نتيجة لغياب الوعي والإدراك لدور المرأة في الحياة تناثرت الصيحات في عالمنا اليوم من هنا وهناك في دعوة إلى تحرير المرأة، و مساواتها بالرجل، وكأنها تعيش بيننا في سجن يفصلها عن الحياة الإنسانية، والمخاطب بهذه الدعوة هي المرأة المسلمة بالذات، والمشكلة أن أصحاب هذه الدعوة وضعوا بديلاً لا يتلاءم مع طبيعة المرأة وتكوينها النفسي والعاطفي، وهذا البديل هو تقليد المرأة الغربية، ومحاكاتها في كل شيء بدءً من التنازل عن لباس الدين، والاستخفاف بالحجاب، وانتهاءً بآخر إعلانات الموضة والأناقة، وانتخاب ملكة الجمال، والغور في شبكات الفساد وغيرها.
وعندما نضع هذه الدعوات تحت عدسة الحقيقة لا نراها تتضمن إشفاقاً على المرأة، ولا تسير نحو تحريرها من العبودية كما يزعمون بقدر ما هي دعوة للفساد والإفساد، فهي في مرحلة التطبيق لا تنتج شيئاً مما يعِدون به المجتمع الإسلامي، غير الخروج عن تعاليم الدين، والتمرّد على النظام الأسري الإسلامي الذي أثبت صلاحيته وفعاليته في تحقيق حياة مستقرة وهادئة، ولا يخفى على أحد ما يجري من أحداث عند مخالفة هذا النظام الحصين، فما أن تمردت البنت على الأسرة سواء كانت زوجة أو أماً أو أختاً، حتى ازدادت حالات الانحراف الأخلاقي وارتفعت نسبة الجريمة وإزهاق الأرواح بين أفرادها.
إن المجتمع المسلم يأبى بثقافته الدينية وتركيبته الاجتماعية أن تكون المرأة سلعة رخيصة بأي عنوان، لكن الذين يسعون لهدم كيان الأسرة المسلمة عن طريق تغيير فكر المرأة وسلوكها لا يملّون ولا يكلّون لأن ذلك يؤدي إلى هدم المجتمع برمته، وبالتالي ضعف الإسلام والمسلمين، وتنازلهم عن ثوابتهم التي ترسم حياتهم.
ونحن إذا نظرنا إلى المجتمع الغربي، نراه قد وقع في هذه المحاذير والمكائد الشيطانية، لكنه ارتضاها منهجاً لنفسه ولو كان يتّسم بالانحراف، وشجّع ذلك البعد السياسي الذي استفاد من انهماك مجتمعاتهم في هذه الأفكار كوسيلة إلهاء عن التفكير في طريقة الحكم وإدارة البلاد.
ومن جهة أخرى، فإن كثيراً من التفاصيل السيئة والنتائج السلبية لهذا المنهج عندهم لا تصل إلينا، فيتصور البعض أنهم يعيشون حياةً هادئة تحت ظل ثقافة الانحراف، إلا أن المُجون والاختلاط غير المنضبط جعلت منه مجتمعاً معقداً مليئاً بالكآبة والحزن وعدم الاستقرار النفسي، وأن ضحايا الاختلاط والحرية يملؤون السجون والأرصفة والأماكن المشبوهة.
لقد أدى هذا النوع من التحرّر إلى زلزلة القيم والأخلاق وتفكك الأُسَر، فالفتاة هناك تلعب وتلهو مع من تشاء وكيف تشاء تحت سمع عائلتها وبصرها، وهي تتحدّى كل القيم الأخلاقية باسم تلك الحريات.
هذا هو واقع حال المرآة في الغرب تلاحقها ويطاردها الخوف من المستقبل، فهي متى ما بلغت السن القانوني عندهم صارت بلا أب يشفق عليها، ولا أم تدفع عنها، وتراها تخرج للبحث عن كسب لقمة تعيش بها، وتصارع الحياة لوحدها من أجلها.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (37)