1 - عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْمُخْتَارِ قَالَ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام): «لَوْ كَانَ لأَلْسِنَتِكُمْ أَوْكِيَةٌ لَحَدَّثْتُ كُلَّ امْرِئٍ بِمَا لَه وعَلَيْه»[1].
2 - عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مُسْكَانَ قَالَ: «سَمِعْتُ أَبَا بَصِيرٍ يَقُولُ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) مِنْ أَيْنَ أَصَابَ أَصْحَابَ عَلِيٍّ(عليه السلام) مَا أَصَابَهُمْ مَعَ عِلْمِهِمْ بِمَنَايَاهُمْ وبَلَايَاهُمْ، قَالَ فَأَجَابَنِي شِبْه الْمُغْضَبِ: مِمَّنْ ذَلِكَ إِلَّا مِنْهُمْ، فَقُلْتُ: مَا يَمْنَعُكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَالَ: ذَلِكَ بَابٌ أُغْلِقَ إِلَّا أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ صَلَوَاتٌ عَلَيْهِمَا فَتَحَ مِنْه شَيْئاً يَسِيراً، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّ أُولَئِكَ كَانَتْ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ أَوْكِيَةٌ»[2].
الشرح:
قال أبو بصير للإمام الصادق(عليه السلام): «مِنْ أَيْنَ أَصَابَ أَصْحَابَ عَلِيٍّ مَا أَصَابَهُمْ مَعَ عِلْمِهِمْ بِمَنَايَاهُمْ وبَلَايَاهُمْ»، (مَا) للتفخيم والتعظيم، والمراد به الأُمور الغريبة التي أخبرهم بها(عليه السلام) والظرف أعني (مَعَ) حال عن فاعل أصابهم، والمراد بــ(أصحاب علي) خواص أصحابه وهم أصحاب سرّه لا كلّهم يعني من أي سبب أصاب أصحاب علي(عليه السلام) من العلوم الغريبة والرموز السرية حال كونها مقرونة مع ما أصابهم من علمهم بمناياهم وبلاياهم كلّ ذلك بإخباره(عليه السلام) إيّاهم.
وأما قول أبي بصير (فَأَجَابَنِي شِبْه الْمُغْضَبِ)، لعلّ سبب غضبه عدم وجدانه من أصحابه من يصلح أن يكون محلاًّ لأسراره وقابلاً لإظهارها عليه.
فأجابه الإمام(عليه السلام) بقوله: «مِمَّنْ ذَلِكَ إِلَّا مِنْهُمْ»، و«ذَلِكَ» مبتدأ إشارة إلى السبب الذي سأل السائل عنه و«مِمَّنْ» خبره وضمير «مِنْهُمْ» راجع إلى أصحاب علي(عليه السلام) أي: ذلك السبب الذي يوجب إظهار الأُمور الغريبة والأسرار العجيبة ممّن يكون إلّا منهم فإنّهم لصلاحهم ورعاية حقوق إمامهم صاروا قابلين لإظهار السرّ عليهم.
وقول أبي بصير (مَا يَمْنَعُكَ) مفعوله محذوف بقرينة المقام أي: ما يمنعك إظهار السرّ على أصحابك كما أظهره علي(عليه السلام) على أصحابه.
فأجابه الإمام(عليه السلام): «ذَلِكَ بَابٌ أُغْلِقَ»، ذلك إشارة إلى إظهار السرّ المعلوم بحسب المقام وإغلاق بابه كناية عن عدم جواز إظهاره لعدم الوكاء على ألسنة الناس كما يشير إليه آخر الحديث.
وقوله(عليه السلام): «إِنَّ أُولَئِكَ كَانَتْ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ أَوْكِيَةٌ»، فلذلك صاروا قابلين لإظهار الأسرار وأما أصحابنا فلمّا لم تكن على أفواههم أوكية لم يجز لنا إظهارها عليهم لأنّه يصير سبباً لسفك دمائنا ودمائهم، وأولئك إشارة إلى أصحاب علي وأصحاب الحسين(عليهما السلام).
و«أَوْكِيَةٌ»، جمع وكاء ككساء وهو رباط القربة وغيرها، شبه الحالة التي تمنع الإنسان عن التكلّم بما يضرّه بالوكاء الذي يشدّ به رأس القربة للإفصاح والإيضاح.
مجلة بيوت المتقين العدد (83)