نجم من النجوم التي سمت في سماء العقيدة والولاء لأهل بيت النبوة (عليهم السلام)، والذي كانت له البصمات الواضحة والجلية مع المعصومين (عليهم السلام)، هو ذلك البطل الشجاع والموالي الأمين هانئ بن عروة (رضي الله عنه)، ولمناسبة شهادة هانئ بن عروة في شهر ذي الحجة الحرام فقد ارتأينا أن يخصص باب (نجوم في سماء العقيدة) لهذا العدد باسم هذا المخلص الشجاع.
هو هانئ بن عروة بن الفضفاض بن نمران المرادي، يرجع نسبه إلى بني مراد من قبيلة مَذحِج، وكان (رضي الله عنه) من أبرز وجوه الكوفة وأشرافها، وكان شيخ مراد وزعيمها إذا ركبَ، ركبَ معه أربعة آلاف دارع وثمانية آلاف راجل، فإذا أجابتها أحلافها من كندة وغيرها كان في ثلاثين ألف دارع. الإمامة والسياسة، ابن قتيبة: ج 2، ص 4.
كان(رضي الله عنه) أحد خواص أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالب(عليه السلام)، وكان شديد الولاء له، وشارك معه في جميع حروبه ضدّ الناكثين والقاسطين والمارقين في الجمل وصفين والنهروان[1]، وكان أحد أقطاب ثورة حجر بن عدي ضد عبيد الله بن زياد، ومن أشدّ المعارضين لبيعة يزيد التي رام معاوية أخذها من الكوفيين.
وكان الدور البارز لهذا البطل الموالي الذي ما ختم به عاقبته ونال به سعادته هو ما سطره من شجاعة وبطولات في قضية جعل بيته مركزاً للنشاطات السياسية المناهضة للحومة الأموية الظالمة بمجرد قدوم اللعين ابن زياد إليها، وفي نفس الوقت لعب هانئ(رضي الله عنه) دوراً بارزاً وقيادياً في احتضان نهضة مسلم بن عقيل(عليه السلام) في الكوفة، فقد فتح أبوابه لمسلم بن عقيل(عليه السلام) بعد أن كان في دار المختار الثقفي؛ بسبب اكتشاف أمر مسلم من قبل رجال ابن زياد، فكانت داره مختلفاً لشيعة أهل البيت(عليهم السلام) ولخدمة قضية مسلم بن عقيل، بسبب ما يتمتع به هانئ من النفوذ والوجاهة في الكوفة.
إلا أن جواسيس الباطل وعيون أهل الظلم قد أوقعت هذا القائد الشجاع في شباك عبيد الله بن زياد في قصة يذكرها أرباب السير والتاريخ[2]، ففي الثامن من ذي الحجّة سنة ستين للهجرة وبعد شهادة مسلم بن عقيل أمر عبيد الله بن زياد بضرب عنق هانئ بن عروة فضربه مولى لعبيد الله بن زياد بالسّيف في سوق القصابين بعد أن شدّ كتافاً، فالسلام عليه يوم ولد، ويوم استشهد، ويوم يبعث حياً.
المصدر: مجلة اليقين العدد (53)، الصفحة (11).