إنّ من أشهر القضايا وأكبر الرزايا لرزية الخميس، التي حيل فيها بين النبي (صلى الله عليه وآله) وما كان يرومه من كتابة كتاب للأمّة، يبعد عنها الوقوع في الضلال، وهذه الحادثة أخرجها أصحاب الصحاح والسنن، ونقلها البخاري في صحيحه عن ابن عباس، قال: «لمّا حضر رسول الله(صلى الله عليه وآله) وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، قال النبي(صلى الله عليه وآله): هلمّ أكتب لكم كتاباً لا تضلَّوا بعده. فقال عمر: إنّ النبي قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت فاختصموا، منهم مَن يقول: قرّبوا يكتب لكم النبي كتاباً لا تضلَّوا بعده، ومنهم مَن يقول ما قال عمر، فلمّا أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي، قال لهم رسول الله(صلى الله عليه وآله): قوموا. فكان ابن عباس يقول: إنّ الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله(صلى الله عليه وآله) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم»[1].
وبعد بيان هذه الواقعة نقول لماذا قال عمر ذلك؟
وجوابه: لأنّ عمر يعلم علم اليقين ما كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) سيأمر بكتابته وما هي توجيهاته الأخيرة؛ لأنّ حديث النبي مقرون (بلا تضلوا بعده أبداً). هذا من جانب ومن جانب آخر لماذا لم يعاود النبي(صلى الله عليه وآله)كتابة ما أراد؟
الجواب: لعلمه أنّهم سيصرّون على اتهام النبي(صلى الله عليه وآله) بالهذيان، وعندها لن يبقى دين ولا إسلام، كما أنّهم قد حشّدوا الألوف من الذين ساعدوهم على الانقلاب المسلح المخطط له مسبقاً ضدّ علي(عليه السلام) فيما بعد.
مجلة اليقين العدد (67)
[1] صحيح البخاري، البخاري: ج1، ص30.