تحفة معمارية ودينية في قلب العاصمة عمان:
المسجد الحسيني الكبير أحد أقدم المساجد في المملكة الاردنية الهاشمية يقع في وسط العاصمة عمّان، ويعدّ معلما دينيا وتاريخيا بارزا فيها، فهو أول مشروع عمراني أقيم في العاصمة عمان بعد اتخاذها عاصمة للدولة الأردنية الحديثة عام 1921، وقد أسسه الأمير عبد الله بن الحسين عام 1923، وبوشر البناء في الجامع الحسيني العام 1924، لينتهي العمل به العام 1927، وسمّي بهذا الاسم نسبةً إلى الشريف حسين بن علي (قائد الثورة العربية الكبرى في الجزيرة العربية وبلاد الشام) عام 1916.
ويقوم بناء المسجد على موقع مسجد قديم، لا تتوفر أدلة موثقة حول تاريخ بنائه، ويقع المسجد الحسيني في وسط العاصمة عمّان في أول شارع الملك طلال والذي يخترق وسط البلد وصولا إلى رأس العين حيث منبع سيل عمان الذي جف قبل زهاء نصف قرن، وتطل عليه أهم أحياء عمان القديمة كجبل عمان وجبل الأشرفية وجبل التاج وغيرها، كما تحيط به أسواق تجارية مشهورة وعريقة.
على يمينه يقوم سوق السكر، إحدى أقدم أسواق العاصمة، وعن يساره سوق البخارية، ليجد المار بجانبها سوقي الحميدية واليمنية التي تباع فيهما أنواع متعددة من الملابس الجديدة والقديمة والأقمشة والحبوب والأعشاب الطبية ومواد العطارة.
ووسط الساحة الخارجية للمسجد، يتواجد بائعو مكعبات العطور بروائحها العطرة، وآخرون يبيعون المسابح وسجادات الصلاة والعطور والسواك وكتب الأدعية.
كما يعتبر مقصدا مميزا للسياح من الجنسيات كافة، لأنه يستهويهم ببنائه العريق ويدفعهم لالتقاط الصور له.
ولعل ما يميز هذا المسجد بطابع خاص هو القيمة التاريخية والدينية والسياسية التي يتمتع بها، فمن واحة هذا المسجد تشابكت أيدي العديد من المواطنين الذين علت أصواتهم للمطالبة بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والعدالة الاجتماعية.
الطراز المعماري الفريد:
الطراز المعماري للمسجد الحسيني طراز عثماني يشابه الطرز المعمارية لمساجد عديدة في مدن أردنية وفلسطينية، وعند الدخول إلى المسجد تشعر براحة كبيرة داخل هذه التحفة العمرانية وأسلوب بنائه القديم في هندسية غريبة ومتقنة تشعرك ببرودة الجو رغم الحر القوي خارج المسجد، وتلفت نظرك الرسومات والزخرفة المنقوشة على الحائط.
يبلغ طول المسجد الحسيني 58.5 متراً وعرضه 12.5 متراً، والمسجد مبني بالكامل بحجارة مصنعة بشكل منتظم، وللمسجد الحسيني مئذنتان كبيرتان أحداهما أطول من الأخرى، حيث ترتفع اليمنى 70 متراً واليسرى 35 متراً، وأول ما يستقبل الداخل إليه هو صحن المسجد المجزّأ إلى قسمين، والمسجد ذو فناء كبير، ومزخرف بنقوش إسلامية، وتحيط به من الجهات الثلاث رواق أمامي ورواقان جانبيان وهي سقائف محمولة على أعمدة، ثم بيت للصلاة سقفه محمول على أعمدة أيضاً تتجه عمودياً نحو حائط القبلة، ويتوسط المسجد نافورة وبركه صغيرة للوضوء تعلوها قبة بقيت خضراء لعقود قبل أن يُعاد تأهيلها مؤخرا وتزخرف بنقوش بديعة وآيات قرآنية، وتحيط بها مقاعد حجرية يجلس عليها المتوضئون.
أُجريت في المسجد الحسيني أعمال إصلاحات وتجديدات واسعة في العامين: 1986م، 1987م، حيث تم تنظيف واجهته وتطعيمها بمزيد من الزخارف.
وتتميز جدران المسجد بنقوش مزركشة ومختلفة الأشكال، إذ إن الواجهة الرئيسية للمبنى مبنية من الرخام الوردي، يتجاوز ارتفاعها 20 مترا ويبلغ سمكها مترا ونصف المتر، كما أنه ثمة 4 نوافذ واسعة على كل من جانبي البوابة الرئيسة، والتي تزيّنها مع البوابات الأخرى أقواس نصف دائرية تضفي عليها جمالية شرقية، وقد زيّنت الواجهة المطلة على صحن المسجد بمكعبات الفسيفساء الملونة.
لهذا المسجد محراب يقع في وسط الحائط الجنوبي للمسجد وهو عبارة عن محرابين متداخلين عليهما قوسان نصف دائريين، والقوس الخارجي بُني من الحجارة الحمراء والرخام الابيض ويعلوه مستطيل كتب في وسطه الآية الكريمة (فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ)[1].
والمسجد مؤلف من طابقين وينقسم الطابق الثاني إلى صفوف من الأعمدة، ترتفع قرابة المترين، وتربط بينها أقواس تحمل على متنها سقف المسجد، كما يزدحم الطابق الثاني بالمصلين في شهر رمضان وفي عيدي الفطر والأضحى، حيث إنه في بقية أيام السنة يصلي الناس في الطابق الأول الذي يتسع لعدة آلاف منهم.
تاريخ المسجد:
كان موقع المسجد عبارة عن أطلال كاتدرائية قديمة بني عليها مسجد في القرن السابع الميلادي وأعيد ترميم هذا المسجد العام 1924 في عهد الدولة العثمانية؛ حيث يعد هذا المسجد واحداً من أجمل مساجد العاصمة وهو نقطة تجمع رئيسية في وسط البلد.
وللمسجد حكايته التي تميزه، فهو يعد من أقدم المساجد التي شيّدت خارج شبه الجزيرة العربية ومرت عليه مراحل ترميم وإعادة بناء في عهود سابقة من ضمنها العهد الأموي.
توابع المسجد:
وتتبع المسجد دار لتعليم القرآن الكريم ومصلى للنساء ومتوضأ ومكتبة إسلامية ومرافق يطلّ بابها على سوق السكّر، ومحلات تجارية تختص ببيع العطور والكتب والتسجيلات الإسلامية.
الباحة الأمامية للمسجد:
للمسجد باحة مبلطة كبيرة لا تقل مساحتها عن 500 متر مربع وتعتبر أحد أهم المعالم في وسط البلد، وغالبا ما تجتمع فيها جنسيات مختلفة وعمال وافدون عرب وأجانب، كما يعرض فيها الباعة كتب وتسجيلات دينية، وفي إحدى زواياها سبيل ماء رباعي الأضلاع ومزخرف بالآيات القرآنية.
المصدر: بيوت المتقين (37) شهر محرم 1438هـ