ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ»

الحياة مسيرة عمل وجهد في طريق النجاح، وغير ذلك تراجع وتقهقر أمام واجب الإنسان تجاه نفسه ومجتمعه؛ لأنّ جدارة الحياة في العمل والنجاح، ومَن ينجح يختار الصواب ومنطق العقل، ومَن يفشل، أو يختار غير ذلك يكون قد اختار غير طريق السعادة والنجاح، فقد قرن النجاح بالعمل والعجز بالكسل، وهنا نجد أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) يؤكد أنّ العمل أهم عوامل النجاح والرقي وتحقيق المطالب، ولا ينفع غيره لتحقيق ذلك-باعتبار أنّ الله واهب العطايا قد أكد أنّه لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم - فكون أحد الناس ابن رمز اجتماعي، أو ديني، أو فكري، أو غير ذلك مما له أهميته مجتمعياً ،لا يغيّر من وجه الحقيقة شيء، بل يبقى لكلٍّ عمله، فالناجح نجاحه بعمله، لا بنسبه وإن كان له اعتبار يحترم صاحبه له، لكن لا يعزز ذلك من وضعه واحترامه لنفسه أمام ضميره والحقيقة شيء؛ لأنّ لكلٍّ عمله أمام الله، وعنه يُسأل، وقد خاطب الله عباده بقوله: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)[1].

وقال أيضاً: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا)[2]، نعم عمل المرء يعلو به أو يهبط، أمّا نسبه فلا يقوم مقام العمل للإنسان، والعبرة لمَن سبق بعلم أو عمل، وبقيَ ذكره مخلّداً، وشرفه ناصعاً بين أقرانه، إنّه خطاب المعرفة وبناء الثقافة عند أمير المؤمنين(عليه السلام) ينطلق من الذات، لا بالاعتماد على صفات بعيدة عن عالم العمل والاختيار.

مجلة ولاء الشباب العدد (59)

 


[1] المائدة: 105.

[2] الجاثية : 15.