ترى، هل عجزت الهجرة أن تكوي قلوباً إلا قلوب أهل البيت (عليهم السلام)؟
وهل رغبت عنهم بقاع مكة ومنى، وفيافي المدينة الطيبة المنورة أم هم رغبوا عنها، ليغيبوا عنها إلى الأبد؟
النبي (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) منها إلى المدينة.
الإمام الحسين (عليه السلام) منها إلى كربلاء، حيث الشهادة.
الإمام الرضا (عليه السلام) منها إلى خراسان، حيث السُّمّ.
إيهٍ يا خراسان، لا ألومك أيتها البقعة النورية، بل أغبطك، وأبارك لك، أن أكرمت مثواه، (إنه من عبادنا الصالحين)
يخطر في ذهني كيف تلقّيتِ النور النبوي العلوي؟
ما حجم حفاوتك بالإمامة؟ حتى جعل أفئدة من الناس تشدّ رحال الشوق والعشق لتضعها عند بابك المقدس: (السلام عليك يا أنيس النفوس، أيها الغريب بأرض طوس).
عن علي بن إبراهيم عن ياسر الخادم والريّان بن الصلت جميعاً قال: (لما انقضى أمر المخلوع واستوى الأمر للمأمون كتب إلى الرضا(عليه السلام) يستقدمه إلى خراسان فاعتلّ عليه أبو الحسن(عليه السلام) بعلل، فلم يزل المأمون يكاتبه في ذلك حتى علم أنه لا محيص له، وأنه لا يكفّ عنه، فخرج(عليه السلام) ولأبي جعفر سبع سنين، فكتب إليه المأمون: لا تأخذ على طريق الجبل وقم، وخذ على طريق البصرة والأهواز وفارس)[1].
وروى الصدوق بإسناده عن محول السجستاني قال: (لما ورد البريد بإشخاص الرضا(عليه السلام) إلى خراسان، كنت أنا بالمدينة فدخل المسجد ليودّع رسولَ الله(صلى الله عليه وآله)، فودّعَهُ مراراً كل ذلك يرجع إلى القبر ويعلو صوته بالبكاء والنحيب، فتقدمتُ إليه وسلّمتُ عليه، فَردَّ السلام وهنأتُه، فقال: ذرني فإني أخرج من جوار جدّي(صلى الله عليه وآله) وأموت في غربة وأدفن في جنب هارون. قال: فخرجت مُتَّبعاً لطريقه حتى مات بطوس، ودفن إلى جنب هارون)[2].
حيث كان تأريخ شهادته بالسمّ على يد المأمون العباسي في الخامس والعشرين من ذي القعدة سنة 200هـ
مجلة ولاء الشباب العدد (39)