يُطلق اصطلاح (السفراء الأربعة) على ذوي الوكالة الخاصة عن الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وهم كل من عثمان بن سعيد العمري، وابنه محمد بن عثمان بن سعيد العمري، والحسين بن روح النوبختي، وعلي بن محمد السمري، وإن الوكالة عن المعصوم لها دور مهم في تنظيم وإدارة المجتمع الإسلامي، في عصر الغيبة الصغرى (260 ـ 329 هـ)، فإنه في عصر الظهور كان الإمام (عليه السلام) يتبنى الأمور بنفسه، وفي الغيبة الصغرى صار يقوم بالمهام عن طريق نواب خاصّين عُرفوا بالسفراء الأربعة.
إن مهمة السفير الأساسية هو إيصال أسئلة الشيعة إلى الإمام (عليه السلام) وإعادة أجوبتها إليهم، كما في التوقيع الذي خرج على يد محمد بن عثمان، وأُجيب خلاله على أسئلة إسحاق بن يعقوب في المجالات المختلفة، وهكذا يمكن الإشارة إلى التوقيع التفصيلي الذي صدر رداً على أسئلة رسول أهالي قم[1].
وكذلك استلام الحقوق الشرعية وتوزيعها في مواردها، والمتتبع لطريقة قيام السفراء بمهامهم يجد هناك صلة وثيقة بينهم وبين الشيعية الإمامية في مناطق قريبة وبعيدة ذات التواجد الشيعي، فكانت ترد أسئلة من الكوفة، ومن المدينة، ومن أهل قم، وغيرها من الأمصار.
لقد وضع السفراء الأربعة رضوان الله عليهم وسطاء ونوّاب أيضاً لهم في الأمصار، ووضعوا نظاماً خاصّاً للتعامل، ليكونوا بمنجاة من مطاردة السلطات الجائرة، فكان الوكلاء يجمعون التبرعات من الناس من جميع الأشياء تحت عنوان (مال الغريم)، قال الشيخ المفيد: (هذا رمز كانت الشيعة تعرفه به قديما بينها، ويكون خطابها عليه للتقية)[2].
ويمكن بيان دورهم فيما يأتي:
1- الكتمان والتستّر على شخص الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) خوفاً عليه من بطش السلطات الذي جعل الظروف صعبة على الشيعة، ومع العلم أنّه كان يمكن رؤيته (عجل الله تعالى فرجه الشريف) للسفراء الأربعة ولبعض الشيعة، وفي هذا الدور يقول سفيره محمد بن عثمان بن سعيد العمري توجيهات الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) بكتمان أمره بقوله: (الذين يسألون عن الاسم: إما السكوت والجنة، وإما الكلام والنار، فإنهم إن وقفوا على الاسم أذاعوه، وإن وقفوا على المكان دلوا عليه)[3].
وقد التزم بهذا الأمر السفراء الأربعة جميعاً، فلا يذكرون اسم ومكان الإمام في الأوساط العامة.
2- إعداد الوكلاء في المناطق المختلفة وتعبئتهم، فإن السفراء كانت لهم أذرع يتبنون نشاطاتهم تحت إشرافهم الخاص، ويحوّلون الأسئلة والرسائل والحقوق الشرعية التي يدفعها الشيعة لهم إلى السفير ومنه إلى الإمام الغائب (عجل الله تعالى فرجه الشريف).
3- (جمع الحقوق المالية وصرفها وفق توجيهات الإمام مع الحذر بعدم إرسالها إلى مقره في سامراء وتسليمها بيد السفراء في بغداد وتداولها كنشاط تجاري لذا مارسوا الإعمال التجارية ليكونوا بعيدين عن أعين السلطات ولأبعاد الشبهات عن تنقلاتهم من مكان لآخر)[4].
4- الإجابة على الأسئلة الفقهية والشبهات العقائدية وأفكار المخالفين، بالإضافة إلى نقل المسائل المتعلقة بالفقه والعقيدة التي يطرحها الشيعة.
5- التّصدي للمخالفين المعترضين على الثوابت الشيعية، والتباحث معهم بالحجج والبراهين، التي تعلّموها من الإمام(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وكذلك مواجهة الغلاة وكشف ادعاءاتهم الكاذبة، أمثال: أحمد بن هلال العبرتائي، محمد بن علي بن بلال، محمد بن نصير النميري، الحـسين بـن منـصور الحـلاج الـصوفي، أبو محمد الحسن السريعي[5].
والخلاصة:
أن السفراء الأربعة كان دورهم دور الوساطة بين الشيعة الإمامية وبين إمامهم المحتجب عنهم في عصر الغيبة الصغرى، وفي نفس الوقت اتخذوا لهم وكلاء في مختلف المناطق التي شهدت تواجد أبناء المذهب الجعفري، وكان تركيز المهمّات على إيصال التوقيعات الصادرة من الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) إلى الشيعة الإمامية، فضلا عن نقل الأسئلة والاستفسارات التي ترد من الأمامية من مختلف المناطق إلى الإمام الغائب (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وإعادة الإجابات الصادرة عن الإمام إليهم.
المصدر: مجلة اليقين العدد (60)