مع الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)

في زمن الفتن الكالحة، والشبهات القاتمة، هذا الزّمن الصّعب الّذي يمرّ على أمّة الإسلام كأن الأرض تجف تحتها من الألم، حيث تحاول افتراسها وحوش الداخل والخارج، ومن ورائهم من يريدون أن يخطفوا هويتها، ويحولوا منهاجها الإلهي إلى منهاج آخر، خدمةً للشيطان وأعوانه؛ تطل علينا ذكرى ولادة إمامنا الطاهر بن الطاهرين الحسن بن علي المجتبى(عليه السلام) ثاني الأئمة وهو أيضاً قرين المحن والفتن.

ولا ينبغي أن تمر هذه الذكرى المباركة دون أن تستلهم أمّة جدّه ما يحتاجه حالها الراهن، من سيرته وسيرة آبائه، أئمّتها الأطهار(عليهم السلام) في كلّ ما يعينها على حسن إدارة أوضاعها، بما يحفظ وجودها ومسيرتها.

ولد الإمام الهمام الحسن ابن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) في السنة الثالثة للهجرة في ليلة الثّلاثاء، ليلة النّصف من شهر رمضان المبارك.

كنيته الشّريفة أبو محمد، وألقابه الكريمة: السيد والسبط والأمين والحجّة والبرّ والنقيّ والزكيّ والمجتبى والزاهد.

سيرةٌ مليئةٌ بالإيمان والحكمة والجهاد والصّبر والتحدي للمحبطين، والمارقين الذين جدّوا وجادوا بكلّ قواهم ليسقطوا الدّين، ويطفئوا نور الله بأيديهم وألسنتهم، ويعطّلوا حدود وأحكام الله، فجسّد الإمام الحسن(عليه السلام) قبالهم مثال المؤمن المخلص لربّه، وامتطى مطية الصبر والحكمة في بث الخير والنفع للمجتمع الإسلامي، وسعى بكلّ قوّة وثبات وإيمان لتركيز مفاهيم الدّين الأصيلة في نفوس الناس، وإعادتهم إلى صحوتهم التي درستها أجواء الغفلة التي افتعلها أعداء الدين، فزعزعت إيمان كثير ومزّقت كيان الأمة.

لابد أن تعلم في ذكرى مولد إمام المسلمين جميعاً المباركة؛ الحسن بن عليّ(عليه السلام)، نتعلّم كيف نواجه ونتحدّى ونقاوم الأنانيّات والعصبيّات، وكيف نحوّل العبادة إلى نشاط دائم، ووعي وحكمة في تصويب حركتنا ومواقفنا، حتى نصحّح الكثير من سلوكيّات المجتمع التي تبعدنا عن أصالة إسلامنا.

في هذه الذّكرى العزيزة في عقيدتنا، قلوبنا يملؤوها الأمل في أن يعود المسلمون إلى القدوة الغرّاء، ويتبعوا أئمّتهم بقدر محبتهم وولائهم، ويتوقّفوا عند أخلاق وحكمة وتدبير صاحب الذكرى، لأننا بحاجة إليها للحفاظ على هويتنا المقدسة من الاهتزاز والضّياع. فالسلام على الإمام الحسن، يوم ولد، ويوم ارتفع مظلوماً إلى جوار ربّه، ويوم يبعث حيّاً.

مجلة ولاء الشباب العدد (61)