً إلّا أبرمه)[3]، بَيد أنّ الخوارج عارضوا ذلك قائلين: لا فرق بينه وبين علي، فاضطر(عليه السلام) إلى اختيار أبي موسى الأشعري.

- حاور الخوارج مندوباً عن الإمام علي(عليه السلام) في النهروان مراراً، وأظهر في مناظراته الواعية عدم استقامتهم، وتزعزع موقفهم، كما أبان منزلة الإمام الرفيعة السامية.

- بايع الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام)، وتوجّه إلى البصرة من قبله.

- لم يشترك مع الإمام الحسين(عليه السلام) في كربلاء، وعلّل البعض ذلك بعَماه.

- لم يبايع عبد الله بن الزبير حين استولى على الحجاز والبصرة، فكبر ذلك على ابن الزبير، فنفاه من مكّة إلى الطائف.

ولادة أمير المؤمنين (عليه السلام):

ومن شواهد ولائه للإمام علي (عليه السلام) ما رواه ابن بابويه بسنده عن سعيد بن جبير قال: (مرَّ أبن عباس بنفر من قريش وقد كفّ بصره ومعه ابن له يقوده فسمع صوتهم، فوقف عليهم وسلّم فقاموا، وردوا السلام ومضى فقال له أبنه: ياأبت أسمعت ماقالوا؟ قال: لا، وما قالوا؟ قال؟ سبُّوا عليا ونالُوا منه، قال: ردَّني إليهم. فردَّه فقال: أيّكم الساب الله تعالى؟!

فقالوا: يا بن عباس مَن سَبَّ الله فقد كفر، فقال: أيّكم السابّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟!

فقالوا: يا بن عباس مَن سَبَّ رسول الله فقد أشرك.

فقال: أيّكم الساب عليّاً؟ فقالوا: أمَّا عليّ فقد نِلْنَا منه). فقال ابن عباس: أشهد بالله وأشهد الله لقد سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: ( مَن سَبَّ عليّاً فقد سبَّنِي ومَنْ سَبَّنِي فقد سَبَّ الله، ومَن سَبَّ الله فقدكَفَر....). ثم قال:

سبوا الاله وكذَّبُوا بمحـــمد            ووصيه الزاكي التقي الطاهر

أحياؤهم عار على موتاهـــم            والميتون فضيــحة للغابر[4].

من أقوال العلماء فيه:

 قال العلّامة الحلّي(قدس سره): (عبد الله بن العباس، من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)،
كان محبا لعلي (عليه السلام) وتلميذه، حاله في الجلالة والاخلاص لأمير المؤمنين (عليه السلام) أشهر من أن يخفى)[5].

 وقال الشيخ ابن داود(قدس سره): (عبد الله بن العباس، حاله أعظم من أن يُشار إليه في الفضل والجلالة، ومحبّة أمير المؤمنين(عليه السلام) وانقياده إلى قوله)[6].

 القدح فيه:

هناك كلام في القدح به، فمسألة أخذه من بيت المال في البصرة، ورسالة العتاب التي وجّهها إليه الإمام علي (عليه السلام) قد عُني بها العلماء.

فبعضهم رفض وجود أحاديث من هذا القبيل، معتقداً أنّ حبّه للإمام علي(عليه السلام) كان وراء اختلاق تلك الروايات، كما أنّ هناك من لم يرفضها، معتقداً أنّه لم يكن شخصاً معصوماً، وأنّ الإمام علياً(عليه السلام) لم تكن تأخذه في الحقّ لومة لائم، ومع ذلك كلّه، فإنّ علماءنا يعتبرونه جليل القدر، رفيع المكانة، ثقة، ومن المدافعين عن الإمام علي والحسنين(عليهم السلام).

نعم، لقد كان ابن عباس شوكة جارحة في أعين الأمويين ومن لف لفهم.. والزبيريين، وكل من يتعاطف معهم، سيما وهم يرونه يتمتع بمكانة خاصة عند علي (عليه السلام)، وفي المجتمع الإسلامي بشكل عام، وكانت مناظراته القوية، واحتجاجاته الدامغة، على معاوية، ومن لف لفه، قد شاعت وذاعت وتناقلتها الألسن في مختلف أرجاء الدولة الإسلامية، وهي احتجاجات قوية يفضح فيها الأمويين والزبيريين، ويبين كل نقاط الضعف فيهم، ويؤكد على حق العلويين، وأهل البيت(عليهم السلام)، ويظهر الكثير من امتيازاتهم، وخصائصهم، فأرادوا ضرب هذه الشخصية الفذة، وزعزعة مكانتها في نفوس الناس، ومن ثم؛ لتفقد كل مواقفه تلك حيويتها، ولا تبقى لها تلك القيمة، وذلك الاعتبار[7].

وفاته:

لما حضرت عبد الله بن عباس الوفاة قال: (اللهم إني أتقرب إليك بولاية علي بن أبي طالب)[8]. وتُوفّي(رضي الله عنه) عام (68) ﻫـ بمَنفاه في الطائف، وصلّى على جثمانه محمّد بن الحنفية(رضي الله عنه).

مجلة بيوت المتقين العدد (33)


[1] الأمالي للشيخ الصدوق: ص158.

[2] الأمالي للشيخ الطوسي: 274.

[3] وقعة صفين ابن مزاحم المنقري: ص500.

[4] الأمالي للشيخ الصدوق: ص158.

[5] خلاصة الأقوال العلامة الحلي: ص190.

[6] رجال ابن داوود لابن داوود الحلي: 121.

[7] أبن عباس وأموال البصرة لسيد جعفر مرتضى العاملي: ص81.

[8] مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب: ج3، ص4.