ذكرت الروايات أن الإمام المنتظر (عليه السلام) عند ظهوره وقيامه بالحق ونشر العدل سوف تقف الأعداء ضده، ويحاربونه هو وأتباعه، وتسيل الدماء وتزهق الأرواح، فلا تقبل كثير من الفِرق الضالّة أن تُـحيا السنن ويحكم الدين بالحق، ومن هذه الفرق
١ـ المنحرفون فكريّاً:
وهؤلاء إحدى الفرق التي تقاتل الإمام (عليه السلام)، وهم جماعة ممّن يفسّر القرآن برأيه الباطل، ويحتجّ عليه بكتاب الله، فقد روي عن الفضيل، قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: (إنّ قائمنا إذا قام استقبل من جهلة النّاس أشدّ ممّا استقبله رسول الله (صلى الله عليه وآله) من جهّال الجاهليّة).
فقلت: وكيف ذلك؟
قال: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتى النّاس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة، وإنّ قائمنا إذا قام أتى النّاس وكلّهم يتأوّل عليه كتاب الله، ويحتجّ عليه به.
ثمّ قال: أما والله ليدخلنّ عليهم عدله جوف بيوتهم كما يدخل الحرُّ والقرّ)[1].
٢ـ البتريّة:
وهم: (فرقة من الزيديّة، ينسبون إلى المغيرة بن سعد، وقال آخرون: إنّ البتريّة هم أصحاب كثير النوى، وهو الحسن بن أبي صالح، وسالم بن أي حفصة، والحكم بن عيينة، وسلمة بن كهيل، وأبو المقدام ثابت بن حداد، وهم الذين دعوا إلى ولاية عليّ فخلطوها بولاية أبي بكر وعمر، ويثبتون لهم الإمامة، ويبغضون عثمان وطلحة والزبير وعائشة)[2].
وذكر الشيخ المفيد:(أنّ عددهم بضعة عشر آلاف أنفس يدعون البتريّة، عليهم السلاح، فيقولون له:ارجع من حيث جئت فلا حاجة لنا في بني فاطمة، فيضع فيهم السيف حتّى يأتي على آخرهم)[3].
وقال الباقر (عليه السلام) في حديث طويل لأبي الجارود:(ويسير المهدي (عليه السلام) إلى الكوفة، فيخرج منها ستّة عشر ألفاً من البتريّة شاكّين في السلاح، قرّاء القرآن، فقهاء في الدين، قد قرّحوا جباههم، وسمروا ساماتهم، وعمّهم النفاق، وكلّهم يقولون: يا بن فاطمة، ارجع لا حاجة لنا فيك، فيضع السيف فيهم على ظهر النجف عشيّة الإثنين من العصر إلى العشاء، فيقتلهم أسرع من جزر جزور، فلا يفوت منهم رجل، ولا يصاب من أصحابه أحد ...)[4].
٣ـ المرجئة:
وهم من الفرق التي سيحاربها المهدي (عليه السلام) عند ظهوره، والمرجئة فرقة ابتعدت عن الإسلام غاية البعد بسبب عقائدهم المنحرفة، وارتكبوا الذنوب الكبيرة بلا خوف أو حذر.
كتب العلاّمة الطريحي (رحمه الله) عن هذه الفرقة الضالّة:(وقد اختلف في المرجئة، فقيل: هم فرقة من فِرق الإسلام يعتقدون أنّه لا يضرّ مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، سمّوا مرجئة لاعتقادهم أنّ الله تعالى أرجئ تعذيبهم عن المعاصي، أي أخّره عنهم)[5].
وقال بعض أهل المعرفة بالمِلَل:(إنّ المرجئة هم الفرقة الجبريّة الذين يقولون: إنّ العبد لا فعل له ...)[6].
وعن الكليني بسنده عن عبد الحميد الواسطي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: (قلت له: أصلحك الله، لقد تركنا أسواقنا انتظار لهذا الأمر حتّى ليوشك الرجل منّا أن يسأل في يده؟
فقال: يا أبا عبد الحميد، أترى من حبس نفسه على الله لا يجعل الله له مخرجاً؟ بلى والله ليجعلنّ الله له مخرجاً، رحم الله عبداً أحيا أمرنا.
قلت: أصلحك الله، إنّ هؤلاء المرجئة يقولون: ما علينا أن نكون على الذي نحن عليه حتّى إذا جاء ما تقولون كنّا نحن وأنتم سواء.
فقال: يا عبد الحميد، صدقوا، من تاب الله عليه، ومن أسرّ نفاقاً فلا يرغم الله إلاّ أنفه، ومن أظهر أمرنا أهرق الله دمه يذبحهم الله على الإسلام كما يذبح القصّاب شاته ...)[7].
المصدر: مجلة اليقين العدد (46)