وفيه مباحث:
وفيه فصول:
يستحبّ الأذان والإقامة في الفرائض اليوميّة أداءً وقضاءً، حضراً وسفراً، في الصحّة والمرض، للجامع والمنفرد، رجلاً كان أو امرأة، ويتأكّدان في الأدائيّة منها، وفي خصوص المغرب والغداة، كما يتأكّدان للرجال وأشدّهما تأكيداً لهم الإقامة، بل الأحوط - استحباباً - لهم الإتيان بها، ولا يتأكّدان بالنسبة إلى النساء، ولا يشرع الأذان ولا الإقامة في النوافل، ولا في الفرائض غير اليوميّة.
مسألة 567: يسقط الأذان للصلاة الثانية من المشتركتين في الوقت إذا جمع بينهما وأذّن للأُولى، سواء أكان الجمع مستحبّاً - كما في الظهرين يوم عرفة في الوقت الأوّل ولو في غىر الموقف والعشاءين ليلة العيد بمزدلفة في الوقت الثاني - أم لم يكن الجمع مستحبّاً، وكذا إذا جمع بين قضاء الفوائت في مجلس واحد فإنّه يسقط الأذان ممّا عدا الأُولى، ولا يترك الاحتياط في الجميع بترك الأذان بداعي المشروعيّة، بل لا ىترك الاحتىاط بعدم الإتىان به في الموردين الأوّلين مطلقاً ولو رجاءً مع عدم الفصل بصلاة أُخرى ولا سيّما النافلة.
مسألة 568: يسقط الأذان والإقامة جميعاً في موارد:
الأوّل: الداخل في الجماعة التي أذّنوا لها وأقاموا - وإن لم يسمع - من غير فرق في ذلك بين أن تكون الجماعة منعقدة فعلاً أو في شرف الانعقاد، كما لا فرق في الصورة الثانية بين أن يكون الداخل هو الإمام أو المأموم.
الثاني: الداخل إلى المسجد قبل تفرّق الجماعة مع انتهائهم من الصلاة، فإنّه إذا أراد الصلاة منفرداً لم يتأكّد له الأذان والإقامة - بل الأحوط الأولى أن لا يأتي بالأذان إلّا سرّاً - وأمّا إذا أراد إقامة جماعة أُخرى فيسقطان عنه على وجه العزيمة ويشترط في السقوط وحدة المكان عرفاً، فمع كون إحداهما في أرض المسجد، والأُخرى على سطحه يشكل السقوط.
ويشترط أيضاً أن تكون الجماعة السابقة بأذان وإقامة، فلو كانوا تاركين لهما لاجتزائهم بأذان جماعة سابقة عليها وإقامتها فلا سقوط، وأن تكون جماعتهم صحيحة فلو كان الإمام فاسقاً مع علم المأمومين به فلا يسقطان، ويعتبر كون الصلاتين أدائيّتين إلّا إذا كان الداخل منفرداً فإنّه يسقط عنه الأذان خاصّة ولو كانت صلاته قضائيّة، ويعتبر أيضاً اشتراكهما في الوقت بمعنى عدم تمايز الوقتين فلو كانت السابقة عصراً وأراد الداخل أن يصلّي المغرب فلا يسقطان، والظاهر جواز الإتيان بهما في جميع الصور برجاء المطلوبيّة، وكذلك إذا كان المكان غير المسجد.
الثالث: إذا سمع شخصاً آخر يؤذّن ويقيم للصلاة، بشرط أن لا يقع بين صلاته وبين ما سمعه فصل كثير، وأن يسمع تمام الفصول، ومع فرض النقصان يجوز له أن يتمّ ما نقصه القائل، ولا فرق فيما ذُكر بين أن يكون الآتي بهما إماماً أو مأموماً أو منفرداً، وكذا الحال في السامع إلّا أنّه لا يكتفي - على الأحوط لزوماً - بسماع الإمام وحده أو المأمومين وحدهم في الصلاة جماعة.
فصول الأذان ثمانية عشر : (الله أكبر ) أربع مرّات، ثُمَّ (أشهد أن لا إله إلّا الله)، ثُمَّ (أشهد أنّ محمّداً رسول الله)، ثُمَّ (حيّ على الصلاة)، ثُمَّ (حيّ على الفلاح)، ثُمَّ (حيّ على خير العمل)، ثُمَّ (الله أكبر )، ثُمَّ (لا إله إلّا الله)، كلّ فصل مرّتان، وكذلك الإقامة، إلّا أنّ فصولها أجمع مثنى مثنى، إلّا التهليل في آخرها فمرّة، ويزاد فيها بعد (الحيعلات) قبل التكبير (قد قامت الصلاة) مرّتين، فتكون فصولها سبعة عشر، والشهادة لعليٍّ (علىه السلام) بالولاية وإمرة المؤمنين مكمّلة للشهادة بالرسالة ومستحبّة في نفسها وإن لم تكن جزءاً من الأذان ولا الإقامة، وكذا الصلاة على محمَّد وآل محمَّد عند ذكر اسمه الشريف.
يشترط فيهما أُمور :
الأوّل: النيّة ابتداءً واستدامةً، ويعتبر فيها القربة والتعيين مع الاشتراك.
الثاني والثالث: العقل والإيمان، ولايشترط البلوغ في الأذان فيجتزأ بأذان الصبيّ المميّز، ولكن الأحوط لزوماً عدم الاجتزاء بإقامته.
الرابع: الذكورة للذكور، فلا يعتدّ بأذان النساء وإقامتهنّ لغيرهنّ حتّى المحارم على الأحوط وجوباً، نعم يجتزأ بهما لهنّ، فإذا أمَّت المرأة النساء فأذّنت وأقامت كفى.
الخامس: الترتيب بتقديم الأذان على الإقامة، وكذا بين فصول كلٍّ منهما، فإذا قدّم الإقامة أعادها بعد الأذان، وإذا خالف بين الفصول أعاد على نحو يحصل الترتيب، إلّا أن تفوت الموالاة فيعيد من الأوّل.
السادس: الموالاة بين فصول كلٍّ منهما، فلا يفصل بينهما على وجه تنمحي صورتهما، وكذا تعتبر الموالاة العرفيّة بين الإقامة والصلاة، وأمّا الموالاة بين الأذان والإقامة فالأمر فيها أوسع، إذ يستحبّ الفصل بينهما بصلاة ركعتين أو بسجدة أو بغير ذلك ممّا ذكر في المفصّلات.
السابع: العربيّة وترك اللحن.
الثامن: دخول الوقت فلا يصحّان قبله - إلّا فيما يحكم فيه بصحّة الصلاة إذا دخل الوقت على المصلّي في الأثناء - نعم يجوز تقديم الأذان قبل الفجر للإعلام، ولكن الأحوط استحباباً أن لا يؤتى به بداعي الورود بل لبعض الدواعي العقلائيّة كإيقاظ النائمين وتنبيه الغافلين، وعلى كلّ حال لا يجزئ عن أذان الفجر .
التاسع: الطهارة من الحدث في الإقامة من دون الأذان.
العاشر: القيام في الإقامة خاصّة.
يستحبّ في الأذان الطهارة من الحدث والقيام والاستقبال، ويكره الكلام في أثنائه، وكذلك الإقامة، وتشتدّ كراهة الكلام بعد قول المقيم: (قد قامت الصلاة) إلّا فيما يتعلّق بالصلاة، ويستحبّ فيهما التسكين في أواخر فصولهما مع التأنّي في الأذان والحدر في الإقامة، والإفصاح بالألف والهاء من لفظ الجلالة ووضع الإصبعين في الأذنين في الأذان، ومدّ الصوت فيه ورفعه إذا كان المؤذّن ذكراً، ويستحبّ رفع الصوت أيضاً في الإقامة، إلّا أنّه دون الأذان، وغير ذلك ممّا هو مذكور في المفصّلات.
من ترك الأذان والإقامة أو أحدهما عمداً حتّى أحرم للصلاة لم يجز له قطعها واستئنافها على الأحوط لزوماً، وإذا تركهما أو ترك الإقامة فقط عن نسيان يستحبّ له الاستئناف مطلقاً، ولكن يختلف مراتبه حسب اختلاف زمان التذكّر وكونه قبل الدخول في القراءة أو بعده، قبل الدخول في الركوع أو بعده ما لم يفرغ من الصلاة فالاستئناف في كلِّ سابق أفضل من لاحقه.
قال الله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّـذيٖنَ هُــــــمْ فيٖ صَلٰاتِهِـــمْ خٰاشِعُونَ﴾ وروي عن النبيّ والأئمّة (علىهم السلام) كما في أخبار كثيرة أنّه: (لا يحسب للعبد من صلاته إلّا ما يقبل عليه منها)، وأنّه (لا يقدّمنّ أحدكم على الصلاة متكاسلاً ولا ناعساً ولا يفكّرن في نفسه، ويقبل بقلبه على ربّه، ولا يشغله بأمر الدنيا)، (وأنّ الصلاة وفادة على الله تعالى)، (وأنّ العبد قائم فيها بين يدي الله تعالى، فينبغي أن يكون قائماً مقام العبد الذليل الراغب الراهب الخائف الراجي المسكين المتضرّع)، و(أن يصلّي صلاة مودّع يرى أن لا يعود إليها أبداً)، وكان عليّ بن الحسين (علىهما السلام) إذا قام في الصلاة كأنّه ساق شجرة، لا يتحرّك منه إلّا ما حرّكت الريح منه، وكان أبو جعفر وأبو عبدالله (علىهما السلام) إذا قاما إلى الصلاة تغيّرت ألوانهما مرّة حمرة ومرّة صفرة، وكأنّهما يناجيان شيئاً يريانه، وينبغي أن يكون صادقاً في قوله: ﴿إِيّٰـاكَ نَعْبُـدُ وَإيّٰـاكَ نَسْـتَعيٖنَ﴾ فلا يكون عابداً لهواه، ولا مستعيناً بغير مولاه، وينبغي إذا أراد الصلاة أو غيرها من الطاعات أن يستغفرالله تعالى، ويندم على ما فرّط في جنب الله ليكون معدوداً في عداد المتّقين الذين قال الله تعالى في حقّهم ﴿إِنَّمٰا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقيٖنَ﴾.
وما توفيقي إلّا بالله عليه توكّلت وإليه أنيب، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليِّ العظيم.
وهي أحد عشر : النيّة، وتكبيرة الإحرام، والقيام، والقراءة، والذكر، والركوع، والسجود، والتشهّد، والتسليم، والترتيب، والموالاة، والأركان - وهي التي تبطل الصلاة بنقيصتها عمداً وسهواً - خمسة: النيّة، والتكبير، والقيام، والركوع، والسجود، والبقيّة أجزاء غير ركنيّة لا تبطل الصلاة بنقصها سهواً، وفي بطلانها بالزيادة تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى، هذا في صلاة الفريضة في حال الاختيار، وسيأتي سقوط بعض المذكورات إلى البدل أو لا إلى البدل في حال الاضطرار، كما سيأتي حكم الصلاة النافلة في مطاوي الفصول الآتية، وهي:
وقد تقدّم في الوضوء: أنّها القصد إلى الفعل متعبّداً به بإضافته إلى الله تعالى إضافة تذلّليّة، فيكفي أن يكون الباعث إليه أمر الله تعالى، ولا يعتبر التلفّظ بها، ولا إخطار صورة العمل تفصيلاً عند القصد إليه، ولا نيّة الوجوب ولا الندب، ولا تمييز الواجبات من الأجزاء عن مستحبّاتها، ولا غير ذلك من الصفات والغايات، بل يكفي الإرادة الإجماليّة المنبعثة عن أمر الله تعالى، المؤثّرة في وجود الفعل كسائر الأفعال الاختياريّة الصادرة عن المختار المقابل للساهي والغافل.
مسألة 569: يعتبر فيها الإخلاص فإذا انضمّ الرياء إلى الداعي الإلهيّ بطلت الصلاة وكذا غيرها من العبادات الواجبة والمستحبّة سواء أكان الرياء في الابتداء أم في الأثناء، ولو راءى في جزء - واجب أو مستحبّ - فإن سرى إلى الكلّ بأن كان الرياء في العمل المشتمل عليه، أو لزم من تداركه زيادة مبطلة بطلت صلاته، وإلّا لم يوجب بطلانها - كالرياء في جلسة الاستراحة إذا تداركها - وكذا الحال لو راءى في بعض أوصاف العبادة فلا تبطل إلّا مع سرايته إلى الموصوف مثل أن يرائي في صلاته جماعة أو في المسجد أو في الصفّ الأوّل أو خلف الإمام الفلانيّ أو أوّل الوقت أو نحو ذلك.
وأمّا مع عدم السراية - كما إذا راءى في نفس الكون في المسجد ولكن صلّى من غير رياء - فلا تبطل صلاته، كما أنّها لا تبطل بالرياء فيما هو خارج عنها مثل إزالة الخبث قبل الصلاة والتصدّق في أثنائها، وليس من الرياء المبطل ما لو أتى بالعمل خالصاً لله تعالى، ولكنّه كان يعجبه أن يراه الناس، كما أنّ الخطور القلبيّ لا يبطل الصلاة، خصوصاً إذا كان يتأذّى بهذا الخطور .
ولو كان المقصود من العبادة أمام الناس رفع الذمّ عن نفسه أو ضرر آخر غير ذلك لم يكن رياءً ولا مفسداً على ما سيأتي في المسألة التالية، والرياء المتأخّر عن العبادة لا يبطلها، كما لو كان قاصداً الإخلاص ثُمَّ بعد إتمام العمل بدا له أن يذكر عمله رغبة في الأغراض الدنيويّة، والعُجب المتأخّر لا يبطل العبادة، وأمّا المقارن فإن كان منافياً لقصد القربة كما لو وصل إلى حدّ الإدلال على الربّ تعالى بالعمل والامتنان به عليه أبطل العبادة وإلّا فلا يبطلها.
مسألة 570: الضمائم الأُخر غير الرياء إن كانت راجحة أو مباحة وكان الداعي إليها القربة كما إذا أتى بالصلاة قاصداً تعليم الغير أيضاً قربة إلى الله تعالى لم تضرّ بالصحّة مطلقاً، وأمّا إذا لم يكن الداعي إلى الضميمة هي القربة فيؤدّي إلى بطلان الصلاة إن لم يكن الداعي الإلهيّ محرّكاً وداعياً بالاستقلال، بل وإن كان كذلك على الأحوط لزوماً.
مسألة 571: يعتبر تعيين نوع الصلاة التي يريد الإتيان بها ولو مع وحدة ما في الذمّة، سواء أكان متميّزاً عن غيره خارجاً أم كان متميّزاً عنه بمجرّد القصد كالظهر والعصر وصلاة القضاء والصلاة نيابة عن الغير، وكذلك يعتبر التعيين فيما إذا اشتغلت الذمّة بفردين أو أزيد مع اختلافهما في الآثار كما إذا كان أحدهما موقّتاً دون الآخر .
وأمّا مع عدم الاختلاف في الآثار فلا يلزم التّعيين كما لو نذر صلاة ركعتين مكرّراً فإنّه لا يجب التّعيين في مثله، ويكفي في التّعيين في المقامين القصد الإجماليّ، ولا يعتبر إحراز العنوان تفصيلاً، فيكفي في صلاة الظهر مثلاً قصد ما يؤتى به أوّلاً من الفريضتين بعد الزوال، وكذا يكفي فيما إذا اشتغلت الذمّة بظهر أدائيّة وأُخرى قضائيّة مثلاً أن يقصد عنوان ما اشتغلت به ذمّته أوّلاً وهكذا في سائر الموارد.
مسألة 572: لا تجب نيّة الوجوب ولا الندب ولا الأداء ولا غير ذلك من صفات الأمر والمأمور به، نعم يعتبر قصد القضاء ويتحقّق بقصد بدليّة المأتيّ به عمّا فات، ويكفي قصده الإجماليّ أيضاً، فإذا علم أنّه مشغول الذمّة بصلاة الظهر ولا يعلم أنّها قضاء أو أداء صحّت إذا قصد الإتيان بما اشتغلت به الذمّة فعلاً، وإذا اعتقد أنّها أداءٌ فنواها أداءً صحّت أيضاً إذا قصد امتثال الأمر المتوجّه إليه وإن كانت في الواقع قضاءً، وكذا الحكم في سائر الموارد.
مسألة 573: لا يجب الجزم بالنيّة في صحّة العبادة، فلو صلّى في ثوب مشتبه بالنجس لاحتمال طهارته، وبعد الفراغ تبيّنت طهارته صحّت الصلاة وإن كان عنده ثوب معلوم الطهارة، وكذا إذا صلّى في موضع الزحام لاحتمال التمكّن من الإتمام فاتّفق تمكّنه صحّت صلاته، وإن كان يمكنه الصلاة في غير موضع الزحام.
مسألة 574: قد عرفت أنّه لا يجب حين العمل الالتفات إليه تفصيلاً وتعلّق القصد به كذلك، بل يكفي الالتفات إليه وتعلّق القصد به قبل الشروع فيه وبقاء ذلك القصد إجمالاً على نحو يستوجب وقوع الفعل من أوّله إلى آخره عن داعٍ قربيّ، بحيث لو التفت إلى نفسه لرأى أنّه يفعل عن قصد قربيّ، وإذا سئل أجاب بذلك، ولا فرق بين أوّل الفعل وآخره.
مسألة 575: إذا تردّد المصلّي في إتمام صلاته، أو عزم على قطعها ولو بعد ذلك، أو نوى الإتيان بالقاطع مع الالتفات إلى كونه مبطلاً فإن لم يأتِ بشيء من أجزائها في هذا الحال ولم يأت بمبطل آخر جاز له الرجوع إلى نيّته الأُولى وإتمام صلاته، وأمّا إذا أتى ببعض الأجزاء ثُمَّ عاد إلى النيّة الأُولى فإن قصد به جزئيّة الصلاة وكان فاقداً للنيّة المعتبرة كما إذا أتى به بداعويّة الأمر التشريعيّ بطلت صلاته، وإن لم يقصد به الجزئيّة فالبطلان موقوف على كونه فعلاً كثيراً ماحياً لصورة الصلاة أو ممّا تكون زيادته ولو بغير قصد الجزئيّة مبطلة، وسيأتي ضابطه في أحكام الخلل.
مسألة 576: إذا شكّ في النيّة وهو في الصلاة، فإن علم بنيّته فعلاً وكان شكّه في الأجزاء السابقة مضى في صلاته، كمن شكّ في نيّة صلاة الفجر حال الركوع مع العلم بأنّ الركوع قد أتى به بعنوان صلاة الفجر، وأمّا إذا لم يعلم بنيّته حتّى فعلاً فلا بُدَّ له من إعادة الصلاة، هذا في غير المترتّبتين الحاضرتين كالظهر والعصر، وأمّا فيهما فلو لم يكن آتياً بالأُولى أو شكّ في إتيانه بها وكان في وقت تجب عليه، جَعَلَ ما بيده الأُولى وأتمّها ثُمَّ أتى بالثانية.
مسألة 577: إذا دخل في فريضة فأتمّها بزعم أنّها نافلة غفلة صحّت فريضة، وفي العكس تصحّ نافلة.
مسألة 578: إذا قام لصلاة ونواها في قلبه فسبق لسانه أو خياله خطوراً إلى غيرها صحّت على ما قام إليها ولا يضرّ سبق اللسان ولا الخطور الخياليّ.
مسألة 579: لا يجوز العدول عن صلاة إلى أُخرى، إلّا في موارد:
منها: مــا إذا كانت الصلاتــان أدائيّتين متــرتّبتين - كـــالظهريـــن والعشاءيـــن - وقد دخل في الثانية قبل الأُولى، فإنّه يجب أن يعدل إلى الأُولى إذا تذكّر في الأثناء إلّا إذا لم تكن وظيفته الإتيان بالأُولى لضيق الوقت.
ومنها: إذا كانت الصلاتان قضائيّتين فدخل في اللاحقة ثُمَّ تذكّر أنّ عليه سابقة فإنّ المشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) جواز العدول إلى السابقة، ولكن الأحوط لزوماً عدم العدول.
ومنها: ما إذا دخل في الحاضرة فذكر أنّ عليه فائتة، فإنّه يجوز العدول إلى الفائتة مع عدم تضيّق وقت الحاضرة، بأن كان متمكّناً من أدائها بتمامها في الوقت بعد إتمام الفائتة.
وإنّما يجوز العدول في الموارد المذكورة، إذا ذكر قبل أن يتجاوز محلّه، أمّا إذا ذكر في ركوع رابعة العشاء - مثلاً - أنّه لم يصلِّ المغرب فلا محلّ للعدول فيتمّ ما بيده عشاءً ويأتي بالمغرب بعدها.
ومنها: ما إذا نسي فقرأ في الركعة الأُولى من صلاة الجمعة سورة تامّة غير سورة الجمعة، فإنّه يستحبّ له العدول إلى النافلة ثُمَّ يستأنف الفريضة ويقرأ سورة الجمعة.
ومنها: ما إذا دخل في فريضة منفرداً ثُمَّ أقيمت الجماعة للصلاة التي دخل فيها، فإنّه يستحبّ له العدول بها إلى النافلة مع بقاء محلّه - وهو ما قبل القىام إلى الركعة الثالثة - ثُمَّ يتمّها ويدخل في الجماعة.
ومنها: ما إذا دخل المسافر في القصر ثُمَّ نوى الإقامة قبل التسليم فإنّه يعدل بها إلى التمام، وإذا دخل المقيم في التمام فعدل عن الإقامة عدل بها إلى القصر - إلّا إذا كان عدوله بعد ركوع الثالثة فإنّه تبطل صلاته حينئذٍ - ولكن هذا ليس من موارد العدول من صلاة إلى صلاة لأنّ القصر والتمام ليسا نوعين من الصلاة بل فردين لنوع واحد يختلفان في الكيفيّة.
مسألة 580: إذا عدل في غير محلّ العدول فإن كان ساهياً ثُمَّ التفت أتمّ الأُولى إن لم يأتِ بشيء من الأجزاء بنيّة الثانية أو أتى به ولكن تداركه، نعم إذا كانت ركعة بطلت الصلاة وكذا إذا كان ركوعاً أو سجدتين على الأحوط لزوماً، وأمّا المتعمّد في العدول في غير محلّه فيجري عليه ما تقدّم في المسألة (575).
مسألة 581: يجوز تَرامي العدول، فإذا كان في لاحقة أدائيّة فذكر أنّه لم يأتِ بسابقتها فعدل إليها ثُمَّ تذكّر أنّ عليه فائتة فعدل إليها أيضاً صحّ.
وتسمّى تكبيرة الافتتاح، وصورتها: (الله أكبر ) ولا يجزئ مرادفها بالعربيّة، ولا ترجمتها بغير العربيّة، وإذا تمّت حَرُمَ ما لا يجوز فعله من منافيات الصلاة، وهي ركن تبطل الصلاة بنقصها عمداً وسهواً، وتبطل بزيادتها عمداً، فإذا جاء بها ثانية بطلت الصلاة فيحتاج إلى ثالثة، فإن جاء بالرابعة بطلت أيضاً واحتاج إلى خامسة، وهكذا تبطل بالشفع وتصحّ بالوتر، ولا تبطل الصلاة بزيادتها سهواً، ويجب الإتيان بها على النهج العربيّ - مادّةً وهيئةً - والجاهل يلقّنه غيره أو يتعلّم، فإن لم يمكن ولو لضيق الوقت اجتزأ بما أمكنه منها وإن كان غلطاً ما لم يكن مغيّراً للمعنى، فإن عجز جاء بمرادفها، وإن عجز فبترجمتها على الأحوط وجوباً في الصورتين الأخيرتين.
مسألة 582: الأحوط الأولى عدم وصل التكبيرة بما قبلها من الكلام دعاءً كان أو غيره، لئلّا تدرج همزتها إذا لم يكن الوصل بالسكون، كما أنّ الأحوط الأولى عدم وصلها بما بعدها من بسملة أو غيرها، وأن لا يعقّب اسم الجلالة بشيء من الصفات الجلاليّة أو الجماليّة، وينبغي تفخيم اللّام من لفظ الجلالة والرّاء من أكبر .
مسألة 583: يجب فيها مع القدرة القيام التامّ فإذا تركه - عمداً أو سهواً - بطلت، من غير فرق بين المأموم الذي أدرك الإمام راكعاً وغيره، بل يجب التربّص في الجملة حتّى يعلم بوقوع التكبير تامّاً قائماً، وأمّا الاستقرار في القيام المقابل للمشي والتمايل من أحد الجانبين إلى الآخر أو الاستقرار بمعنى الطمأنينة فهو وإن كان واجباً حال التكبير ولكن إذا تركه سهواً لم تبطل الصلاة، وأمّا الاستقلال - بأن لا يتّكئ على شيء كالعصا ونحوه - فالأحوط وجوباً رعايته أيضاً مع التمكّن، ولا يضرّ الإخلال به سهواً.
مسألة 584: الأخرس لعارض مع التفاته إلى لفظة التكبيرة يأتي بها على قدر ما يمكنه، فإن عجز حرّك بها لسانه وشفتيه حين إخطارها بقلبه وأشار بإصبعه إليها على نحو يناسب تمثيل لفظها إذا تمكّن منها على هذا النحو، وإلّا فبأيّ نحو ممكن، وأمّا الأخرس الأصمّ من الأوّل فيحرّك لسانه وشفتيه تشبيهاً بمن يتلفّظ بها مع ضمّ الإشارة بالإصبع إليها أيضاً، وكذلك حالهما في القراءة وسائر أذكار الصلاة.
مسألة 585: يجزئ لافتتاح الصلاة تكبيرة واحدة ويستحبّ الإتيان بسبع تكبيرات، والأحوط الأولى أن يجعل السابعة تكبيرة الإحرام مع الإتيان بما قبلها رجاءً.
مسألة 586: يستحبّ للإمام الجهر بواحدة والإسرار بالبقيّة، ويستحبّ أن يكون التكبير في حال رفع اليدين مضمومة الأصابع حتّى الإبهام والخنصر مستقبلاً بباطنهما القبلة، والأفضل في مقدار الرفع أن تبلغ السبّابة قريب شحمة الأذن.
مسألة 587: إذا كبّر ثُمَّ شكّ في أنّها تكبيرة الإحرام أو للركوع، بنى على الأُولى فيأتي بالقراءة ما لم يكن شكّه بعد الهويّ إلى الركوع، وإن شكّ في صحّتها بنى على الصحّة، وإن شكّ في وقوعها وقد دخل فيما بعدها من الاستعاذة أو القراءة بنى على وقوعها.
مسألة 588: يجوز الإتيان بالتكبيرات ولاءً بلا دعاء، والأفضل أن يأتي بثلاث منها ثُمَّ يقول: (اللّهم أنت الملك الحقّ، لا إله إلّا أنت سبحانك إنّي ظلمت نفسي، فاغفر لي ذنبي، إنّه لا يغفر الذنوب إلّا أنت) ثُمَّ يأتي باثنتين ويقول: (لبّيك، وسعديك، والخير في يديك، والشرّ ليس إليك، والمهديّ من هديت، لا ملجأ منك إلّا إليك، سبحانك وحنانيك، تباركت وتعاليت، سبحانك ربّ البيت).
ثُمَّ يأتي باثنتين ويقول: (وجّهت وجهي للّذي فطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إنّ صلاتي ونسكي ومَحياي ومَماتي لله ربّ العالمين، لا شريك له، وبذلك أُمرت وأنا من المسلمين) ثُمَّ يستعيذ ويقرأ سورة الحمد.
وهو ركن حال تكبيرة الإحرام - كما عرفت - وكذا عند الركوع، وهو الذي يكون الركوع عنه - المعبّر عنه بالقيام المتّصل بالركوع - فمن كبّر للافتتاح وهو جالس بطلت صلاته، وكذا إذا ركع جالساً سهواً وإن قام في أثناء الركوع متقوّساً، وفي غير هذين الموردين لا يكون القيام الواجب ركناً كالقيام بعد الركوع، والقيام حال القراءة أو التسبيح، فإذا قرأ جالساً سهواً أو سبّح كذلك ثُمَّ قام وركع عن قيام ثُمَّ التفت صحّت صلاته، وكذا إذا نسي القيام بعد الركوع حتّى خرج عن حدّ الركوع فإنّه لا يلزمه الرجوع، وإن كان ذلك أحوط استحباباً ما لم يدخل في السجود.
مسألة 589: إذا هوى لغير الركوع ثُمَّ نواه في أثناء الهويّ لم يجز، ولم يكن ركوعه عن قيام فتبطل صلاته، نعم إذا لم يصل إلى حدِّ الركوع فانتصب قائماً وركع عنه تصحّ صلاته، وكذلك إذا وصل ولم ينوِه ركوعاً.
مسألة 590: إذا هوى إلى الركوع عن قيام وفي أثناء الهويّ غفل حتّى هوى للسجود فإن كانت الغفلة بعد تحقّق مسمّى الركوع بأن توقّف شيئاً ما في حدّ الركوع فغفل فهوى إلى السجود حتّى خرج عن حدّ الركوع صحّت صلاته، والأحوط استحباباً أن يقــوم منتصـــباً ثُمَّ يهــــوي إلى السجـــود إذا كــان التفاته إلى ذلــك قبـل أن يدخل في السجود وإلّا مضى في صلاته، نعم الأحوط استحباباً إعادة الصلاة بعد الإتمام إذا كان التفاته قبل الدخول في السجدة الثانية.
وإن كانت الغفلة قبل تحقّق مسمّى الركوع عاد إلى القيام منتصباً ثُمَّ هوى إلى الركوع ومضى وصحّت صلاته، نعم إذا كان قد دخل في السجدة الثانية فالأحوط وجوباً إعادة الصلاة.
مسألة 591: يجب مع الإمكان الانتصاب في القيام فإذا انحنى أو مال إلى أحد الجانبين بطل، ولا بأس بإطراق الرأس وإن كان الأحوط استحباباً انتصاب العنق، ويجب أيضاً أن لا يفرّج بين رجليه تفريجاً فاحشاً على نحو يخرج عن صدق القيام عرفاً، بل وإن لم يخرج عن صدقه على الأحوط لزوماً، ويجب أيضاً في القيام الاستقرار بالمعنى المقابل للجري والمشي وأمّا الاستقرار بمعنى الطمأنينة فإطلاق اعتباره مبنيّ على الاحتياط اللزوميّ، والأحوط وجوباً الوقوف في حال القيام على القدمين جميعاً، فلا يقف على أحدهما ولا على أصابعهما فقط ولا على أصل القدمين فقط، كما أنّ الأحوط وجوباً عدم الاعتماد على عصا أو جدار أو إنسان في حال القيام مع التمكّن من تركه، وإذا دار الأمر بين القيام مستنداً والجلوس مستقلّاً تعيّن الأوّل.
مسألة 592: إذا قدر على ما يصدق عليه القيام عرفاً بلحاظ حاله، ولو منحنياً أو منفرج الرجلين صلّى قائماً، وإن عجز عن ذلك صلّى جالساً ويجب الانتصاب والاستقرار والطمأنينة على نحو ما تقدّم في القيام، هذا مع الإمكان وإلّا اقتصر على الممكن، فإن تعذّر الجلوس حتّى الاضطراريّ صلّى مضطجعاً على الجانب الأيمن ووجهه إلى القبلة كهيئة المدفون، ومع تعذّره فعلى الأيسر عكس الأوّل على الأحوط وجوباً في الترتيب بينهما، وإن تعذّر صلّى مستلقياً ورجلاه إلى القبلة كهيئة المحتضر ويجب أن يومئ برأسه للركوع والسجود مع الإمكان، والأحوط لزوماً أن يجعل إيماء السجود أخفض من إيماء الركوع، ومع العجز يومئ بعينه.
مسألة 593: إذا تمكّن من القيام ولم يتمكّن من الركوع عن قيام صلّى قائماً وأومأ للركوع، والأحوط استحباباً أن يعيد صلاته مع الركوع جالساً، وإن لم يتمكّن من السجود أيضاً صلّى قائماً وأومأ للسجود كذلك، أو جلس عند السجود على الكرسيّ ووضع جبهته على ما يصحّ السجود عليه فوق الطاولة أمامه.
مسألة 594: المصلّي جالساً إذا تجدّدت له القدرة على القيام في أثناء الصلاة انتقل إليه ويترك القراءة والذكر في حال الانتقال، ولا يجب عليه استئناف ما فعله حال الجلوس، فلو قرأ جالساً ثُمَّ تجدّدت له القدرة على القيام - قبل الركوع وبعد القراءة - قام للركوع وركع من دون إعادة للقراءة، ولا فرق في ذلك بين سعة الوقت وضيقه، وهكذا الحال في المصلّي مضطجعاً إذا تجدّدت له القدرة على الجلوس، أو المصلّي مستلقياً إذا تجدّدت له القدرة على الاضطجاع.
مسألة 595: إذا دار الأمر بين القيام في الجزء السابق والقيام في الجزء اللاحق يقدّم القيام الركنيّ على غيره سواء أكان متقدّماً زماناً أم متأخّراً، وفي غير ذلك يقدّم المتقدّم مطلقاً، إلّا إذا دار الأمر بين القيام حال التكبيرة والقيام المتّصل بالركوع فإنّه يقدّم الثاني.
مسألة 596: يستحبّ في القيام إسدال المنكبين، وإرسال اليدين، ووضع الكفّين على الفخذين قبال الركبتين اليمنى على اليمنى واليسرى على اليسرى، وضمّ أصابع الكفّين، وأن يكون نظره إلى موضع سجوده، وأن يصفّ قدميه متحاذيتين مستقبلاً بهما، ويباعد بينهما بثلاث أصابع مفرّجات أو أزيد إلى شبر، وأن يسوّي بينهما في الاعتماد، وأن يكون على حال الخضوع والخشوع، فإنّه قيام عبد ذليل بين يدي المولى الجليل.
يعتبر في الركعة الأُولى والثانية من كلّ صلاة فريضة ونافلة قراءة فاتحة الكتاب، ويجب على الأحوط لزوماً في خصوص الفريضة قراءة سورة كاملة بعدها، وإذا قدّمها عليها عمداً استأنف الصلاة، وإذا قدّمها سهواً وذكر قبل الركوع فإن كان قد قرأ الفاتحة بعدها أعاد السورة، وإن لم يكن قد قرأ الفاتحة قرأها وقرأ السورة بعدها، وإن ذكر بعد الركوع مضى، وكذا إن نسيهما أو نسي إحداهما وذكر بعد الركوع.
مسألة 597: تجب السورة في الفريضة - على ما مرّ - وإن صارت نافلة كالمعادة، ولا تجب في النافلة وإن صارت واجبة بالنذر ونحوه، نعم النوافل التي وردت في كيفيّتها سور مخصوصة لا بُدَّ من قراءة تلك السور فيها فلا تشرع بدونها، إلّا إذا كانت السورة شرطاً لكمالها لا لأصل مشروعيّتها.
مسألة 598: تسقط السورة في حال المرض والاستعجال، وكذا في ضيق الوقت والخوف ونحوهما من موارد الضرورة وإن كانت عرفيّة، فإنّه يجوز الاقتصار فيها على قراءة الحمد وترك السورة، بل يجب ذلك في صورة ضيق الوقت وبعض موارد الخوف.
مسألة 599: لا يجوز تفويت الوقت بقراءة السور الطوال فإن قرأها ولو سهواً بطلت صلاته إذا استلزم عدم إدراك ركعة من الوقت، بل وإن أدرك ركعة منه إذا أتى بالمقدار المفوّت عمداً بل وإن شرع فيه عمداً على الأحوط لزوماً، وأمّا إذا أتى به سهواً وأدرك ركعة من الوقت صحّت صلاته، ولو شرع في قراءتها ساهياً والتفت في الأثناء عدل إلى غيرها على الأحوط لزوماً إن كان في سعة الوقت، وإلّا تركها وركع وصحّت الصلاة.
مسألة 600: من قرأ إحدى سور العزائم في الفريضة وجب عليه السجود للتلاوة فإن سجد أعاد صلاته على الأحوط لزوماً، وإن عصى ولم يسجد فله إتمامها ولا تجب عليه الإعادة وإن كانت أحوط استحباباً، وهكذا الحكم فيما إذا قرأها نسياناً وتذكّر بعد قراءة آية السجدة فإنّه إن سجد نسياناً أيضاً أتمّها وصحّت صلاته، وإن التفت قبل السجود جرى عليه ما تقدّم في القراءة العمديّة.
مسألة 601: إذا استمع إلى آية السجدة وهو في صلاة الفريضة فالأحوط لزوماً أن يومئ إلى السجود وهو في الصلاة ثُمَّ يأتي به بعد الفراغ منها، ولا يجب السجود بالسماع من غير اختيار إلّا إذا كان مصلّىاً بصلاة من قرأها فىسجد متابعةً له إن سجد وىومئ برأسه إن لم¬ ىسجد.
مسألة 602: لا بأس بقراءة سور العزائم في النافلة منفردة أو منضمّة إلى سور أُخرى، ويسجد عند قراءة آية السجدة، ويعود إلى صلاته فيتمّها، وكذا الحكم لو قرأ آية السجدة وحدها، وسور العزائم أربع (الم السجدة، حم السجدة، النجم، اقرأ باسم ربّك).
مسألة 603: تجب قراءة البسملة في سورة الفاتحة لأنّها جزء منها، والأحوط لزوماً الإتيان بها في كلّ سورة - غير سورة التوبة - مع عدم ترتيب آثار الجزئيّة عليها كالاقتصار على قراءتها بعد الحمد في صلاة الآيات - مثلاً - ، ولا يجب تعيين البسملة حين القراءة وأنّها لأيّة سورة، لكنّ الأحوط وجوباً إعادتها لو عيّنها لسورة ثُمَّ أراد قراءة غيرها، ويكفي في التعيين الإشارة الإجماليّة، وإذا كان عازماً من أوّل الصلاة على قراءة سورة معيّنة أو كان من عادته ذلك فقرأ غيرها كفى ولم تجب إعادة السورة.
مسألة 604: يجوز القِران بين سورتين في الصلاة - أي قراءة أكثر من سورة في الركعة الواحدة -، ولكن يكره ذلك في الفريضة.
مسألة 605: لا يكره القران بين سورتي (الفيل) و(الإيلاف) وكذا بين سورتي (الضحى) و(ألم نشرح)، بل الأحوط وجوباً عدم الاجتزاء بواحدة منهما فيجمع بينهما مرتّبة مع البسملة الواقعة بينهما.
مسألة 606: تجب القراءة الصحيحة بأداء الحروف وإخراجها من مخارجها على النحو اللازم في لغة العرب، كما يجب أن تكون هيئة الكلمة موافقة للأسلوب العربيّ، من حركة البِنْيَة وسكونها، وحركات الإعراب والبناء وسكناتها، وأمّا الحذف والقلب والإدغام والمدّ وغير ذلك فسيأتي الكلام فيها في المسائل الآتية.
مسألة 607: يجب حذف همزة الوصل في الدرج مثل همزة (الله) و(الرّحمٰن) و(الرّحيم) و(اهدنا) وغيرها، وكذا يجب إثبات همزة القطع مثل همزة (إيّاك) و(أنعمت)، فإذا أثبت الأُولى أو حذف الثانية بطلت الكلمة فيجب تداركها صحيحة.
مسألة 608: يجوز الوقوف بالحركة وكذا الوصل بالسكون وإن كان الأحوط استحباباً تركهما، كما يجوز ترك رعاية سائر قواعد الوقف لأنّها من المحسّنات.
مسألة 609: يجب المدّ عند علماء التجويد في موردين:
1. أن يقع بعد الواو المضموم ما قبلها، أو الياء المكسور ما قبلها، أو الألف المفتوح ما قبلها سكون لازم في كلمة واحدة مثل (أتُحآجّوٓنّيٖ) وفواتح السور كـ (ص).
2. أن تقع بعد أحد تلك الحروف همزة في كلمة واحدة مثل (جَآءَ) و(جِيٓءَ) و(سُوٓءَ)، ولا تتوقّف صحّة القراءة على المدّ في شيء من الموردين، وإن كان الأحوط استحباباً رعايته ولا سيّما في الأوّل، نعم إذا توقّف عليه أداء الكلمة كما في (الضّآلّيٖن) حيث يتوقّف التحفّظ على التشديد والألف على مقدار من المدّ وجب بهذا المقدار لا أزيد.
مسألة 610: الأحوط استحباباً الإدغام إذا كان بعد النون الساكنة أو التنوين أحد حروف (يرملون)، ففي (لم يكنْ لَه) يدغم النون في اللّام، وفي (صلِّ على محمّدٍ وَآله) يدغم التنوين في الواو، ويجوز ترك الإدغام في مثل ذلك مع الوقف وبدونه.
ولا يجوز الإدغام فيما إذا اجتمع الحرفان في كلمة واحدة وكان الإدغام مستلزماً للبس كـ (صِنْوان) و(قِنْوان).
مسألة 611: يجب إدغام لام التعريف إذا دخلت على التّاء والثّاء والدّال والذّال والرّاء والزّاء والسّين والشّين والصّّاد والضّاد والطّاء والظّاء واللّام والنّون ويجب إظهارها في بقيّة الحروف فتقول في: (الله)(1) و(الرّحمن) و(الرّحيم) و(الصّراط) و(الضّآلّيٖن) بالإدغام، وفي (الْحَمد) و(الْعالمين) و(الْمُستقيم) بالإظهار .
مسألة 612: يجب الإدغام في مثل (مدّ) و(ردّ) ممّا اجتمع مثلان في كلمة واحدة، إلّا فيما ثبت فيه جواز القراءة بوجهين، كقوله تعالى: ﴿مـــَنْ يَرْتَدَّ مِنْـــــكُمْ عَـــــنْ دِينِهِ﴾، ولا يجب الإدغام في مثل (اذْهَبْ بكتابي) ممّا اجتمع فيه المثلان في كلمتين وكان الأوّل ساكناً، وإن كان الإدغام أحوط استحباباً.
مسألة 613: تجوز قراءة ﴿مٰالِــــكِ يَـــوْمِ الدِّينِ﴾ و ﴿مَلِـكِ يَــــــــوْمِ الـــــدِّينِ﴾، ويجوز في (الصّراط) بالصاد والسين، ويجوز في (كفواً) أن يقرأ بضمّ الفاء وبسكونها، مع الهمزة أو الواو .
مسألة 614: إذا لم يقف على (أحد) في ﴿قُـــلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ ووصله بـ﴿اللهُ الصَّمَدُ﴾ فالأحوط الأولى أن لا يحذف التنوين بل يثبته، فيقول: (أحدُنِ اللهُ الصَّمد) بضمّ الدّال وكسر النّون.
مسألة 615: إذا اعتقد كون كلمة على وجه خاصّ من الإعراب أو البناء أو مخرج الحرف فصلّى مدّة على ذلك الوجه ثُمَّ تبيّن أنّه غلط صحّت صلاته، وإن كان الأحوط استحباباً إعادتها.
مسألة 616: الأنسب أن تكون القراءة على طبق المتعارف من القراءات السبع، وتكفي القراءة على النهج العربيّ وإن كانت مخالفة لها في حركة بِنْيَة أو إعراب، نعم لا يجوز التعدّي عن القراءات التي كانت متداولة في عصر الأئمّة (علىهم السلام) فيما يتعلّق بالحروف والكلمات.
مسألة 617: الأحوط وجوباً للرجال الجهر بالقراءة في صلاة الصبح وفي الأُوليين من صلاتي المغرب والعشاء، والإخفات في غير الأُوليين منهما، وكذا في صــلاة الظهر - في غير يوم الجمعة كما سيأتي - وفي صلاة العصر، عدا البسملة فإنّه يستحبّ فيهما الجهر بها.
والأحوط وجوباً الجهر بالقراءة في صلاة الجمعة ويستحبّ ذلك في الأُوليين من صلاة الظهر في يوم الجمعة أيضاً.
مسألة 618: إذا جهر عمداً في موضع الإخفات أو أخفت عمداً في موضع الجهر بطلت صلاته على الأحوط لزوماً، وإذا كان ناسياً أو جاهلاً بأصل الحكم أو بمعنى الجهر والإخفات صحّت صلاته، وإذا تذكّر الناسي أو علم الجاهل في أثناء القراءة مضى في القراءة، ولم تجب عليه إعادة ما قرأه.
مسألة 619: لا جهر على النساء، بل يتخيّرن بينه وبين الإخفات في الجهريّة ويجب عليهنّ الإخفات في الإخفاتيّة على الأحوط لزوماً، ويعذرن فيما يعذر الرجال فيه.
مسألة 620: يعتبر في القراءة وغيرها من الأذكار والأدعية صدق التكلّم بها عرفاً، والتكلّم هو : الصوت المعتمد على مخارج الفم الملازم لسماع المتكلّم همهمته ولو تقديراً، فلا يكفي فيه مجرّد تصوير الكلمات في النفس من دون تحريك اللسان والشفتين أو مع تحريكهما من غير خروج الصوت عن مخارجه المعتادة، نعم لا يعتبر فيه أن يُسمع المتكلّم نفسه - ولو تقديراً - ما يتلفّظ به من الكلمات متميّزة بعضها عن بعض، وإن كان يستحبّ للمصلّي أن يسمع نفسه تحقيقاً ولو برفع موانعه، فلا يصلّي في مهبّ الريح الشديد أو في الضَّوْضاء.
وأمّا اتّصاف التكلّم بالجهر والإخفات فالمناط فيه أيضاً الصدق العرفيّ لا سماع من بجانبه وعدمه، ولا ظهور جوهر الصوت وعدمه، فلا يصدق الإخفات على ما يشبه كلام المبحوح وإن كان لا يظهر جوهر الصــوت فيه، ولا يجـــوز الإفــراط في الجهر - كالصياح - في القراءة حال الصلاة.
مسألة 621: من لا يقدر على قراءة الحمد إلّا على الوجه الملحون ولا يستطيع أن يتعلّم أجزأه ذلك إذا كان يحسن منه مقداراً معتدّاً به، وإلّا فالأحوط لزوماً أن يضمّ إلى قراءته ملحوناً قراءة شيء يحسنه من سائر القرآن، وإلّا فالتسبيح.
وأمّا القادر على التعلّم إذا ضاق وقته عن تعلّم جميعه فإن تعلّم بعضه بمقدار معتدّ به بحيث يصدق عليه (قراءة القرآن) عرفاً أجزأه ذلك، وإن لم يتعلّم المقدار المذكور قرأ من سائر القرآن بذلك المقدار، وإن لم يعرف أجزأه أن يسبّح، وفي كلتا الصورتين إذا أتى بما سبق صحّت صلاته ولا يجب عليه الائتمام، نعم من تهاون في تعلّم القراءة مع القدرة عليه فهو وإن صحّت منه الصلاة على الوجه المتقدّم إلّا أنّه يجب عليه الائتمام تخلّصاً من العقاب، هذا كلّه في الحمد، وأمّا السورة فتسقط عن الجاهل بها مع العجز عن تعلّمها.
مسألة 622: تجوز قراءة الحمد والسورة في المصحف الشريف في الفرائض والنوافل، سواء أتمكّن من الحفظ أو الائتمام أو المتابعة للقارئ أم لم يتمكّن من ذلك، وإن كان الأحوط استحباباً الاقتصار في ذلك على حال الاضطرار، ولا بأس بقراءة الأدعية والأذكار في القنوت وغيره في المصحف أو غيره.
مسألة 623: يجوز العدول اختياراً من سورة إلى سورة أُخرى ما لم يبلغ نصفها، وإلّا لم يجز العدول - حتّى في النوافل - على الأحوط لزوماً، هذا في غير سورتي (التوحيد) و(الكـافرون)، وأمّـــا فيهما فـــلا يجوز العـــدول عنهمـــا إلى ســورة أُخرى وإن لم يبلغ النصف - حتّى في النوافل على الأحوط لزوماً -.
ويستثنى من هذا الحكم مورد واحد وهو ما إذا قصد المصلّي في يوم الجمعة قراءة سورة (الجمعة) في الركعة الأُولى وقراءة سورة (المنافقون) في الركعة الثانية إلّا أنّه ذهل عمّا نواه فقرأ سورة أُخرى وبلغ النصف أو قرأ سورة (التوحيد) أو (الكافرون) بدل أحدهما، فإنّه يجوز له أن يعدل حينئذٍ إلى ما نواه، والأحوط لزوماً عدم العدول عن سورتي (التوحيد) و(الكافرون) في يوم الجمعة فيما إذا شرع فيهما عمداً، كما أنّ الأحوط لزوماً عدم العدول عن سورتي (الجمعة) و(المنافقون) يوم الجمعة إلى غيرهما حتّى إلى سورتي (التوحيد) و(الكافرون)، نعم لا بأس بالعدول إلى إحداهما مع الضرورة، والحكم نفسه يجري في النوافل أيضاً.
مسألة 624: إذا لم يتمكّن المصلّي من إتمام السورة لضيق الوقت عن إتمامها فالأحوط لزوماً أن يعدل إلى سورة أُخرى وإن كان قد بلغ النصف فيهما، وأمّا إذا كان عدم تمكّنه من الإتمام لنسيان بعض السورة فيجوز له الاكتفاء بما قرأ كما يجوز له العدول إلى سورة أُخرى وإن بلغ النصف أو كان ما شرع فيه سورة (التوحيد) أو (الكافرون).
مسألة 625: يتخيّر المصلّي إماماً كان أو مأموماً في ثالثة المغرب وأخيرتي الرباعيّات بين الفاتحة والتسبيح، ويجزىٔ فيه: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر )، وتجب المحافظة على العربيّة، ويجزئ ذلك مرّة واحدة، والأحوط استحباباً التكرار ثلاثاً، والأفضل إضافة الاستغفار إليه، والأحوط لزوماً الإخفات في التسبيح وفي القراءة بدله، نعم يجوز بل يستحبّ الجهر بالبسملة فيما إذا اختار قراءة الحمد إلّا في القراءة خلف الإمام، فإنّ الأحوط لزوماً فيها ترك الجهر بالبسملة.
مسألة 626: لا تجب مساواة الركعتين الأخيرتين في القراءة والتسبيح، بل له القراءة في إحداهما، والتسبيح في الأُخرى.
مسألة 627: إذا قصد أحدهما فسبق لسانه إلى الآخر بلا قصد الإتيان به جزءاً للصلاة ولو ارتكازاً لم يجتزئ به وعليه الاستئناف له أو لبديله، وإذا كان غافلاً وأتى به بقصد الصلاة اجتزأ به وإن كان على خلاف عادته أو كان عازماً في أوّل الصلاة على غيره، وإذا قرأ الحمد بتخيّل أنّه في الأُوليين، فذكر أنّه في الأخيرتين اجتزأ، وكذا إذا قرأ سورة التوحيد - مثلاً - بتخيّل أنّه في الركعة الأُولى فذكر أنّه في الثانية، وكذلك العكس.
مسألة 628: إذا نسي القراءة أو التسبيح وتذكّر بعد الوصول إلى حدّ الركوع صحّت الصلاة، وإذا تذكّر قبل ذلك - ولو بعد الهويّ - رجع وتدارك، وإذا شكّ في قراءتها بعد الهويّ إلى الركوع مضى، وإن كان الشكّ بعد الدخول في الاستغفار لزمه التدارك على الأحوط لزوماً.
مسألة 629: التسبيح أفضل من القراءة في الركعتين الأخيرتين سواء أكان منفرداً أم إماماً أم مأموماً.
مسألة 630: تستحبّ الاستعاذة قبل الشروع في القراءة في الركعة الأُولى بأن يقول: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) والأولى الإخفات بها، ويستحبّ الجهر بالبسملة في أُوليي الظهرين كما مرّ، والترتيل في القراءة، وتحسين الصوت بلا غناء، والوقف على فواصل الآيات، والسكتة بين الحمد والسورة، وبين السورة وتكبير الركوع أو القنوت، وأن يقول بعد قراءة التوحيد (كذلك الله ربّي) أو (ربّنا)، وأن يقول بعد الفراغ من الفاتحة: (الحمد لله ربّ العالمين) والمأموم يقولها بعد فراغ الإمام، وتستحبّ قراءة بعض السور في بعض الصلوات كقراءة سورة: (النبأ) و(الدهر) و(الغاشىة) و(القيامة) في صلاة الصبح، وسورة (الأعلى) و(الشمس)، ونحوهما في الظهر والعشاء، وسورة (النصر) و(التكاثر) في العصر والمغرب، وسورة (الجمعة) في الركعة الأُولى وسورة (الأعلى) في الثانية من العشاءين ليلة الجمعة، وسورة (الجمعة) في الأُولى و(التوحيد) في الثانية من صبحها، وسورة (الجمعة) في الأُولى و(المنافقون) في الثانية من ظهريها، وسورة (الدهر) في الأُولى و(الغاشىة) في الثانية في صبح الخميس والاثنين، ويستحبّ في كلّ صلاة قراءة (القدر) في الأُولى و(التوحيد) في الثانية، وإذا عدل عن غيرهما إليهما لما فيهما من فضل أعطي - كما في بعض الروايات - أجر السورة التي عدل عنها، مضافاً إلى أجرهما.
مسألة 631: يكره ترك سورة (التوحيد) في جميع الفرائض الخمس، وقراءتها بنَفَس واحد، وقراءة سورة واحدة في كلتا الركعتين الأُوليين إلّا سورة (التوحيد)، فإنّه لا بأس بقراءتها في كلٍّ من الركعة الأُولى والثانية.
مسألة 632: يجوز تكرار الآية والبكاء عند ترديدها، وتجوز قراءة (المعوّذتين) في الصلاة وهما من القرآن، ويجوز إنشاء الخطاب بمثل: (إيّاك نعبد وإيّاك نستعين) مع قصد القرآنيّة، وكذا إنشاء الحمد بقوله: (الحمد لله ربّ العالمين) وإنشاء المدح بمثل (الرحمن الرحيم).
مسألة 633: إذا أراد أن يتقدّم أو يتأخّر في أثناء القراءة يسكت وبعد الطمأنينة يرجع إلى القراءة، ولا يضرّ تحريك اليد أو أصابع الرجلين حال القراءة.
مسألة 634: إذا تحرّك في حال القراءة قهراً لريح أو غيرها بحيث فاتت الطمأنينة فالأحوط استحباباً إعادة ما قرأه في تلك الحال.
مسألة 635: يجب الجهر في جميع الكلمات والحروف في القراءة الجهريّة على الأحوط لزوماً.
مسألة 636: تجب الموالاة بين حروف الكلمة بالمقدار الذي يتوقّف عليه صدق الكلمة، وكذا تجب الموالاة بين كلمات الآية أو الذكر بالمقدار الذي يتوقّف عليه عنوانهما، فتجب الموالاة بين المضاف والمضاف إليه والمبتدأ وخبره والفعل وفاعله والشرط وجزائه والموصوف وصفته والمجرور ومتعلّقه، وكذا تجب الموالاة بين الآيات بالمقدار الذي يتوقّف عليه صدق السورة، ولكن الموالاة المعتبرة بين حروف الكلمة أضيق دائرة من الموالاة بين كلمات الآية أو الذكر، كما أنّ الموالاة بينها أضيق دائرة من الموالاة بين الآيات نفسها، ومتى فاتت الموالاة لعذر لزم تدارك ما فاتت فيه من الكلمة أو الذكر أو الآية أو السورة، وإن فاتت لا لعذر فلا بُدَّ من إعادة الصلاة.
مسألة 637: إذا شكّ في حركة كلمة أو مخرج حروفها لا يجوز أن يقرأها بالوجهين إلّا إذا صدق على الآخر أنّه قرآن أو ذكر ولو غلطاً، ولو اختار أحد الوجهين فإن انكشف أنّه مطابق للواقع لم يعد الصلاة، وإلّا أعادها إذا كان مقصّراً في التعلّم، وأمّا إذا كان ذلك لنسيان ما تعلّمه في أثناء الصلاة فلا تجب إعادتها عليه.
وهو واجب في كلّ ركعة من الصلاة - فريضة كانت أو نافلة - مرّة واحدة عدا صلاة الآيات كما سيأتي، كما أنّه ركن تبطل الصلاة بنقيصته عمداً وسهواً، وكذلك تبطل بزيادته عمداً وكذا سهواً على الأحوط لزوماً، عدا صلاة الجماعة فإنّها لا تبطل بزيادته للمتابعة كما سيأتي، وعدا النافلة فإنّها لا تبطل بزيادته فيها سهواً.
ويجب في الركوع أُمور :
الأوّل: الانحناء بقصد الخضوع قدر ما تصل أطراف الأصابع إلى الركبتين، هذا في الرجل، وكذا الحكم في المرأة على الأحوط لزوماً، وغير مستوي الخلقة لطول اليدين أو قصرهما يرجع إلى المتعارف، ولا بأس باختلاف أفراد مستوي الخلقة فإنّ لكلّ حكم نفسه.
الثاني: القيام قبل الركوع، وتبطل الصلاة بتركه عمداً، وإذا تركه سهواً فإن لم يتذكّره حتّى دخل في السجدة الثانية بطلت صلاته أيضاً على الأحوط لزوماً، وإن تذكّره قبل ذلك يجب عليه القيام ثُمَّ الركوع وتصحّ صلاته، والأحوط استحباباً أن يسجد سجدتي السهو إذا كان تذكّره بعد الدخول في السجدة الأُولى.
الثالث: الذكر، ويجزئ منه (سبحان ربّي العظيم وبحمده)، أو (سبحان الله) ثلاثاً، بل يجزئ مطلق الذكر من تحميد وتكبير وتهليل ونحوها وإن كان الأحوط الأولى اختيار التسبيح، ولو اختار غيره فالأحوط لزوماً أن يكون بقدر الثلاث الصغريات، مثل: (الحمد لله) ثلاثاً، أو (الله أكبر) ثلاثاً، ويجوز الجمع بين التسبيحة الكبرى والثلاث الصغريات، وكذا بينهما وبين غيرهما من الأذكار، ويشترط في الذكر: العربيّة، والموالاة، وأداء الحروف من مخارجها، وعدم المخالفة في الحركات الإعرابيّة والبنائيّة.
الرابع: المكث لأداء الذكر الواجب بمقداره، وكذا الطمأنينة - بمعنى استقرار البدن - إلى حين رفع الرأس منه ولو في حال عدم الاشتغال بالذكر الواجب على الأحوط لزوماً، ولا يجوز الشروع في الذكر قبل الوصول إلى حدّ الركوع.
ولو ترك المكث في حال الركوع سهواً بأن لم يبقَ في حدّه بمقدار الذكر الواجب، بل رفع رأسه بمجرّد الوصول إليه، ثُمَّ ذكر بعد رفع الرأس فالظاهر صحّة صلاته وإن كان الأحوط إعادتها.
الخامس: رفع الرأس منه حتّى ينتصب قائماً، وتجب الطمأنينة حاله على الأحوط لزوماً، وإذا نسيه حتّى خرج عن حدّ الركوع لم يلزمه الرجوع وإن كان ذلك أحوط استحباباً ما لم يدخل في السجود، وإذا لم يتمكّن من الطمأنينة لمرض أو غيره سقطت، وكذا الطمأنينة حال الركوع فإنّها تسقط لما ذكر .
مسألة 638: إذا تحرّك حال الركوع بسبب قهريّ فالأحوط لزوماً السكوت في حال الحركة والإتيان بالذكر الواجب بعده، ولو أتى به في هذا الحال سهواً فالأحوط الأولى إعادته، وأمّا لو تحرّك متعمّداً فيحكم ببطلان صلاته وإن كان ذلك في حال عدم الاشتغال بالذكر الواجب على الأحوط لزوماً.
مسألة 639: يستحبّ التكبير للركوع قبله، ورفع اليدين حالة التكبير، ووضع الكفّين على الركبتين، اليمنى على اليمنى، واليسرى على اليسرى، ممكّناً كفّيه من عينيهما، وردّ الركبتين إلى الخلف، وتسوية الظهر، ومدّ العنق موازياً للظهر، وأن يكون نظره بين قدميه، وأن يجنح بمرفقيه، وأن يضع اليمنى على الركبة قبل اليسرى، وأن تضع المرأة كفّيها على فخذيها، وأن لا تردّ ركبتىها حاله إلى الوراء، وتكرار التسبيح ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر، وأن يكون الذكر وتراً، وأن يقول قبل التسبيح: (اللّهم لك ركعت ولك أسلمت وبك آمنت وعليك توكّلت وأنت ربّي، خشع لك قلبي وسمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي ومخّي وعصبي وعظامي وما أقلّته قدماي، غير مستنكف ولا مستكبر ولا مستحسر ).
وأن يقول للانتصاب بعد الركوع: (سمع الله لمن حمده) وأن يضمّ إليه: (الحمد لله ربّ العالمين)، وأن يضمّ إليه (أهل الجبروت والكبرياء والعظمة والحمد لله ربّ العالمين)، وأن يرفع يديه للانتصاب المذكور، وأن يصلّي على النبيّ (صلّى الله علىه وآله) في الركوع، ويكره فيه أن يُطَأطِئ رأسه، أو يرفعه إلى فوق، وأن يضمّ يديه إلى جنبيه، وأن يضع إحدى الكفّين على الأُخرى، ويدخلهما بين ركبتيه، وأن يقرأ القرآن فيه، وأن يجعل يديه تحت ثيابه ملاصقاً لجسده.
مسألة 640: إذا عجز عن الانحناء التامّ بنفسه اعتمد على ما يعينه عليه، وإذا عجز عنه أتى بالقدر الممكن منه مع صدق الركوع عليه عرفاً، وأمّا مع عدم الصدق فيتعيّن الإيماء قائماً بدلاً عنه، سواء أتمكّن من الانحناء قليلاً أم لا، وإذا دار أمره بين الركوع جالساً والإيماء إليه قائماً تعيّن الثاني، والأحوط الأولى الجمع بينهما بتكرار الصلاة، ولا بُدَّ في الإيماء من أن يكون برأسه إن أمكن، وإلّا فبالعينين تغميضاً له وفتحاً للرفع منه.
مسألة 641: إذا كان كالراكع خلقة أو لعارض فإن أمكنه الانتصاب التامّ ولو بالاستعانة بعصا ونحوها لزمه ذلك قبل الركوع، وإلّا فإن تمكّن من الانتصاب بمقدار يصدق عرفاً على الانحناء بعده عنوان الركوع ولو في حقّه يتعيّن ذلك، وإلّا أومأ برأسه وإن لم يمكن فبعينيه، وما ذكر من وجوب القيام التامّ ولو بالاستعانة والقيام الناقص مع عدم التمكّن يجري في القيام حال تكبيرة الإحرام والقراءة والقيام بعد الركوع أيضاً، ومع عدم التمكّن من الجميع يقدّم القيام قبل الركوع على غيره، ومع دوران الأمر بين القيام حال التكبيرة والقيام حال القراءة أو بعد الركوع يقدّم الأوّل.
مسألة 642: يكفي في ركوع الجالس صدق مسمّاه عرفاً فيجزئ الانحناء بمقدار يساوي وجهه ركبتيه، والأفضل الزيادة في الانحناء إلى أن يساوي وجهه مسجده، وإذا لم يتمكّن من الركوع انتقل إلى الإيماء كما تقدّم.
مسألة 643: إذا نسي الركوع فهوى إلى السجود وذكر قبل وضع جبهته على الأرض رجع إلى القيام ثُمَّ ركع، وكذلك إن ذكره بعد ذلك قبل الدخول في الثانية، والأحوط استحباباً حينئذٍ إعادة الصلاة بعد الإتمام، وإن ذكره بعد الدخول في الثانية أعاد صلاته على الأحوط لزوماً.
مسألة 644: يجب أن يكون الانحناء بقصد الركوع، فإذا انحنى ليتناول شيئاً من الأرض أو نحوه ثُمَّ نوى الركوع لا يجزئ، بل لا بُدَّ من القيام ثُمَّ الركوع عنه.
مسألة 645: يجوز للمريض وفي ضيق الوقت وسائر موارد الضرورة الاقتصار في ذكر الركوع على (سبحان الله) مرّة.
والواجب منه في كلّ ركعة سجدتان، وهما معاً ركن تبطل الصلاة بنقصانهما معاً عمداً أو سهواً، وكذا بزيادتهما عمداً بل وسهواً أيضاً على الأحوط لزوماً، ولا تبطل بزيادة واحدة ولا بنقصها سهواً، والمدار في تحقّق مفهــوم الســـجدة على وضــع الجبهة - أو ما يقوم مقامها من الوجه - بقصد التذلّل والخضوع على هيئة خاصّة، وعلى هذا المعنى تدور الزيادة والنقيصة دون وضع سائر الأعضاء على مساجدها.
وواجبات السجود أُمور :
الأوّل: وضع المساجد السبعة على الأرض، وهي الجبهة، والكفّان، والركبتان، والإبهامان من الرجلين.
والواجب وضعه على المسجد من الجبهة مسمّاها ولو بقدر طرف الأنملة، والأحوط وجوباً وضع المسمّى من وسط الجبهة (أي السطح المحاط بخطّين موهومين متوازيين بين الحاجبين إلى الناصية) ولا يعتبر أن يكون مقدار المسمّى مجتمعاً بل يكفي وإن كان متفرّقاً فيجوز السجود على السبحة الحسينيّة - مثلاً - إذا كان مجموع ما وقعت عليه بمقدار مسمّى السجود.
والواجب وضعه من الكفّين باطنهما مستوعباً لتمامه مع الإمكان على الأحوط وجوباً، ولا يجزئ في حال الاختيار وضع رؤوس أصابع الكفّين وكذا إذا ضمّ أصابعه إلى راحته وسجد على ظهرها، وأمّا في حال الضرورة فيجزئ وضع الظاهر، والأحوط وجوباً لمن قطعت يده من الزند أو لم يتمكّن من وضع كفّه بسبب آخر أن يضع ما هو الأقرب إلى الكفّ فالأقرب من الذراع والعضد.
والواجب وضعه من الركبتين مقدار المسمّى، ومن الإبهامين مقدار المسمّى أيضاً ولو من ظاهرهما أو باطنهما وإن كان الأحوط استحباباً وضع طرفيهما، والأحوط وجوباً لمن قطع إبهام رجله أن يضع سائر أصابعها.
ولا يعتبر في وضع الأعضاء السبعة أن يجعل ثقله عليها أزيد من المقدار الذي يصدق معه السجود عليها عرفاً.
مسألة 646: لا بُدَّ في الجبهة من مماسّتها لما يصحّ السجود عليه من أرض أو نحوها، ولا تعتبر في غيرها من الأعضاء المذكورة.
ويعتبر أن يكون السجود على النحو المتعارف، فلو وضع الأعضاء السبعة على الأرض وهو نائم على وجهه لم يجزه ذلك، نعم لا بأس بإلصاق الصدر والبطن بالأرض في حال السجود، والأحوط استحباباً تركه.
الثاني: الذكر على نحو ما تقدّم في الركوع، إلّا أنّ التسبيحة الكبرى هنا (سبحان ربّي الأعلى وبحمده).
الثالث: المكث لأداء الذكر الواجب بمقداره، وكذا الطمأنينة على النحو المتقدّم في الركوع.
الرابع: كون المساجد في محالّها حال الذكر، فلو رفع بعضها بطل وأبطل إن كان عمداً، ويجب تداركه إن كان سهواً، نعم لا مانع من رفع ما عدا الجبهة في غير حال الذكر إذا لم يكن مخلّاً بالاستقرار المعتبر حال السجود.
الخامس: رفع الرأس من السجدة الأُولى إلى أن ينتصب جالساً مطمئنّاً.
السادس: عدم كون مسجد الجبهة أعلى من موضع الركبتين والإبهامين ولا أسفل منه بما يزيد على أربعة أصابع مضمومة، ولا فرق في ذلك بين الانحدار والتسنيم على الأحوط وجوباً، كما أنّ الأحوط لزوماً مراعاة مثل ذلك بين مسجد الجبهة والموقف أيضاً.
مسألة 647: إذا وضع جبهته على الموضع المرتفع أو المنخفض فإن لم يصدق معه السجود رفعها ثُمَّ سجد على الموضع المساوي، وإن صدق معه السجود فإن التفت بعد الذكر الواجب لم يجب عليه الجرّ إلى الموضع المساوي، وإن التفت قبله وجب عليه الجرّ والإتيان بالذكر بعده، وإن لم يمكن الجرّ إليه أتى به في هذا الحال ثُمَّ مضى في صلاته.
وكذا الحكم لو سجد على ما لا يصحّ السجود عليه سهواً والتفت في الأثناء، فإنّه إن كان ذلك بعد الإتيان بالذكر الواجب مضى ولا شيء عليه، وإن كان قبله فإن تمكّن من جرّ جبهته إلى ما يصحّ السجود عليه فعل ذلك ومع عدم الإمكان يتمّ سجدته وتصحّ صلاته، ولو سجد على ما يصحّ السجود عليه فالأحوط لزوماً عدم جرّ الجبهة إلى الموضع الأفضل أو الأسهل لاستلزامه الإخلال بالاستقرار المعتبر حال السجود.
مسألة 648: إذا ارتفعت جبهته عن المسجد قهراً قبل الذكر أو بعده فإن كان في السجدة الأُولى أتى بالسجدة الثانية بعد الجلوس معتدلاً، وإن كان في السجدة الثانية مضى في صلاته ولا شيء عليه، وإذا ارتفعت الجبهة قهراً ثُمَّ عادت كذلك لم يحسب سجدتين، نعم إذا كان الارتفاع قبل الإتيان بالذكر فالأحوط الأولى أن يأتي به بعد العود ولكن لا بقصد الجزئيّة.
مسألة 649: إذا عجز عن الانحناء التامّ للسجود فإن أمكنه الانحناء بحدّ يصدق معه السجود عرفاً وجب عليه أن يرفع ما يسجد عليه إلى حدّ يتمكّن من وضع جبهته عليه مع وضع سائر المساجد في محالّها، وإن لم يمكنه الانحناء أصلاً أو أمكنه بمقدار لا يصدق معه السجود عرفاً، أومأ برأسه للسجود، فإن لم يمكن فبالعينين، وإن لم يمكن فالأحوط وجوباً له أن يشير إلى السجود باليد أو نحوها وينويه بقلبه ويأتي بالذكر، والأحوط استحباباً له رفع المسجد إلى الجبهة وكذا وضع سائر المساجد في محالّها، وإن كان لا يجب عليه ذلك.
مسألة 650: إذا كان بجبهته دمّل أو نحوه ممّا لا يتمكّن من وضعه على الأرض ولو من غير اعتماد لتعذّر أو تعسّر أو تضرّر، فإن لم يستغرق الجبهة سجد على الموضع السليم ولو بأن يحفر حفيرة ليقع السليم على الأرض، وإن استغرقها وضع شيئاً من وجهه على الأرض، والأحوط لزوماً تقديم الذقن على الجبينين - أي طرفي الجبهة بالمعنى الأعم - وتقديمهما على غيرهما من أجزاء الوجه، فإن لم يتمكّن من وضع شيء من الوجه ولو بعلاج أومأ برأسه أو بعينيه على التفصيل المتقدّم.
مسألة 651: لا بأس بالسجود على غير الأرض ونحوها مثل الفراش في حال التقيّة، ولا يجب التخلّص منها بالذهاب إلى مكان آخر أو تأخير الصلاة والإتيان بها ولو في هذا المكان بعد زوال سبب التقيّة، نعم لو كان في ذلك المكان وسيلة لترك التقيّة بأن يصلّي على البارية أو نحوها ممّا يصحّ السجود عليه وجب اختيارها.
مسألة 652: إذا نسي السجدتين فإنْ تذكّر قبل الدخول في الركوع وجب العود إليهما، وإن تذكّر بعد الدخول فيه أعاد الصلاة على الأحوط لزوماً، وإن كان المنسيّ سجدة واحدة رجع وأتى بها إنْ تذكّر قبل الركوع، وإن تذكّر بعد ما دخل فيه مضى وقضاها بعد السلام، وسيأتي في مبحث الخلل التعرّض لذلك.
مسألة 653: يستحبّ في السجود التكبير حال الانتصاب بعد الركوع، ورفع اليدين حاله، والسبق باليدين إلى الأرض، واستيعاب الجبهة في السجود عليها، والإرغام بالأنف، وبسط اليدين مضمومتي الأصابع حتّى الإبهام حذاء الأُذنين متوجّهاً بهما إلى القبلة، وشغل النظر إلى طرف الأنف حال السجود، والدعاء قبل الشروع في الذكر فيقول: (اللّهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكّلت، وأنت ربّي، سجد وجهي للّذي خلقه وشقّ سمعه وبصره، الحمد لله ربّ العالمين تبارك الله أحسن الخالقين) وتكرار الذكر، والختم على الوتر، واختيار التسبيح والكبرى منه وتثليثها، والأفضل تخميسها، والأفضل تسبيعها، وأن يسجد على الأرض بل التراب، ومساواة موضع الجبهة للموقف تماماً، بل مساواة جميع المساجد لهما.
والدعاء في السجود بما يريد من حوائج الدنيا والآخرة، خصوصاً الرزق فيقول: (يا خير المسؤولين، ويا خير المعطين ارزقني وارزق عيالي من فضلك، فإنّك ذو الفضل العظيم)، والتورّك في الجلوس بين السجدتين وبعدهما - بأن يجلس على فخذه اليسرى، جاعلاً ظهر قدمه اليمنى على باطن اليسرى - وأن يقول في الجلوس بين السجدتين: (أستغفر الله ربّي وأتوب إليه)، وأن يكبّر بعد الرفع من السجدة الأُولى بعد الجلوس مطمئنّاً، ويكبّر للسجدة الثانية وهو جالس، ويكبّر بعد الرفع من الثانية كذلك، ويرفع اليدين حال التكبيرات، ووضع اليدين على الفخذين حال الجلوس، واليمنى على اليمنى، واليسرى على اليسرى، والتجافي حال السجود عن الأرض، والتجنّح بمعنى أن يباعد بين عضديه عن جنبيه ويديه عن بدنه، وأن يصلّي على النبيّ وآله في السجدتين، وأن يقوم رافعاً ركبتيه قبل يديه، وأن يقول بين السجدتين: (اللّهم اغفر لي، وارحمني، وأجرني، وادفع عنّي، إنّي لما أنزلت إليّ من خير فقير، تبارك الله ربّ العالمين)، وأن يقول عند النهوض: (بحول الله وقوّته أقوم وأقعد وأركع وأسجد) أو (بحولك وقوّتك أقوم وأقعد) أو (اللّهم بحولك وقوّتك أقوم وأقعد) ويضمّ إليه (وأركع وأسجد) وأن يبسط يديه على الأرض، معتمداً عليها للنهوض، وأن يطيل السجود ويكثر فيه من الذكر، وىختار التسبيح منه، ويباشر الأرض بكفّيه، وزيادة تمكين الجبهة.
ويستحبّ للمرأة وضع اليدين بعد الركبتين عند الهويّ للسجود وعدم تجافيهما بل تفرش ذراعيها، وتلصق بطنها بالأرض، وتضمّ أعضاءها ولا ترفع عجيزتها حال النهوض للقيام بل تنهض معتدلة.
ويكره الإقعاء في الجلوس بين السجدتين بل بعدهما أيضاً وهو أن يعتمد بصدر قدميه على الأرض ويجلس على عقبيه، ويكره أيضاً نفخ موضع السجود إذا لم يتولّد منه حرفان وإلّا لم يجز ، وأن لا يرفع بيديه عن الأرض بين السجدتين، وأن يقرأ القرآن في السجود.
مسألة 654: الأحوط وجوباً الإتيان بجلسة الاستراحة وهي الجلوس بعد السجدة الثانية في الركعة الأُولى والثالثة ممّا لا تشهّد فيه.
يجب السجود عند قراءة آياته الأربع في السور الأربع، وهي (الم تنزيل) عند قوله تعالى: ﴿وَهُـــمْ لٰايَسْتَــــــــكْبِرُونَ﴾، و(حم فصّلت) عند قوله: ﴿تَعْبُـــــــدُونَ﴾، و(النجم) و(العلق) في آخرهما، وكذا يجب على المستمع إذا لم يكن في حال صلاة الفريضة، فإن كان فيها أومأ إلى السجود، وسجد بعد الصلاة على الأحوط لزوماً، ولا يجب بسماع الآية إذا لم ينصت لها كما لا يجب إذا استمع إليها من جهاز تسجيل الصوت ونحوه، ويجب إذا كان من المذياع إذا كان بطريقة البثّ المباشر .
ويستحبّ السجود في أحد عشر موضعاً: في (الأعراف) عند قوله تعالى: ﴿وَلَهُ يَسْجُدُونَ﴾، وفي (الرعد) عند قوله تعالى: ﴿وَظِلٰالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصٰالِ﴾، وفي (النحل) عند قوله تعالى: ﴿وَيَفْعَلُونَ مٰايُؤْمَرُونَ﴾، وفي (الإسراء) عند قوله تعالى: ﴿وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعَاً﴾ وفي (مريم) عند قوله تعالى: ﴿وَخَرُّواْ سُجَّدَاً وَبُكِيَّاً﴾، وفي سورة (الحجّ) في موضعين عند قوله: ﴿إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مٰايَشٰآءُ﴾ وعند قوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، وفي (الفرقان) عند قوله: ﴿وَزٰادَهُمْ نُفُورَاً﴾، وفي (النمل) عند قوله: ﴿رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾، وفي (ص) عند قوله: ﴿وَخَرَّ رٰاكِعَاً وَأَنٰابَ﴾، وفي (الانشقاق) عند قوله: ﴿لٰا يَسْجُدُونَ﴾، بل الأولى السجود عند كلّ آية فيها ذكر السجود.
مسألة 655: لا بُدَّ في هذا السجود من النيّة ولكن ليس فيه تكبيرة افتتاح ولا تشهّد ولا تسليم، نعم يستحبّ التكبير للرفع منه، بل الأحوط استحباباً عدم تركه، ولا يشترط فيه الطهارة من الحدث ولا الخبث، ولا الاستقبال، ولا طهارة محلّ السجود، ولا الستر، ولا صفات الساتر، بل يصحّ حتّى في المغصوب، نعم لا بُدَّ فيه من إباحة المكان ووضع الجبهة على الأرض أو ما في حكمها على الأحوط وجوباً، كما أنّ الأحوط استحباباً السجود فيه على الأعضاء السبعة وعدم اختلاف المسجد عن موضع الإبهامين والركبتين - بل والموقف - أزيد من أربعة أصابع مضمومات، ويستحبّ فيه الذكر الواجب في سجود الصلاة.
مسألة 656: يتكرّر السجود بتكرّر السبب، وإذا شكّ بين الأقلّ والأكثر جاز الاقتصار على الأقلّ، ويكفي في التعدّد رفع الجبهة ثُمَّ وضعها من دون رفع بقيّة المساجد أو الجلوس.
مسألة 657: يستحبّ السجود شكراً لله تعالى عند تجدّد كلّ نعمة ودفع كلّ نقمة وعند تذكّر ذلك، والتوفيق لأداء كلّ فريضة ونافلة، بل كلّ فعل خير، ومنه إصلاح ذات البين، ويكفي سجدة واحدة، والأفضل سجدتان، فيفصل بينهما بتعفير الخدّين أو الجبينين أو الجميع، مقدّماً الأيمن على الأيسر ثُمَّ وضع الجبهة ثانياً، ويستحبّ فيه افتراش الذراعين، وإلصاق الصدر والبطن بالأرض، وأن يمسح موضع سجوده بيده، ثُمَّ يمرّها على وجهه، ومقاديم بدنه، وأن يقول فيه: (شكراً لله شكراً لله) أو مائة مرّة (شكراً شكراً) أو مائة مرّة (عفواً عفواً) أو مائة مرّة (الحمد لله شكراً) وكلّما قاله عشر مرّات قال: (شكراً للمجيب) ثُمَّ يقول: (يا ذا المنّ الذي لا ينقطع أبداً، ولا يحصيه غيره عدداً، ويا ذا المعروف الذي لا ينفد أبداً، يا كريم يا كريم يا كريم)، ثُمَّ يدعو ويتضرّع ويذكر حاجته، وقد ورد في بعض الروايات غير ذلك، والأحوط وجوباً فيه السجود على ما يصحّ السجود عليه، والأحوط استحباباً السجود على المساجد السبعة نحو ما تقدّم في سجود التلاوة.
مسألة 658: يستحبّ السجود لله تعالى، بل هو من أعظم العبادات، وقد ورد أنّه أقرب ما يكون العبد إلى الله تعالى، وهو ساجد، ويستحبّ إطالته.
مسألة 659: يحرم السجود لغير الله تعالى، من دون فرق بين المعصومين (علىهم السلام) وغيرهم، وما يفعله بعض الشيعة في مشاهد الأئمّة (علىهم السلام) لا بُدَّ أن يكون لله تعالى شكراً على توفيقهم لزيارتهم (علىهم السلام) والحضور في مشاهدهم، جمعنا الله تعالى وإيّاهم في الدنيا والآخرة، إنّه أرحم الراحمين.
وهو واجب في الثنائيّة مرّة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة من الركعة الثانية، وفي الثلاثيّة والرباعيّة مرّتين، الأُولى كما ذكر والثانية بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة من الركعة الأخيرة، وهو واجب غير ركن، فإذا تركه عمداً بطلت الصلاة، وإذا تركه سهواً أتى به ما لم يركع، وإلّا قضاه بعد الصلاة على الأحوط الأولى وعليه سجدتا السهو .
ويكفي في التشهّد أن يقول: (أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمَّداً عبده ورسوله، اللّهم صلّ على محمَّد وآل محمَّد)، ويجب فيه الجلوس والطمأنينة، وأن يكون على النهج العربيّ مع الموالاة بين كلماته وفقراته، نظير ما تقدّم في القراءة، نعم لا يضرّ الفصل فيها بالأذكار المأثورة، والعاجز عن التعلّم - ولو بأن يتبع غيره فيلقّنه - يأتي بما أمكنه إن صدق عليه الشهادة مثل أن يقول: (أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أنّ محمَّداً رسول الله) وإن عجز فالأحوط وجوباً أن يأتي بما أمكنه وبترجمة الباقي، وإذا عجز يأتي بترجمة الكلّ، وإذا عجز عنها يأتي بسائر الأذكار بقدره.
مسألة 660: يكره الإقعاء فيه، بل يستحبّ فيه الجلوس متورّكاً كما تقدّم فيما بين السجدتين، وأن يقول قبل الشروع في الذكر : (الحمد لله) أو يقول: (بسم الله وبالله، والحمد لله، وخير الأسماء لله، أو الأسماء الحسنى كلّها لله)، وأن يجعل يديه على فخذيه منضمّة الأصابع، وأن يكون نظره إلى حجره، وأن يقول بعد الصلاة على النبيّ (صلّى الله علىه وآله): (وتقبّـــــل شفاعتـــه وارفـــع درجتــه) في التشــهّد الأوّل، وأن يقول: (سبحان الله) سبعاً بعد التشهّد الأوّل ثُمَّ يقوم، وأن يقول حال النهوض عنه: (بحول الله وقوّته أقوم وأقعد) وأن تضمّ المرأة فخذيها، وترفع ركبتيها عن الأرض.
وهو واجب في كلّ صلاة وآخر أجزائها، و به يخرج عنها وتحلّ له منافياتها، وله صيغتان، الأُولى: (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) والثانية: (السلام عليكم) بإضافة (ورحمة الله وبركاته) على الأحوط الأولى، والأحوط لزوماً عدم ترك الصيغة الثانية وإن أتى بالأُولى، ويستحبّ الجمع بينهما ولكن إذا قدّم الثانية اقتصر عليها، وأمّا قوله: (السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته) فليس من صيغ السلام، ولا يخرج به عن الصلاة، بل هو مستحبّ.
مسألة 661: يجب الإتيان بالتسليم على النهج العربيّ، كما يجب فيه الجلوس والطمأنينة حاله، والعاجز عنه كالعاجز عن التشهّد في الحكم المتقدّم.
مسألة 662: إذا أحدث قبل التسليم بطلت الصلاة وإن كان عن عذر على الأحوط لزوماً، وكذا إذا فعل غيره ممّا ىنافي الصلاة عمداً وسهواً، نعم إذا نسي التسليم حتّى وقع منه المنافي صحّت صلاته وإن كان الأحوط استحباباً إعادتها، وإذا نسي السجدتين حتّى سلّم فإن صدر منه ما ينافي الصلاة عمداً وسهواً أعاد الصلاة، وإلّا أتى بالسجدتين والتشهّد والتسليم، ثُمَّ يسجد سجدتي السهو لزيادة السلام على الأحوط وجوباً.
مسألة 663: يستحبّ فيه التورّك في الجلوس حاله، ووضع اليدين على الفخذين، ويكره الإقعاء كما سبق في التشهّد.
يجب الترتيب بين أفعال الصلاة على نحو ما عرفت، فإذا عكس الترتيب فقدّم مؤخّراً، فإن كان عمداً بطلت الصلاة، وإن كان سهواً أو عن جهل بالحكم من غير تقصير، فإن قدّم ركناً على ركن كما إذا قدّم السجدتين على الركوع بطلت ولا يمكنه التدارك على الأحوط لزوماً، وإن قدّم ركناً على غيره - كما إذا ركع قبل القراءة - مضى وفات محلّ ما ترك، ولو قدّم غير الركن عليه تدارك على وجه يحصل الترتيب، وكذا لو قدّم غير الأركان بعضها على بعض.
وهي واجبة في أفعال الصلاة، بمعنى عدم الفصل بينها على وجه لا ينطبق على مجموعها عنوان (الصلاة)، وهي بهذا المعنى ممّا تبطل الصلاة بفواتها ولو كان عن سهو، ولا يضرّ بها تطويل الركوع والسجود والإكثار من الأذكار وقراءة السور الطوال.
وأمّا الموالاة بمعنى توالي الأجزاء وتتابعها عرفاً وإن لم يكن معتبراً في صدق مفهوم الصلاة فهي غير واجبة وإن كان الأحوط استحباباً رعايتها.
وهو مستحبّ في جميع الصلوات، فريضة كانت أو نافلة عدا الشفع فإنّه لم يثبت استحباب القنوت فيها والأحوط الإتيان به فيها برجاء المطلوبيّة، ويتأكّد استحباب القنوت في الفرائض الجهريّة خصوصاً في الصبح والجمعة والمغرب، وفي الوتر من النوافل، والمستحبّ منه مرّة بعد القراءة قبل الركوع في الركعة الثانية، ويستحبّ في الجمعة قنوتان: قبل الركوع في الأُولى وبعده في الثانية، ويتعدّد القنوت في العيدين والآيات كما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى، وقال بعض الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) أنّه يستحبّ في الوتر بعد الركوع قنوت آخر، ولكن لم يثبت ذلك، نعم يستحبّ بعده أن يدعو بما دعا به أبو الحسن موسى (علىه السلام) وهو : (هذا مقام من حسناته نعمة منك، وشكره ضعيف وذنبه عظيم، وليس لذلك إلّا رفقك ورحمتك، فإنّك قلت في كتابك المنزل على نبيّك المرســــل (صلّى الله علىه وآله) ﴿ كٰانُوا قَلِيٖـــلَاً مِنَ اللَّيْلِ مٰا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْـــحٰارِ هُــــــــــمْ يَسْــــــــــتَغْفِرُونَ﴾، طال والله هجوعي، وقلّ قيامي، وهذا السحر، وأنا أستغفرك لذنوبي استغفار من لا يملك لنفسه ضرّاً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً)، كما يستحبّ أن يدعو في القنوت قبل الركوع في الوتر بدعاء الفرج وهو : لا إله إلّا الله الحليم الكريم، لا إله إلّا الله العلّي العظيم، سبحان الله ربّ السماوات السبع، وربّ الأرضين السبع، وما فيهنّ وما بينهنّ، وربّ العرش العظيم، والحمد لله ربّ العالمين)، وأن يستغفر لأربعين مؤمناً أمواتاً وأحياءً، وأن يقول سبعين مرّة: (أستغفر الله ربّي وأتوب إليه) ثُمَّ يقول: (أستغفر الله الذي لا إله إلّا هو الحيّ القيّوم، ذو الجلال والإكرام، لجميع ظلمي وجرمي وإسرافي على نفسي وأتوب إليه) سبع مرّات، وسبع مرّات (هذا مقام العائذ بك من النار ) ثُمَّ يقول: (ربّ أسأت وظلمت نفسي، وبئس ما صنعت، وهذي يدي جزاءً بما كسبت، وهذي رقبتي خاضعة لما أتيت، وها أنا ذا بين يديك، فخذ لنفسك من نفسي الرضا حتّى ترضى، لك العتبى لا أعود)، ثُمَّ يقول: (العفو ) ثلاثمائة مرّة، ويقول: (ربّ اغفر لي وارحمني وتب عليّ، إنّك أنت التواب الرحيم ).
مسألة 664: لا يشترط في القنوت قول مخصوص، بل يكفي فيه ما يتيسّر من ذكر أو دعاء أو حمد أو ثناء، ويجزىٔ سبحان الله خمساً أو ثلاثاً أو مرّة، والأولى قراءة المأثور عن المعصومين (علىهم السلام).
مسألة 665: يستحبّ التكبير قبل القنوت، ورفع اليدين حال التكبير، ووضعهما ثُمَّ رفعهما حيال الوجه، وقال بعض الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) ويستحبّ بسطهما جاعلاً باطنهما نحو السماء وظاهرهما نحو الأرض، وأن تكونا منضمّتين مضمومتي الأصابع إلّا الإبهامين، وأن يكون نظره إلى كفّيه.
مسألة 666: يستحبّ الجهر بالقنوت للإمام والمنفرد والمأموم، ولكن يكره للمأموم أن يُسمع الإمام صوته.
مسألة 667: إذا نسي القنوت وهوى فإن ذكر قبل الوصول إلى حدّ الركوع رجع، وإن كان بعد الوصول إليه قضاه حين الانتصاب بعد الركوع، وإذا ذكره بعد الدخول في السجود قضاه بعد الصلاة جالساً مستقبلاً، وإذا ذكره بعد الهويّ إلى السجود قبل وضع الجبهة لم يرجع - على الأحوط لزوماً - بل يقضيه بعد الصلاة، وإذا تركه عمداً في محلّه أو بعد ما ذكره بعد الركوع فلا قضاء له.
مسألة 668: لا تؤدّى وظيفة القنوت بالدعاء الملحون أو بغير العربيّ على الأحوط لزوماً، وإن كان لا يقدح ذلك في صحّة الصلاة.
وهو الاشتغال بعد الفراغ من الصلاة بالذكر والدعاء، ومنه أن يكبِّر ثلاثاً بعد التسليم، رافعاً يديه على نحو ما سبق، ومنه - وهو أفضله - تسبيح الزهراء (علىها السلام) وهو التكبير أربعاً وثلاثين، ثُمَّ الحمد ثلاثاً وثلاثين، ثُمَّ التسبيح ثلاثاً وثلاثين، ومنه قراءة (الحمد)، و(آية الكرسيّ)، و(آية شهد الله)، و(آية الملك)، ومنه غير ذلك ممّا هو كثير مذكور في الكتب المعدّة له.
وهي أُمور :
الأوّل: الحدث، سواء أكان أصغر أم أكبر فإنّه مبطل للصلاة أينما وقع في أثنائها، ولو وقع سهواً أو اضطراراً بعد السجدة الأخيرة على الأحوط لزوماً، نعم إذا وقع قبل السلام سهواً لم يضرّ بصحّة الصلاة كما مرّ، ويستثنى من الحكم المذكور المسلوس والمبطون ونحوهما والمستحاضة كما تقدّم.
الثاني: الالتفات عن القبلة لا عن عذر بحيث يوجب الإخلال بالاستقبال المعتبر في الصلاة، وأمّا الالتفات عن عذر كسهو أو قهر كريح ونحوه فإمّا أن يكون فيما بين اليمين واليسار وإمّا أن يكون أزيد من ذلك ومنه ما يبلغ حدّ الاستدبار، أمّا الأوّل فلايوجب الإعادة - فضلاً عن القضاء - ولكن إذا زال العذر في الأثناء لزم التوجّه إلى القبلة فوراً.
وأمّا الثاني فيوجب البطلان في الجملة، فإنّ الساهي إذا تذكّر في وقت يتّسع للاستئناف ولو بإدراك ركعة من الوقت وجبت عليه الإعادة وإلّا فلا، وإن تذكّر بعد خروج الوقت لم يجب عليه القضاء، وأمّا المقهور فإن تمكّن من إدراك ركعة بلا التفات وجب عليه الاستئناف، وإن لم يتمكّن أتمّ صلاته ولا يجب عليه قضاؤها.
هذا في الالتفات عن القبلة بكلّ البدن ويشترك معه في الحكم المذكور الالتفات بالوجه إلى جهة اليمين أو اليسار التفاتاً فاحشاً بحيث يوجب لَيّ العنق ورؤية جهة الخلف في الجملة، وأمّا الالتفات اليسير الذي لا يخرج معه المصلّي عن كونه مستقبلاً للقبلة فهو لا يضرّ بصحّة الصلاة وإن كان مكروهاً.
الثالث: ما كان ماحياً لصورة الصلاة عند المتشرّعة، كالرقص والوثبة والاشتغال بمثل الخياطة والنساجة بالمقدار المعتدّ به ونحو ذلك، ولا فرق في البطلان به بين صورتي العمد والسهو، ولا بأس بمثل حركة اليد والإشارة بها والتصفيق للتنبيه، والانحناء لتناول شيء من الأرض، والمشي إلى إحدى الجهات بلا انحراف عن القبلة، وقتل الحيّة والعقرب وحمل الطفل وإرضاعه، ونحو ذلك ممّا لا يعدّ منافياً للصلاة عندهم.
مسألة 669: تبطل الصلاة فيما إذا أتى في أثنائها بصلاة أُخرى مشتملة على الركوع والسجود لا مثل صلاة الأموات، ويستثنى من ذلك ما إذا شرع في صلاة الآية فتبيّن ضيق وقت اليوميّة فإنّه يقطعها ويأتي باليوميّة ثُمَّ يعود إلى صلاة الآية فيُكملها من محلّ القطع كما سيأتي في المسألة (706)، وأمّا في غير هذا المورد فتبطل الصلاة الأُولى وتصحّ الثانية.
وإذا أدخل صلاة فريضة في أُخرى سهواً وتذكّر في الأثناء فإن كان التذكّر قبل الركوع أتمّ الأُولى إلّا إذا كانت الثانية مضيّقة فيتمّها، وإن كان التذكّر بعد الدخول في الركوع بطلت الأُولى على الأحوط لزوماً، وله حينئذٍ إتمام الثانية إلّا إذا كانت الأُولى مضيّقة فيرفع اليد عمّا في يده ويستأنف الأُولى.
مسألة 670: إذا أتى بفعل كثير أو سكوت طويل وشكّ في فوات الموالاة ومحو الصورة قطع الصلاة واستأنفها، والأحوط استحباباً إتمامها ثُمَّ إعادتها.
الرابع: التكلّم عمداً، ويتحقّق بالتلفّظ ولو بحرف واحد إذا كان مفهماً إمّا لمعناه مثل (قِ) أمراً من الوقاية أو لغيره كما لو تلفّظ بـ (ب) للتلقين أو جواباً عمّن سأله عن ثاني حروف المعجم، وأمّا التلفّظ بغير المفهم مطلقاً فلا يترك الاحتياط بالاجتناب عنه إذا كان مركّباً من حرفين فما زاد.
مسألة 671: لا تبطل الصلاة بالتنحنح والنفخ، ولا يترك الاحتياط بالاجتناب عن الأنين والتأوّه، وإذا قال: (آه) أو (آه من ذنوبي) فإن كان شكاية إليه تعالى لم تبطل، وإلّا بطلت.
مسألة 672: لا فرق في الكلام المبطل عمداً بين أن يكون مع مخاطب أو لا، وإذا أكره المصلّي على الكلام أو اضطرّ إليه فإن كان ماحياً لصورة الصلاة فلا إشكال في بطلانها، وإن لم يكن ماحياً لها فالبطلان مبنيّ على الاحتياط اللزوميّ، وأمّا التكلّم سهواً - ولو لاعتقاد الفراغ من الصلاة - والتكلّم جهلاً عن قصور - لا تقصير - فإن لم يكن ماحياً لصورة الصلاة لم يوجب البطلان، نعم يجب في الأوّل سجدتا السهو على الأحوط لزوماً كما سيأتي.
مسألة 673: لا بأس بالذكر والدعاء وقراءة القرآن في جميع أحوال الصلاة، وأمّا الدعاء بالمحرّم فلا تبطل به الصلاة وإن كانت الإعادة أحوط استحباباً.
مسألة 674: إذا لم يكن الدعاء مناجاة له سبحانه بل كان المخاطب به غيره، كأن يقول لشخص (غفر الله لك) فالأحوط وجوباً الاجتناب عنه.
مسألة 675: الأحوط لزوماً ترك تسميت العاطس في الصلاة.
مسألة 676: لا يجوز للمصلّي ابتداء السلام ولا غيره من أنواع التحيّة، نعم يجوز ردّ السلام بل يجب، وإذا لم يردّ ومضى في صلاته صحّت وإن أثم.
مسألة 677: يجب أن يكون ردّ السلام في أثناء الصلاة بمثل ما سلّم بأن لا يزيد عليه بشيء، وكذا لا يقدّم الظرف إذا سلّم عليه مع تقديم السلام على الأحوط لزوماً بل الأحوط الأولى أن يكون الردّ مماثلاً للسلام في جميع خصوصيّاته حتّى في التعريف والتنكير والجمع والإفراد، فإذا قال: (السلام عليك) ردّه بمثله، وكذلك إذا قال: (سلام عليك) أو (السلام عليكم) أو (سلام عليكم)، وإذا سلّم المسلِّم بصيغة الجواب بأن قال مثلاً: (عليك السلام) تخيّر بين الردّ بالمثل وتقديم السلام، وأمّا في غير حال الصلاة فيستحبّ الردّ بالأحسن فيقول مثلاً في (سلام عليكم): (عليكم السلام ورحمة الله وبركاته).
مسألة 678: إذا سلّم بالملحون وجب الجواب، والأحوط لزوماً كونه صحيحاً.
مسألة 679: يجب ردّ السلام وإن كان المسلِّم صبيّاً مميّزاً أو امرأة أجنبيّة.
مسألة 680: يجب إسماع ردّ السلام في حال الصلاة وغيرها، ولو لم يمكن الإسماع كما لو كان المسلِّم أصمّ، أو كان بعيداً ولو بسبب المشي سريعاً فإن أمكن تفهيمه إيّاه بإشارة أو نحوها وجب الردّ وإلّا لم يجب في غير حال الصلاة ولا يجوز فيها.
مسألة 681: إذا كانت التحيّة بغير السلام مثل: (صبّحك الله بالخير ) لم يجب الردّ وإن كان أحوط وأولى، وإذا أراد الردّ في الصلاة فالأحوط وجوباً الردّ بقصد الدعاء على نحو يكون المخاطب به الله تعالى مثل: (اللّهم صبّحه بالخير ).
مسألة 682: يكره السلام على المصلّي.
مسألة 683: إذا سلّم واحد على جماعة كفى ردّ واحد منهم، وإذا سلّم واحد على جماعة منهم المصلّي فردّ واحد منهم لم يجز له الردّ على الأحوط لزوماً، وإن كان الرادّ صبيّاً مميّزاً يكتفى بردّه وإن كان الأحوط استحباباً الردّ والإعادة، وإذا شكّ المصلّي في أنّ المسلّم قصده مع الجماعة لم يجز الردّ وإن لم يردّ واحد منهم.
مسألة 684: إذا سلّم مرّات عديدة كفى الجواب مرّة واحدة، وإذا سلّم بعد الجواب فوجوب الجواب مبنيّ على الاحتياط الوجوبيّ، هذا إذا لم ينطبق عليه عنوان الاستهزاء ونحوه وإلّا لم يجب.
مسألة 685: إذا سلّم على شخص مردّد بين شخصين لم يجب على أيٍّ منهما الردّ، وفي الصلاة لا يجوز الردّ.
مسألة 686: إذا تقارن شخصان في السلام وجب على كلٍّ منهما الردّ على الآخر على الأحوط لزوماً.
مسألة 687: إذا سلّم سخريّة أو مزاحاً أو متاركة لم يجب الردّ.
مسألة 688: إذا قال: (سلام) بدون (عليكم) وجب الجواب في الصلاة إمّا بمثله ويقدّر (عليكم) أو بقوله: (سلام عليكم).
مسألة 689: إذا شكّ المصلّي في أنّ السلام كان بأيّ صيغة فالأحوط لزوماً أن يردّ بقوله: (سلام عليكم).
مسألة 690: يجب ردّ السلام فوراً فإذا أخّر عصياناً أو نسياناً حتّى خرج عرفاً عن صدق الجواب في حال التحيّة لم يجب الردّ، وفي الصلاة لا يجوز، وإذا شكّ في الخروج عن الصدق وجب الردّ وإن كان في الصلاة.
مسألة 691: لو اضطرّ المصلّي إلى الكلام في الصلاة لدفع الضرر عن النفس أو غيره، تكلّم وبطلت صلاته على ما مرّ في المسألة (672).
مسألة 692: إذا ذكر الله تعالى في الصلاة أو دعا أو قرأ القرآن على غير وجه العبادة بل بقصد التنبيه على أمر من دون قصد القربة لم تبطل الصلاة، نعم لو لم يقصد الذكر ولا الدعاء وإنّما جرى على لسانه مجرّد التلفّظ بطلت، وأمّا القرآن فلا يعتبر في صدقه قصد القرآنيّة فلو صدق عرفاً على ما قرأه (قراءة القرآن) لم يضرّ بصحّة صلاته وإن لم يقصد ذلك.
الخامس: القهقهة، وهي تبطل الصلاة وإن كانت بغير اختيار إذا كانت مقدّماتها اختياريّة بل وإن لم تكن اختياريّة على الأحوط لزوماً مع سعة الوقت للإعادة وإلّا لم تبطل الصلاة، كما لا تبطلها إذا كانت عن سهو، والقهقهة هي الضحك المشتمل على الصوت والمدّ والترجيع ولا بأس بالتبسّم.
مسألة 693: لو امتلأ جوفه ضحكاً واحمرّ ولكن حبس نفسه عن إظهار الصوت ففي بطلان صلاته إشكال والأحوط لزوماً إعادتها.
السادس: تعمّد البكاء على الأحوط لزوماً سواء المشتمل على الصوت وغير المشتمل عليه إذا كان لأُمور الدنيا أو لذكر ميّت، فإذا كان خوفاً من الله تعالى، أو شوقاً إلى رضوانه، أو تذلّلاً له تعالى ولو لقضاء حاجة دنيويّة، فلا بأس به، وكذا ما كان منه على سيّد الشهداء (علىه السلام) إذا كان راجعاً إلى الآخرة، كما لا بأس به إذا كان سهواً، أمّا إذا كان غير اختياريّ بأن غلبه البكاء فلم يملك نفسه كان مبطلاً أيضاً وإن لم تكن مقدّماته اختياريّة على الأحوط لزوماً، نعم لو لم يقدر في الوقت إلّا على الصلاة باكياً صحّت صلاته.
السابع: الأكل والشرب وإن كانا قليلين، إذا كانا ماحيين للصورة بل مطلقاً على الأحوط لزوماً، نعم لا بأس بابتلاع السكر المذاب في الفم وبقايا الطعام، ولو أكل أو شرب سهواً فإن بلغ حدّ محو الصورة بطلت صلاته كما تقدّم، وإن لم يبلغ ذلك فلا بأس به.
مسألة 694: يستثنى من مبطليّة الشرب ما إذا كان مشغولاً بالنافلة كالوتر، وقد نوى أن يصوم الغد، وكان الفجر قريباً يخشى مفاجأته، وهو عطشان والماء أمامه أو قريباً منه قدر خطوتين أو ثلاثاً، فإنّه يجوز له التخطّي والارتواء ثُمَّ الرجوع إلى مكانه من دون أن يستدبر القبلة فيتمّ صلاته.
ولا فرق فيما ذكر بين النافلة المندوبة والتي وجبت بنذر أو نحوه، ولا يلحق الأكل وغيره بشرب الماء في الحكم المذكور .
الثامن: التكفير، وهو وضع إحدى اليدين على الأُخرى خضوعاً وتأدّباً كما يتعارف عند أصحاب بعض المذاهب الإسلاميّة، فإنّه مبطل للصلاة على الأحوط لزوماً سواء أتى به بقصد الجزئيّة أم لا، نعم هو حرام حرمة تشريعيّة مطلقاً، هذا فيما إذا وقع التكفير عمداً وفي حال الاختيار، وأمّا إذا وقع سهواً أو تقيّة أو كان الوضع لغرض آخر غير التأدّب من حكِّ جسده ونحوه فلا بأس به.
التاسع: تعمّد قول (آمين) بعد تمام الفاتحة، فإنّه مبطل للصلاة إذا أتى به المأموم عامداً في غير حال التقيّة، أمّا إذا أتى به سهواً فلا بأس به، وكذا إذا كان تقيّة بل قد يجب معها، وإذا تركه حينئذٍ أثم ولكن تصحّ صلاته، وأمّا غير المأموم ففي بطلان صلاته به إشكال فالأحوط لزوماً تركه، نعم لا إشكال في حرمته تشريعاً إذا أتى به بعنوان الوظيفة المقرّرة في المحلّ شرعاً.
مسألة 695: إذا شكّ بعد السلام في أنّه أحدث في أثناء الصلاة أو فعل ما يوجب بطلانها بنى على العدم.
مسألة 696: إذا علم أنّه نام اختياراً وشكّ في أنّه أتمّ الصلاة ثُمَّ نام أو نام في أثنائها - غفلة عن كونه في الصلاة أو تعمّداً - بنى على صحّة الصلاة إذا علم أنّه أتى بالماهيّة المشتركة بين الصحيح والفاسد، وكذلك الحال فيما إذا علم أنّه غلبه النوم قهراً وشكّ في أنّه كان في أثناء الصلاة أو بعدها، كما إذا رأى نفسه نائماً في السجود وشكّ في أنّه سجود الصلاة أو سجود الشكر .
مسألة 697: لا يجوز قطع الفريضة اختياراً على الأحوط وجوباً، ويجوز لأيّ غرض يهتمّ به دينيّاً كان أو دنيويّاً وإن لم يلزم من فواته ضرر، فإذا صلّى في المسجد وفي الأثناء علم أنّ فيه نجاسة جاز القطع وإزالة النجاسة كما تقدّم في المسألة (434)، ويجوز قطع النافلة مطلقاً وإن كانت منذورة - ما لم¬- يؤدّ إلى الحنث - ، لكن الأحوط استحباباً ترك ذلك، بل الأحوط استحباباً ترك قطع النافلة في غير مورد جواز قطع الفريضة.
مسألة 698: إذا وجب القطع فتركه واشتغل بالصلاة أثم، ولا يضرّ ذلك بصحّة صلاته.
مسألة 699: يكره في الصلاة الالتفات بالوجه قليلاً وبالعين، والعبث باليد واللحية والرأس والأصابع، والقِران بين السورتين في الفريضة - إلّا فيما استثني وقد تقدّم في المسألة (605) - ، ونفخ موضع السجود، والبصاق، وفرقعة الأصابع، والتمطّي، والتثاؤب، ومدافعة البول والغائط والريح، والتكاسل، والتناعس، والتثاقل، والامتخاط، ووصل إحدى القدمين بالأُخرى بلا فصل بينهما، وتشبيك الأصابع، ولُبْس الخُفّ أو الجورب الضيّق، وحديث النفس، والنظر إلى نقش الخاتم والمصحف والكتاب، ووضع اليد على الورك متعمّداً، وغير ذلك ممّا ذكر في المفصّلات.
أحكام الصلاة على النبيّ (صلّى الله علىه وآله) في الصلاة وغىرها
تستحبّ الصلاة على النبيّ (صلّى الله علىه وآله) لمن ذكره أو ذكر عنده ولو كان في الصلاة، من دون فرق بين ذكره باسمه الشريف أو لقبه أو كنيته أو بالضمير .
مسألة 700: إذا ذكر (صلّى الله علىه وآله) مكرّراً استحبّ تكرار الصلاة عليه، وإن كان في أثناء التشهّد فالظاهر جواز الاكتفاء بالصلاة التي هي جزء منه.
مسألة 701: استحباب الصلاة علىه (صلّى الله علىه وآله) عند ذكره على الفور، ولا يعتبر فيها كيفيّة خاصّة، نعم لا ينبغي ترك ذكر الآل (علىهم السلام) في الصلاة عليه (صلّى الله علىه وآله).
(1) الّلام في لفظ الجلالة وإن لم تكن للتعرىف بل جزءاً من الكلمة ولكنّها تشترك معها في الحكم المذكور .