تدور شبهة تمثيل الإمام الحسن (عليه السلام) حول حادثة اقتصاصه من ابن ملجم؛ جزاء جريمته النّكراء التي استُشهد على أثرها أمير المؤمنين(عليه السلام).
وقد أكّد أمير المؤمنين(عليه السلام) وهو على فراش الموت لولده الإمام الحسن(عليه السلام) بوصية ذكر فيها الرفق بقاتله، وأن يقتصّ منه ضربةً بضربة[1].
ويُفهم من تلك الشبهة أنّ الإمام الحسن(عليه السلام) لم ينفّذ وصية أبيه، كما ورد في بعض كتب العامة، ككتاب الفتنة الكبرى لطه حسين، والكامل للمبرّد، وبدائع الفوائد لابن القيّم، وغيرها الكثير.
وردّاً على تلك الشبهة نقول:
حرّم الإسلام التنكيل والتمثيل بجسد الميت والحي مهما كانت ديانته أو جريمته، فقال تعالى: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ..)[2]، وروي عن النبي(صلى الله عليه وآله) أيضاً: «إَيّاكُم وَالمُثلة وَلَوْ بِالكَلْبِ العَقُور»[3].
فحرمة التمثيل بأجساد المسلمين هي من المسلّمات في الفقه الإسلامي على اختلاف مذاهبه، فإذا كان ذلك واضحاً وضوح الشمس في رابعة النهار عند المسلمين كافة، فهل يُعقل خفاؤه على مَنْ نشأ في بيت النبوة ومهبط الوحي؟! وهو ابن بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وإمام معصوم، وقد قال فيه النبي(صلى الله عليه وآله): «إِنّ ابني هَذا سَيّد»، وقال فيه وفي أخيه(عليه السلام): «ابْنَاي هَذَان إِمَامَانِ، قَامَا أَوْ قَعَدَا»[4]، فلِم التجاوز على ريحانة رسول الله(صلى الله عليه وآله) ورمز أشم من رموز الإسلام.
فأهل البيت (عليهم السلام) هم عِدلُ القرآن وخصّهم الله بالطّهارة من الرّجس في قوله: (إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)[5]، فهل يمكن بعد ذلك لعاقل التصديق بصدور ما تشمئز منه النفوس السليمة، من شخص تجلّت فيه قيم جدّه وأبيه وأُمّه (صلوات الله وسلامه عليهم)؟!! ومنافاته أيضاً مع عصمته التي نصّت عليها آيات وروايات كثيرة كالآية المذكورة آنفاً؛ لأنّ التطهّر هو التنزّه عن الآثام والقبائح وذلك مختصّ بهم (عليهم السلام).
المصدر: مجلة اليقين، العدد (55)، الصفحة (10).