شهد التأريخ الإسلامي ادعاءات ودعاوى كاذبة تنتحل شخص الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) والقضية المهدوية، فمن حق المسلم أن يعرف كيف يميّز تلك الافتراءات الكاذبة، وخصوصاً دعوى الظهور المبارك.
أولاً: من المسلمات عند الإمامية وجود علامات حتمية للظهور، وهي واضحة تأبى التزوير، كالصيحة والخسف بجيش السفياني والخسوف والكسوف في غير وقتها المعتاد، وهي لا تقبل التشكيك، خاصة للمؤمنين بهذه القضية المباركة، وهذا الأمر حصل مع نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله)، فورد أنّه عند ولادته (صلى الله عليه وآله) انكسر إيوان كسرى، وأُخمدت نار فارس التي كانت تعبد، وجفّت بحيرة ساوة، ورُميت الشياطين بالنجوم، حتّى ظنّت قريش أنها قيام الساعة.
إذن فالعلامات الحتمية هي قرائن ودلائل بارزة على الظهور الحق.
ثانياً: إنّ الظهور واقع خارجي، وليس مجرد دعوى أو استجداء الأنصار بالمال والغفلة كما يفعل المفترون، بل المُنْتَظر لا يظهر حتى تَكْتملَ أَتباعُهُ، وسيباشر بتحرير الأَرض من الظلمة، فمراحل حركة ظهور الإمام واضحة رسمتها الروايات الشريفة حتى من الناحية الجغرافية كالتَّحرُّك من المدينة المنورة إلى مكة ثم الى المدينة المنورة، ومنها إلى العراق، وبعد ذلك الاستقرار في الكوفة، وكل هذه الأخبار يجب أنْ تؤخذ بنظر الاعتبار، ومع إضافتها إلى دلائل أخرى فإنّ معرفة الشخص للإمام (عليه السلام) سيكون بيّناً سهلاً.
ثالثاً: تكامل عقول المؤمنين وأحلامهم عند الظهور المبارك كما تشير الروايات، وهذا يعني أن السذاجة وقابلية الخداع والانجرار وراء كل ادّعاء، واتّباع الظنون والشكوك هي غير متوقعة بين صفوف المؤمنين، فقد قال الإمام الباقر(عليه السلام): (إِذَا قَامَ قَائِمُنَا وَضَعَ الله يَدَه عَلَى رُؤُوسِ الْعِبَادِ فَجَمَعَ بِهَا عُقُولَهُمْ وكَمَلَتْ بِه أَحْلَامُهُمْ)[1]، وعنه(عليه السلام) أيضاً: «كأنّي بأصحاب القائم (عليه السلام) وقد أحاطوا بما بين الخافقين، فليس من شيء إلّا وهو مطيع لهم حتى سباع الأرض وسباع الطير، يطلب رضاهم في كل شيء حتى تفخر الأرض على الأرض وتقول: مرّ بي اليوم رجل من أصحاب القائم(عليه السلام)»[2].
هذه أُمورٌ ثلاثةٌ يمكن بها تمييز الدعاوى الكاذبة التي يثيرها أعداء أهل البيت (عليهم السلام)، وبها يعرف الدعاوى الصادقة.
ثم إن الحق والصدق لا بدّ أنْ يكون مميزاً ومختلفاً عن الكذب والادّعاء والافتراء، كون الحق منصوراً من قبل الحق تعالى، وكون الصدق مقروناً بقرائن وأدلة لا تُدَّعى ولا تُفترى، ولهذا عبّر الأئمة (عليهم السلام) بأنّ أمرهم أبين من الشمس.
وفي الختام فإن من أفضل أعمال المؤمن التي تؤول إليه بالبركة والتوفيق لمعرفة الإمام حين خروجه، هو الانتظار الصحيح في عصر غيبته الانتظار المتحد مع الإِخلاص لله تعالى في قصد النصرة والعون لصاحب الزمان(عليه السلام)، البعيد عن المصالح الدنيوية من الجاه والرياء والسمعة والمال، وكون العبد مخلصاً وعاملاً بالأوامر الإلهية وتوجيهات أهل البيت(عليهم السلام)، والانتظار هو عمل عبادي له أركانه وشروطه وواجباته، وليس مفهوم الانتظار هو الترقّب وتوقّع الظهور بلا فكر وعمل وإخلاص، فالانتظار تهيّؤ وعمل دؤوب، لغرض تحقيق مقدمات الظهور الملائمة.
المصدر: مجلة اليقين العدد (24)