لقد أكّد الإسلام على صلة الأرحام وشدّد على صلتهم بما لا يخفى على المتأمّل فيما ورد من الأحاديث الكثيرة عن نبيّنا الأكرم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام).
الحثّ على صلة الرحم:
يقول الإمام علي (عليه السلام): (إنّه لا يستغني الرجل وإن كان ذا مال عن عترته ودفاعهم عنه بأيديهم وألسنتهم وهم أعظم الناس حيطة من ورائه وألمّهم لشعثه، أعطفهم عليه عند نازلة إذا نزلت به، ولسان الصدق يجعله الله للمرء في الناس خير له من المال يرثه غيره، ألا لا يعدلنَّ أحدكم عن القرابة...)[1].
آثار صلة الرحم: إنّ لصلة الرحم إيجابيات مهمّة على صعيد الدنيا كما الآخرة، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة نأتي على ذكر بعضٍ منها: عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إنّ الرجل ليصل رحمه وما بقي من عمره إلّا ثلاثة أيّام فينسئه الله عزَّ وجلَّ ثلاثين سنة، وإنّ الرجل ليقطع الرحم وقد بقي من عمره ثلاثون سنة فيصيّره الله إلى ثلاثة أيّام)[2]. وعن الإمام الباقر(عليه السلام): (صلة الأرحام تزكّي الأعمال، وتنمّي الأموال، وتدفع البلوى، وتيسّر الحساب، وتُنسئ الأجل "أي تطيل في العمر)[3]. وعنه (عليه السلام): (صلة الأرحام تُحسّن الخلق وتسمح الكفّ وتطيّب النفس وتزيد في الرزق وتُنسئ في الأجل)[4].
فلو علم الإنسان بكلّ هذا الأجر في الآخرة عدا حسنات الصلة في الدنيا لما قطع رحماً قط طوال عمره، ولعمري كم هي واسعة رحمة الله وكم هو كريم حتّى يعطي كلّ هذا على صلة الرحم.
قطيعة الرحم: جاء رجل إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) فقال: أيّ الأعمال أبغض إلى الله؟ فقال (صلى الله عليه وآله): -الشرك بالله-. قال: ثمّ ماذا؟ فقال (صلى الله عليه وآله): (قطيعة ألرحم)[5].
يوجب قرب الأجل: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته: (أعوذ بالله من الذنوب الّتي تُعجِّل الفناء، فقام إليه عبد الله بن الكوّاء، فقال: يا أمير المؤمنين أو تكون ذنوب تُعجِّل ألفناء، فقال: نعم، وتلك قطيعة الرحم، إنّ أهل البيت ليجتمعون ويتواسون وهم فجرة فيرزقهم الله وإنّ أهل البيت ليتفرّقون ويقطع بعضهم بعضاً فيحرمهم الله وهم أتقياء)[6].
التواصل حل للمشاكل: أنّ التواصل يعد وسيلة لإيصال الرسالة، فقد أستخدم الأنبياء أسلوب التواصل مع أقوامهم من أجل إيصال رسالة الله سبحانه وتعالى للبشر وتبليغ شرائعه وتعاليمه للناس، كذلك يستخدم المعلم والمربي أسلوب التواصل حين يريد إيصال رسالة التعليم إلى طلابه وشرح العلوم المختلفة لهم، وهذا الأسلوب ينطبق على كثيرٍ من النّاس الذين يحملون رسالة نبيلة في حياتهم ويودّون توصيلها إلى النّاس.
التّواصل كذلك وسيلة لحل المشاكل والخلافات بين الناس، فالإنسان السّاعي بالخير والإصلاح بين النّاس يتواصل مع المتخاصمين من أجل أن يصلح ذات البين بينهم. عن الإمام علي (عليه السلام): سمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام..)[7].
أسباب القطيعة: القطيعة وأسبابها كثيرة وأهما التكبُّر: وهي سيطرة الروح المادية، التي تؤدي بالإنسان الذي تغلبت عليه هذه الروح، إلى التكبُّر على الآخرين واحتقارهم وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (لا يدخل الجنّة من في قلبه مثقال حبّة من كبر)[8]. وإذا كان التكبُّر مذموماً، فإنّ التكبُّر على ذي الرحم أشد قبحاً، فكم نرى غنيّاً، لا يصل رحمه الفقير، ولا يعرف له قرابته ويتكبَّر عليه، أما إذا رأى رحمه الغني الوجيه أحترمه، وهذا في الحقيقة ليس صلة للرحم، بل اعتناء بالمال والمصالح الضيقة، لا بشخص الرحم.