في إحدى الأيام أودع رجل عطارا جاره بالسوق عقدا نفيسا وباهظ الثمن للغاية أمانة أراد أن يحفظه ممن حوله، وبعد مرور بضعة أشهر أراد الرجل أن يعطيه لابنته الوحيدة التي جاءت من سفرها، ولكن العطار أنكر عليه عقده، وأقسم أنه لم يأخذ منه شيئا.
استاء الرجل من العطار وما فعله معه، فذهب للحاكم ليشكو إليه أمر العطار جاره وما فعله معه، كان الحاكم حكيماً للغاية، فطلب من الرجل أن يذهب للسوق ويجلس بجانب محل العطار لمدة ثلاثة أيام على التوالي، وباليوم الرابع سيمر الخليفة بجواده ومعه رجاله، طلب منه الحاكم ألا يقوم من مكانه له، وإذا سأله عن شيء فعليه أن يجيبه على قدر السؤال ليس إلا، وبمجرد أن ينصرف القاضي من أمامه عليه أن يذكر العطار بأمر عقده في الحال.
وبالفعل نفذ الرجل كل ما طلبه منه الخليفة بالحرف الواحد، وباليوم الرابع جاءه الحاكم مع رجاله، والكل من حول الرجل استقام باستثنائه، اقترب الحاكم من الرجل وسأله قائلاً: لم أرك منذ زمن.
فأجابه الرجل قائلا دون أن يقف بمكانه، وبشكل بدا عليه اللامبالاة أيضاً: سأمر عليك ريثما أفيق بإذن الله.
استأذن منه الخليفة بالرحيل، وبعدها قبل أن يذكر الرجل العطار بأمر عقده، وجد العطار نفسه هرع إليه مسرعا يسأله عن الشيء الذي فقده، فأخبره بأمر العقد، فأمسكه من يده وتظاهر بأنه يبحث عنه بكل مكان بمحل عطارته، وفي النهاية وجده وأعطاه إياه.
ذهب الرجل للحاكم مرة أخرى ليؤكد له أن خطته التي رسمها له قد نجحت نجاحاً باهراً، وأن العطار قد أعطاه العقد، فأمر الحاكم بالإتيان بالعطار وعاقبه أشد عقاب على خيانته.
العبرة المستفادة من القصة:
أمثال العطار في مجتمعنا كُثُر-للأسف الشديد- فهم يرتكبون المعاصي ويخنون الأمانة، وينسون قدرة الله عليهم، فينبغي أخذ العبرة ممن سبقنا بالمعصية، والآن خلت الدنيا منهم ولا يذكرون إلا بالسوء.
المصدر: مجلة بيوت المتقين، العدد (98)، صفحة (30)