المرأة والجانب العبادي

قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[1].

لقد يسر الله العبادات على العباد، فلا تكليف على غير المستطيع، قال تعالى: (لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)[2] وذلك حتى يمارس الإنسان حياته بصورة متوازنة، ولا يعتذر بمنافاة العبادات مع متطلبات العيش الرغيد.

والعبادة فرض على المرأة والرجل من بني آدم، فينبغي للمرأة أن تراعي هذا الخلق المتقن وحق المنعم القدير في ذلك، فتكون صالحـة، سواء كانت بنتـاً، أم زوجـةً، أو أمّـاً، تعي مفاهيم دينها، وتؤمن بها إيماناً عميقـاً كيف لا؟، فإن الحيـاة في نظر المرأة المسلمـة الراشـدة لا تتعلًق بالأشياء المألوفة من قضاء الوقـت بأعمـال البيت والأسرة اليومية، بل هناك رسالة أبعد من هذا بكثير، تقع على كل مؤمن مسؤولية العمل بها وإيصالها إلى الآخرين، وهذا يشمل النساء كما يشمل الرجال كل بحسب إمكاناته وقدراته بل وإيمانه.

تستطيـع المـرأة المسلمـة أن تكـون في حال عبـادة مستمرّة، وهـي تقـوم بأعمالـها كلـها في بيتها، مادامـت على يقين أنـها مسؤولة عن رسالة عليها أداؤها في الحيـاة، كـما أراد اللـه لـها أن تكـون. فهي عابدة عندما تبـرّ والديـها، وحين تحسـن عشرة زوجـها، وأثناء عنايتها بأولادهـا، وعند قيامها بأعباء منزلها، وصلة أرحامـها.. الخ، ومادامـت تفعـل ذلـك منسوباً لأمـر اللـه، فإنها في عبادة.

وقد انتبهت كثير من النساء إلى هذه المسألة، فكانت تبني في أسرتها القيم والمبادئ النبيلة، بالدوام على نوع وكيفية العبادة، بل انعكس ذلك عند البعض على ثقافة وأخلاق الأزواج وعباداتهم عندما وجدوا الإيمان والعزم عند نسائهم في مسألة العبادة.

الذي نريد أن نقوله في هذه السطور أن الكثير من النساء تركز على أعمال المنزل من التنظيف والطبخ والعناية بالأطفال والأثاث يضاف إليها هذه الأيام متابعة التلفاز وتجعل ذلك ضمن أولويات واجباتها، بل تقدمها على عباداتها، فتؤخر صلاتها ودعاءها لانشغالها بتلك الأعمال، وهذه الحالة تسبب ركوناً للدنيا أكثر مما يجب، بالتالي تعتاد على التهاون بعباداتها، مما يؤثر على الجانب الروحي لها ولأسرتها، في حين أنّ أوقات ومدة العبادات وشروطها لا تؤثر على الأعمال المنزلية، كل ما هو مطلوب شيء من تنظيم الوقت، فالإنسان مكـون مـن جسـم وروح، وكـليهما لـه حق الأداء علـى المـرء، والمرأة إذا مارست هذا التنظيم فإنها تشعر بالاستقرار والراحة النفسية بإنجاز جميع مهامها المنزلية مع المحافظة على تكاليفها تجاه دينها وعلاقتها بالخالق الكريم جل وعلا.

المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (48)


[1] سورة الذاريات: 56.

[2] سورة البقرة: 285.