أصفياء الله من عباده وورثة كتابه هم الأئمة (عليهم السلام)

1- عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا (عليه السلام) عَنْ قَوْلِ الله عَزَّ وجَلَّ: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا)، قَالَ فَقَالَ: (وُلْدُ فَاطِمَةَ (عليها السلام)، والسَّابِقُ بِالْخَيْرَاتِ الإِمَامُ والْمُقْتَصِدُ الْعَارِفُ بِالإِمَامِ والظَّالِمُ لِنَفْسِه الَّذِي لَا يَعْرِفُ الإِمَامَ)[1].

2- عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي وَلَّادٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) عَنْ قَوْلِ الله عَزَّ وجَلَّ: (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَه حَقَّ تِلاوَتِه أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِه)، قَالَ هُمُ الأَئِمَّةُ (عليه السلام))[2].
 3- عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ عَنْ سَالِمٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) عَنْ قَوْلِ الله عَزَّ وجَلَّ: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِه ومِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ومِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ الله)، قَالَ السَّابِقُ بِالْخَيْرَاتِ الإِمَامُ، والْمُقْتَصِدُ الْعَارِفُ لِلإِمَامِ والظَّالِمُ لِنَفْسِه الَّذِي لَا يَعْرِفُ الإِمَامَ)[3].

الشرح:

قال الله عَزَّ وجَلَّ: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ)، المورَّث: هو النبيّ (صلى الله عليه وآله) بأمره تعالى فنسب الفعل إليه مجازاً.

وقوله تعالى: (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِه)، لخروجه عن الدّين والعمل بالكتاب ولا ظلم أعظم منه وإنّما قدّمه لأنّه أكثر.

وقوله سبحانه: (ومِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ)، الاقتصاد هو التوسّط في الأمور كالإقرار بالإمام المتوسط بين إنكاره والغلو فيه والتوسط في العمل بين تركه بالكّلية وبين الإتيان بجميع الخيرات وعلى هذا القياس.

وقوله جل وعلى: (بِإِذْنِ الله)، أي بأمر الله وتوفيقه.

وقال (عليه السلام) عَنْ قَوْلِ الله عَزَّ وجَلَّ: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِه ومِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ومِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ الله)، (السَّابِقُ بِالْخَيْرَاتِ الإِمَامُ)، لأنّ له قدرة نفسانيّة، وقوّة روحانيّة، وشدّة جسمانيّة، يقتدر بها على فعل جميع الخيرات، ولا يترك شيئاً منها، كما قال سبحانه: (وأوحينا إليهم فعل الخيرات، وإقام الصلاة، وإيتاء الزّكاة، وكانوا لنا عابدين) وقال بعض المفسّرين: السابق هو الّذي رجحت حسناته، بحيث صارت سيّئاته مكفّرة، والأوّل هو الحقّ الّذي لا ريب فيه.

ثم قال (عليه السلام): (والْمُقْتَصِدُ الْعَارِفُ لِلإِمَامِ)، أي العارف بحقّه، المسلّم لفضله، وهو مقتصد لإقراره بما هو أصل لجميع الخيرات، وإن لم يأت بجميعها، أو الّذي خلط العمل الصالح بالسّيّء، وفي بعض النسخ (العارف بالأمر).

ثم قال (عليه السلام): (والظَّالِمُ لِنَفْسِه الَّذِي لَا يَعْرِفُ الإِمَامَ)، إذ لا خير فيه بعد إنكار الأصل، وإن عمل بجميع الخيرات، وأتى بجميع الواجبات، وترك جميع المنكرات.

4- عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) قَالَ: سَأَلْتُه عَنْ قَوْلِه تَعَالَى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا)، فَقَالَ: (أَيَّ شَيْءٍ تَقُولُونَ أَنْتُمْ) قُلْتُ نَقُولُ إِنَّهَا فِي الْفَاطِمِيِّينَ قَالَ: (لَيْسَ حَيْثُ تَذْهَبُ، لَيْسَ يَدْخُلُ فِي هَذَا مَنْ أَشَارَ بِسَيْفِه، ودَعَا النَّاسَ إِلَى خِلَافٍ). فَقُلْتُ: فَأَيُّ شَيْءٍ الظَّالِمُ لِنَفْسِه؟ قَالَ: (الْجَالِسُ فِي بَيْتِه لَا يَعْرِفُ حَقَّ الإِمَامِ والْمُقْتَصِدُ الْعَارِفُ بِحَقِّ الإِمَامِ والسَّابِقُ بِالْخَيْرَاتِ الإِمَامُ)[4].

الشرح:

قوله: فقال: (أَيَّ شَيْءٍ تَقُولُونَ أَنْتُمْ)، الخطاب لسليمان بن خالد، ومن يحذو حذوه، ممّن يعتقد أنّ كلّ من خرج من أولاد فاطمة (عليهم السلام) بالسيف فهو إمام مفترض الطاعة.

قال العلامة: خرج سليمان بن خالد مع زيد، فقطعت أصبعه، ولم يخرج من أصحاب أبي جعفر (عليه السلام)
غيره وكان الّذي قطع يده يوسف بن عمر بنفسه، وفي كتاب سعد أنّه تاب من ذلك ورجع إلى الحقّ قبل موته ورضيّ أبو عبد الله الصادق (عليه السلام) عنه بعد سخطه وتوجّع بموته وكان قارياً، فقيهاً، وجهاً، روى عن الباقر والصادق (عليهما السلام).

ثم قال (عليه السلام): (لَيْسَ حَيْثُ تَذْهَبُ)، من أنّها نزلت في الفاطميّين على الإطلاق، وقوله (عليه السلام): (لَيْسَ يَدْخُلُ) بمنزلة التعليل لذلك، فكأنّه قال: لو كانت في الكاظمييّن على الإطلاق لزم أن يدخل في هذا من أولاد فاطمة كلّ من أشار بسيفه ودعا الناس إلى ضلال أو خلاف للحق - على اختلاف النسختين- فلزم البطلان، بل هي نزلت فيمن دعا الناس إلى الله تعالى وإلى دين الحقّ بأمر الله تعالى وهو علي (عليه السلام)، وبعض أولاد فاطمة (عليها السلام).

مجلة بيوت المتقين العدد (58)

 


[1] الكافي، الشيخ الكليني: ج ١، ص214.

[2] الكافي، الشيخ الكليني: ج ١، ص215.

[3] الكافي، الشيخ الكليني: ج ١، ص215.

[4] الكافي، الشيخ الكليني: ج ١، ص215.