من أهم آثار القصّة القرآنية استلهام العبرة والحكمة، والاستفادة منها لبناء الشخصية السليمة من الانحراف، وقصة النبيّ آدم عليه السلام أبو البشر فيها فِكَر وعِبَر مهمةن وسنذكر الآن موقف إبليس من آدم عليه السلام كفصل من فصول القصة .
عندما نفخ لله في الصلصال من روحه سبحانه وخلق آدم عليه السلام، دبّت الحياة في جسده، فتح آدم عينيه فرأى الملائكة كلّهم ساجدين له عدا إبليس لم يمتثل ولم يسجد، فوبّخ الله تعالى إبليس: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ} ص:75. فرد إبليس ولسانه يقطر بالحسد: {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِين} الأعراف :12
وبهذا الرد اللا مؤدّب استحق الطرد من النعيم: {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} الحجر :34 فصار طريداً ملعوناً بعيداً عن رحمة لله تعالى في عذاب مهين {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} ص :85 فزاد حسد إبليس وتحوّل إلى مرحلة الحقد: {قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} ص:79 {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} ص:82
إذاً صرّح إبليس بمنهجه وحدّد طريقه تجاه الآدميين بالسعي لغوايتهم، مستثنياً المخلصين {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} الحجر:40عجزاً منه عن غوايته.
من العِبَر المهمّة في هذا الفصل أن أسلوب الحوار والحجّة والدليل هو الذي يوصل الى النتائج؛ لتكون العقوبة عن استحقاق ودليل، كهذا الحوار بين لله تعالى وإبليس، فإنه تم طرده من رحمته تعالى بعد أن تجاهر بالعصيان، وأساء أدب الربوبية، فراح خاسراً خاسئاً .
ومنها أن الإنسان له عدوّ يحاول أن يخرجه عن طريق لله تعالى حسداً وحقداً وانتقاماً لطرده فينبغي التوقّي منه وعدم الأمن من مكره في كل فعل وقول .
ومنها أن العبد إذا كان مخلصاً ويتصرّف عن دين وتقوى فإن لله سبحانه سيكتب له التوفيق والأمان من الشيطان، وهذا ما صرح به إبليس عندما أخبر عن أحد الدروع الواقية منه ومن مكائده وغوايته (إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) سورة ص: 83، وهو أن يكون القلب في جوٍّ من الإخلاص والتقوى وأن يكون العبد دائماً متعلقاً بالله تعالى بذلك يطرد إبليس عن حياته كما طُرد إبليس من رحمة لله تعالى.