يحكى أنه كان هناك شاب عصبي المزاج سريع الغضب بشكل لا يصدق، وكان دائماً ما يغضب ويخرج عن صوابه ويجرح الناس بأقوال وأفعاله بشكل دائم، وكان والد هذا الشاب رجل حكيم له خبرة كبيرة بالحياة وقد لاحظ هذه الصف السيئة بإبنه، فقرر أن يعلمه درساً ليصلحه ويقومه فأحضر له كيساً مملوءً بالمسامير الصغيرة وقال له يا بني كلما شعرت بالغضب الشديد وفقدت أعصابك وبدأت تفعل أشياء لا تصح عليك أن تقوم بدق مسماراً واحداً في السياج الخشبي لحديقة المنزل.
وفعلاً نفذ الشاب نصيحة والده وكان كلما يشعر بالغضب الشديد يبدأ بدق المسامير ولكن لم يكن إدخال المسامير في السور الخشبي سهلاً على الإطلاق فهو يحتاج جهداً ووقتاً كثيراً، وفي اليوم الأول قام الولد بدق 37 مسماراً وتعب كثيراً في دق المسامير، فقرر في نفسه أن يحاول أن يملك نفسه عند الغضب حتى لا يتكبد عناء دق المسامير، ومع مرور الأيام نجح الولد في إنقاص عدد المسامير التي يدقها يوماً بعد يوم، حتى تمكن من ضبط نفسه بشكل نهائي وتخلص من تلك الصفة السيئة إلى الأبد، ومر يومين كاملين والولد لا يدق أي مسمار في السياج، فذهب إلى والده فرحاً وفعلاً هنأه الوالد على هذا التحول الجيد، ولكنة طلب منه شيئاً جديداً وهو القيام بإخراج جميع المسامير مر أخرى من السياج، تعجب الشاب من طلب والده ولكنه قام بتنفيذ طلبة فوراً وأخرج جميع المسامير، وعاد مرة أخرى إلى والده وأخبره بإنجازه، فأخذه والده وخرجا إلى الحديقة وأشار الوالد إلى السياج قائلا: أحسنت صنعاً يا بني ولكن أنظر الآن إلى كل هذه الثقوب المحفورة في السياج، هذا السور مستحيل أن يعود يوماً كما كان مهما فعلت، وهذه الثقوب هي الأفعال والأقوال التي تصدر منك عند الغضب، يمكنك أن تعتذر بعدها ألف مرة لعلمك تمحي أثرها، ولكنها دوماً ستترك أثراً في نفوس الآخرين.
المصدر: مجلة بيوت المتقين، العدد (82)، صفحة (30)