سؤالُ قد تبلْور في عالم الواقع: كيفَ تجعلْ القراءة جزءً من حياتك في زمن يكون لمشاغلِ الحياة ومصاعبِها الدورُ الأكبر في عرقلة العجلة الثقافيّة والبعد عن مطالعة الكتب عند أغلب الناس، وجعْلِ هدفِهم الأسمى السعي لتحصيل الجانب الماديّ، والزهد بما كانَ غذاءً للفكر والعقل، وفي هذه الصفحة، نستعرض لكم كتاباً من الكتب المهمة في طرح الآراء ورَدّ الشبهات وهو كتاب (المراجعات) بقلم الإمام عبدالحسين شرف الدين الموسوي قدس الله سره، فهو بطل من أبطال العلم، وفارس من فرسان البيان ويغنيك عن تعريفه ما يعرفك به الكتاب من علم وفن وقدرة في الصياغة والإبداع، وقد تُرجم الكتاب لعدة لغات كالفارسية والإنكليزية والأورديّة والألمانية.
ويعتبر هذا الكتاب من أهم الكتب الإسلامية التي صدرت في القرن العشرين، وأحد أهم الكتب التي ساهمت في تقوية الحوار الأخوي البناء بين المسلمين الشيعة والسنة، ويحتوي الكتاب على مراسلات جرت بين أحد أكبر علماء المسلمين الشيعة وهو السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي وأحد أكبر علماء المسلمين السنة سليم البشري شيخ شيوخ الأزهر في ذلك الوقت، والرسائل المذكورة تحتوي على أسئلة وحوارات وملاحظات إلى غير ذلك مما ينتمي إلى الحوار الأخوي، ويظهر من الرسائل أن الحوار كان يسوده الطابع الأخوي والاحترام المتبادل الفائق بين الطرفين مع مراعاة ذكر المصادر المختلفة لمعطيات كل من الطرفين، وبذلك صار الشيخ البشري والسيد شرف الدين قدوة يُحتذى بهما في الحوار البناء وتقوية الوحدة في صفوف الأمة الإسلامية.
وكان قد التقى السيد شرف الدين قبل ذلك بإدارة الجامع الأزهر أثناء زيارته لمصر من 1329 إلى 1330 للهجرة الموافق 1911 إلى 1912 للميلاد، فحصل الشيخ البشري على انطباع حسن لما رأى من تُقى السيد شرف الدين الموسوي وذخر علمه، عندها اتفقا على القيام بحوار بَنّاء بالمراسلة.
بعد انتهاء الاثنين من الحوار والمراسلة سأل السيد شرف الدين الموسوي الشيخ البشري أن يأذن له بنشر المراسلات، ولما حصل على الموافقة قام بنشر تلك المراسلات مجموعة في كتاب المراجعات، وإن كان ذلك في وقت متأخر سنة 1355 للهجرة الموافق 1936 للميلاد، نتيجة الظروف القاسية التي مر بها السيد شرف الدين الموسوي من المحتل الفرنسي في لبنان.
يعتبر الكتاب اليوم مرجعاً لابد منه لكل باحث عن الحقائق والمعارف التي تميز المسلمين الشيعة عن غيرهم.
مجلة ولاء الشباب العدد (2)