ما معنى أن الله قديم؟

القديم في اللغة: الشيء أو الموجود الذي مضى على وجوده زمناً طويلاً، والجمع قُدماء وقُدامى، كقولك: المحاربون القدامى، أي: الجنود الذين شاركوا في حروب ماضية[1].

  هذا المعنى الذين قال به أهل اللغة هو معنى مختصّ بالمخلوقات ولا يتعدّاها؛ لأنّ معنى القديم عند علماء الكلام يدل على شيء آخر يختلف جذرياً عن هذا المعنى.

  فالقديم عند علماء الكلام هو: «الموجود الذي ليس لوجوده ابتداء»[2].

  ولفظ (القديم) ـ يختلف بالمعنى عن لفظ (الأزلي)، و(الأبدي)، و(الباقي)، ونحوها ـ إن أُطلق على الله، فليس المقصود أنّ الزمان محيط به تعالى، بحيث يتقدّم منه جزء عليه فيكون ماضياً، ويتأخر عنه فيكون مستقبلاً[3].

قال الله تعالى: (هو الأَوّل والآخِر)[4].

  فالأول هو الذي قبل كل شيء، أي: لا بداية له سبحانه، وبهذا فسّره النبي (صلى الله عليه وآله)، فعن أبي هريرة، عن النبي (صلى الله عليه وآله): «أنّه كان إذا أراد أن ينام، يضطجع على شقِّه الأيمن، ثمّ يقول: اللهُمّ ربّ السَّماوات وربّ الأرض وربّ العرش العظيم... اللهُمَّ أنت الأوّل فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء...»[5].

  فالأول هو الذي ليس قبله شيء؛ لأنّه لو كان قبله شيء، لكان الله مخلوقاً والله (عزّ وجلّ) خالق، ولذلك فسّر النبي (صلى الله عليه وآله) الأول بأنّه غير المسبوق بشيء، وكل الموجودات بعده تعالى.

   فالآية الكريمة تحمل معنى دقيق مفاده: إنّ الله تعالى منزّه عن الخلق، فهو سبحانه خلق الزمان والمكان، ولا يجري عليه زمان ولا يحويه مكان، فهو موجود قبل خلق الزمان والمكان بلا زمان ولا مكان، وسيبقى بعد فناء الكون بلا زمان ولا مكان، وبيّن الإمام الرضا (عليه السلام) ذلك بقوله: «القِدم: صفة دلّت العاقل على أنّه لا شيء قبله، ولا شيء معه في ديموميته»[6].

مجلة اليقين العدد (49)


[1] ينظر: المعجم الوسيط، إبراهيم أنيس وآخرون: ج2، ص474.

[2] موسوعة العقائد الإسلامية، محمد الريشهري: ج4، ص411.

[3] ينظر: مختصر مفيد، جعفر مرتضى العاملي: ج7، ص14.

[4] الحديد: آية 3.

[5] صحيح مسلم، مسلم النيسابوري: ج8، ص78.

[6] الفصول المهمّة في أصول الأئمّة، الحر العاملي: ج1، ص150.