ما حقيقة مصحف فاطمة (عليها السلام)؟

سؤال: ما حقيقة مصحف فاطمة (عليها السلام)؟ 

قد يتصور البعض أنّ لفظة «مصحف» هي بمعنى القرآن في لغة العرب، وكذا في عصر النبيّ (صلى الله عليه وآله)، والحال أنّ لفظة «مصحف» أُخذت من لفظة «صحيفة» وهي بمعنى مطلق الكتاب.

كما أنّ التاريخ شاهد على أنّ «المصحف» في صدر الإسلام كان يُطلق على الدفتر أو الكتاب المجلّد، وحتّى بعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله) لم يكن المصحف اسماً للقرآن بل كان اسماً لكلّ كتاب مجلَّد.

ينقل ابن أبي داود السجستاني في باب جمع القرآن، في مصحف، عن محمّد بن سيرين: عندما توفّي النبيّ (صلى الله عليه وآله) أقسم عليّ على ألا يضع رداءه على عاتقه إلّا لصلاة الجمعة حتّى يجمع القرآن في مصحف[1].

والجدير بالذكر أنّ روايات أئمّتنا (عليهم السلام) تحكي أنّه حتّى في زمانهم كان لفظ المصحف بمعنى الكتاب والدفتر المكتوب.

يقول الإمام الصادق (عليه السلام): «من قرأ القرآن في المصحف متّع ببصره، وخفّف عن والديه»[2].

بعد هذه المقدّمة نقول:

إن مصحف فاطمة الزهراء(عليها السلام) هو كتاب عظيم المنزلة، أملاه جبرائيل الأمين على سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء(عليها السلام) بعد وفاة أبيها رسول الله(صلى الله عليه وآله)؛ وذلك تسكيناً لها على حزنها على أبيها، وأمّا كاتب هذا المصحف فكان أمير المؤمنين(عليه السلام)، فقد سئل الصادق(عليه السلام) عن مصحف فاطمة(عليها السلام) فأجاب: «إنّ فاطمة مكثت بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) خمسة وسبعين يوماً، وكان دَخَلَها حزنٌ شديد على أبيها، وكان جبرئيل يأتيها فيُحسن عزاءَها على أبيها، ويُطيب نفسها ويُخبرها عن أبيها ومكانِه، ويخُبرها بما يكون بعدها في ذريتها، وكان عليّ(عليه السلام) يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة»[3].

ومن خلال قول الإمام الصادق(عليه السلام) عرفنا محتوى هذا المصحف؛ إذ قال: (يُخبرها عن أبيها ومكانه، ويُخبرها بما يكون بعدها على ذريتها)؛ إذاً هو ليس قرآناً، كما أنّه ليس فيه شيء من القرآن حتى آية واحد، ومما يؤكّد ذلك ما قاله الإمام الصادق(عليه السلام) أيضاً حينما سئل عنه فقد قال: «مُصْحَفُ فاطِمَةَ ما فِيهِ شيءٌ منْ كتابِ اللهِ، وإِنّما هوَ شيءٌ أُلقيَ عَلَيْها بعدَ مَوْتِ أَبِيها (صلّى اللهُ عليهما)»[4].

مجلة اليقين العدد (12)


[1] كتاب المصاحف، السجستاني: ص16.

[2] الوافي: ج9، ص1667.

[3] الكافي، الكليني: ج1، ص241.

[4] بصائر الدرجات، الصفّار: ج1، ص159.