بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الخلق وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم من الأولين والآخرين.
احتلّت زيارات المعصومين (عليهم السلام) زاوية مهمّة من زوايا ثقافة مدرسة أَهل البيت (عليهم السلام)، وحجراً مهماً في بناء الولاء الخالص لهم (عليهم السلام)، وأَخذت جانباً مهماً من اهتمام المعصومين (عليهم السلام) والتأكيد عليها من قبلهم (عليهم السلام)، فعن نبينا الخاتم (صلى الله عليه وآله) أَنه قال: «يَا عَليُّ مَنْ عَمّرَ قُبُورَكُمْ وَتَعَاهدَهَا فَكَأَنّمَا أَعانَ سُلَيْمَانَ بنَ دَاودَ عَلى بِنَاءِ بَيْتِ المَقْدِسِ»[1].
والسبب في ذلك كون زياراتهم(عليهم السلام) تمثل أُسلوباً تربوياً وتعليمياً من أَساليب أَهل بيت العصمة والطهارة مع أَتباعهم ومواليهم، وتمثل قناة مهمة للانفتاح على شيعتهم والنفوذ إِلى أَذهانِهم وقلوبهم، إِذ أَنَّ تلك الزيارات المباركات ضمّت بين ثناياها فقراتٍ ذاتَ مضامينَ عقائدية وتوحيدية عالية، وتضمّنت أَيضاً التعريف بذواتهم الطاهرة ومقاماتهم السامية.
فلا ينبغي أَن يغفل الموالون أَيّدهم الله تعالى أَثناء تلاوتهم وأَدائهم للزيارات عن التفطّن والتأمّل في تلك الفقرات العظيمة.
ولا ينبغي للمؤمنين الموالين أَيضاً الاقتصار على قراءة زيارة دون زيارة أخرى من الزيارات المتعددة، لأَن الدُّرر والجواهر، وخزائن الكنوز الإِلهية النفيسة قد بثّها أَئمتُنا(عليهم السلام) في جملة الزيارات المكانية والزمانية، وأَعطوا مفاتيح تلك الكنوز والخزائن لمن تطهر بماء ولايتهم، وأَخلص لهم في الطاعة والولاء، لأَنَّ تلك المضامين العميقة لا ينالها إِلا ذو حظٍ عظيم (إنَّه لقرآن كريم * فِي كِتَابٍ مَكْنُون * لا يَمَسُّهُ إلَّا المُطَهَّرُون)[2].
ويمكن للقارئ الكريم أن يجد ما جاء في كلامنا عندما يرجع إِلى الزيارات المروية عنهم(عليهم السلام)، فالمروي في زيارات أَمير المؤمنين(عليه السلام) أَكثر من تسع زيارات، وهكذا زيارات إِمامنا الحسين(عليه السلام) التي زادت على زيارات المعصومين(عليهم السلام) عدداً، ناهيك عن الزيارات العامة والجامعة لأَئمتنا(عليهم السلام)، التي تُعدُّ من الموسوعات المعرفية في مقامات ومنازل أَهل البيت(عليهم السلام).
مجلة اليقين العدد (28)