وكما يُطلب من الفرد أنْ يؤسّس لنفسه عقيدة وثقافة وسلوكاً يؤثّر إيجاباً في تعجيل فرج المولى المقدّس (عجل الله فرجه الشريف)، فكذلك على المستوى الاجتماعي ينبغي أنْ يكون هذا الفرد مؤثّراً في تشكيل بيئة مهدوية تؤثّر إيجاباً في دفع الناس اتجاه الاهتمامات المهدويّة، ونشر ثقافة الانتظار من خلال المجالس والأندية التي تفتقر كثيراً لهذه الثقافة، فالفرد الذي أعدّ لنفسه منهجاً صحيحاً في هذا المضمار لابدّ أنْ لا يجعله حبيساً في أدراج أُفق النفس، بل لابدّ من إخراجه من خلال سلوك يمارسه، أو فكر ينشره، لتكون بذلك حظوته عند إمامه(عليه السلام) كحظوة إبراهيم الخليل(عليه السلام) عند ربّه، إذ جُعل أمّة رغم فرديته، لأنّه حمل على مستوى الفكر والسلوك هموم إنقاذ الأُمّة بأسرها من براثن ما كانت تعيشه،قال الله تعالى: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً..)[1]. وهكذا المأمول من الفرد المهدوي الذي أعدّ نفسه إعداداً صحيحاً للظهور المقدّس، فكلّ حدث نراه اليوم له مدخليّة ولكنّها لابدّ أنْ تنضبط في إطار الشريعة المقدّسة، ولابدّ أنْ تتحدّد بحدود ما ورد عن أهل البيت (عليهم السلام)، فنحن نسير في طريق حافّتاه الترقّب والانتظار والاستعداد من جهة ومنع التوقيت والاستعجال وذمّهما من جهة أخرى،فهذه الثقافة التي تشبه إلى حدّ كبير ثقافة الأمر بين الأمرين هي الكفيلة وحدها بنجاة المؤمنين، وتشكيل قاعدة عريضة تؤثّر في تعجيل فرج الإمام المنتظر الغائب (عجل الله فرجه الشريف).
ورد عنه (عجل الله فرجه الشريف) «...ولو أن أشياعنا - وفقهم الله لطاعته - على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا. ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة وصدقها منهم بنا، فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا مما نكرهه ولا نؤثره منهم. والله المستعان، وهو حسبنا ونعم الوكيل فليعمل كل امرئ منكم بما يقرب به من محبتنا، ويتجنب ما يدنيه من كراهتنا وسخطنا، فإنّ أمرنا بغتة فجأة حين لا تنفعه توبة، ولا ينجيه من عقابنا ندم على حوبة والله يلهمكم الرشد، ويلطف لكم في التوفيق برحمته»[2].
المكاتبة الصادرة عن الإمام (عجل الله فرجه الشريف) تتحدث عن شرط الظهور وهو اجتماع القلوب وهو عين معنى الوحدة والاجتماع وقوام الوحدة الوفاء بالعهد للإمام (عجل الله فرجه الشريف) أي اجتماع على قضية المهدي (عجل الله فرجه الشريف). ومن نافلة القول أن الانتماء العقائدي لا يكفي لأنه لو كان هو الشرط لكان الخروج منذ زمن قديم بل إن الوحدة والاجتماع هما في إطار العمل وصب الجهد في مشروع التمهيد لا بشكل عشوائي بل بشكل منظم له قيادة وله نظام.