كان الشيخ مرتضى الأنصاري (رضي الله عنه) يتشرف بزيارة الإمام علي (عليه السلام) في كل يوم، فيقف إزاء الضريح الشريف ويقرأ الزيارة الجامعة الكبيرة التي تعتبر من أفضل الزيارات وأطولها وذات مضامين عالية ومفاهيم رفيعة.
وفي يوم من الأيام اقترب إليه أحد مناوئيه وكان جريئاً على الشيخ غير آبه بمنزلته الرفيعة في الحوزة ومكانته في أوساط الناس فقال له: إلى متى هذا الرياء يا شيخ؟!
ابتسم له الشيخ (رضي الله عنه) وقال: أنت أيضاً قم بهذا الرياء.
وذات مرة أيضاً قال له أحد الطفيليين وهو يقصد اهانته: ما أسهل أن يصبح الإنسان عالماً، ولكن ما أصعب أن يصبح دمث الخليقة (كريم السجية).
فقال له الشيخ وكأنه يريد تصحيح كلامه: أن يصبح الإنسان عالماً، فهذا صعب جداً، ولكن أن يصبح دمث الخليقة (كريم السجية) فهذا أصعب بكثير[1].
وفي هذه المناسبة نذكر روايتين للفائدة:
عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما أسري بالنبي (صلى الله عليه وآله) قال: (يا رب ما حال المؤمن عندك؟ قال: يا محمد من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة، وأنا أسرع شئ إلى نصرة أوليائي...)[2].
عن أبي هارون، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لنفر عنده وأنا حاضر: (مالكم تستخفون بنا؟ قال: فقام إليه رجل من خراسان فقال: معاذ لوجه الله أن نستخف بك أو بشيء من أمرك، فقال: بلى إنك أحد من استخف بي، فقال: معاذ لوجه الله أن استخف بك، فقال له: ويحك ألم تسمع فلانا ونحن بقرب الجحفة وهو يقول لك: احملني قدر ميل فقد والله عييت، والله ما رفعت به رأساً لقد استخففت به، ومن استخف بمؤمن فبنا استخف، وضيع حرمة الله عز وجل)[3].