لا يخلو الإنسان -بل حتى بعض الحيوانات - من العلاقات العاطفية في الحياة بينه وبين بني جنسه أو غيرهم، فهو يعيش في محيطِ أُسرةٍ ومجتمع، ولديه علاقة بزوجته وأطفاله وأبيه وأمه وأخوته وأخواته وأقربائه وأصدقائه ......إلخ، وفي كل تلك العلاقات المتعدّدة يحتاج إلى رابطة تُديم له حركة العلاقات المتنوعة مع الآخرين، وهذه الرابطة هي العاطفة، فهي الزيت الذي يُرطّب أواصر المحبة والمودّة والأُلفة في القلب.
والمرأة -بحسب طبيعة تكوينها والمسؤوليات الملقاة على كاهلها- هي الكائن الأكثر عاطفة تجاه الآخرين، فهي معروفة بعاطفتها مع زوجها وأولادها، وفي علاقاتها الأُخرى، لأن المرأة ومنذ طفولتها تحاول أن تبني شخصيتها على الهدوء والنعومة، على العكس من الرجل، فإنه يربي نفسه على أدوار القوّة والتجلّد.
إلا أن المرأة في العمل أو الدراسة أو في مواقع التواصل قد تدخل في علاقات عاطفية مع شخص، فتتكون بينهما علاقة، وتؤسس على تلك العلاقة أحلامها، إذ تعتقد أنها علاقة صحيحة وناجحة، وتتصور أن بإمكان تلك العلاقة أن تسعدها وتحقق أهدافها، وربما هي كذلك في نسبة قليلة لمن لم تكن متدينةً، لكن الحقيقة -في الأعم الأغلب- هي عكس ما تتصور المرأة في علاقتها تلك، والسبب في ذلك:
1- المحذور الشرعي: أي أن المؤمنين والمؤمنات يحكمهم شرعٌ سماويٌّ، وهو يُحرِّم العلاقات التي ليس لها غطاءٌ شرعيٌّ، فليس للفتاة أو الشاب تكوينُ علاقة خارج الجوِّ الشرعي، لأنها حرام عندئذٍ، لما تستتبعه من أمور محرمة، كالنظر واللمس والكلام .... الخ.
2- وهميّةُ العلاقة: إن نسبةً كبيرة من العلاقات التي تؤسس في أجواء مواقع التواصل أو الدراسة أو العمل أو غير ذلك هي علاقات وهمية، وإن الفتيات والشباب لا يثقون بتلك العلاقات، لأنها بالأساس علاقات مؤقتة وتحكمها مظاهر كاذبة، لا تعكس شخصية كل من الطرفين، فهل من الحكمة أن تخضع الفتاة أو الشاب لعلاقة وهمية تحكمها هذه الأجواء؟!
3- غالباً ما تكون العاطفة في فترة المراهقة غير ناضجة، وتعتريها الخِفّة وعدم الاتزان، فينبغي للفتاة والشاب أن لا يتعجّلوا بتكوين العلاقات التي تؤسس قاعدتها على الرمال، لأن ذلك سيترك في النفس تجربة فاشلة يندم عليها الإنسان فيما بعد.
4- وأخيراً يأتي دور العادات والتقاليد الاجتماعية في التشجيع على مثل هذا السلوك، وينبغي الالتفات إلى أن تقاليد مجتمعنا لا تشجع على ذلك، فلكل أمة خصوصياتها في العادات التي اعتادوا باستمرار القيام بها، وهي ترسم معالم السلوك الفردي والجماعي، وهي «الموروث الثقافي» المكتسب الثابت من الأجيال السابقة، وهو المتفق عليه بين جميع طوائف المجتمع على صحته ووجوبه والعمل بحدوده.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (36)